24-أكتوبر-2020

(Getty)

بعد إعلان وزير الخارجية المكلف عمر قمرالدين، موافقة الحكومة الانتقالية على تطبيع العلاقات مع دولة إسرائيل، كان للنساء السياسيات رأي في القضية، وصوت مسموع داخل الحاضنة السياسية للحكومة، يرد في تقرير "الترا سودان".

معركة وجود

لمياء عبد الماجد: تحسين صورة السودان خارجيًا لا يتوقف على التطبيع مع إسرائيل

بدأت المحامية لمياء عبد الماجد حديثها بالقول، أن قضية التطبيع مع إسرائيل مشروع قديم، بدأ مع نظام الإنقاذ البائد، وتابعه البرهان الذي يصفه البعض بذراع البشير الذي لا يزال مستمرًا في الحكم. ووصفت لمياء المعركة مع إسرائيل بمعركة وجود، مبررة قولها إن إسرائيل دولة مغتصبة ولها تاريخ طويل في انتهاكات حقوق الإنسان.

اقرأ/ي أيضًا: قوى الإجماع الوطني تعلن رفضها القاطع للتطبيع

تقول لمياء لـ"ألترا سودان" إن الانتكاسة بدأت بعد التوقيع على معاهدة "كامب ديفيد"، وتضيف، أن السماح لإسرائيل بالدخول داخل السودان يعني دخول الموساد والمخابرات الدولية، إضافةً إلى الخصوصية الثقافية التي لا تحصر القضايا في مسألة الأكل والطعام، إنما القضايا المبدئية. وأوضحت أن تحسين صورة السودان خارجيًا لا يتوقف على التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وإنما يتم عن طريق التعامل الإيجابي مع المجتمع الدولي والانتصار لقضايا المستضعفين.

بتوقيت أمريكا أم الخرطوم؟

من جانبها، رفضت القيادية بحزب الأمة القومي، إحسان عبدالله البشير، سياسة الحكومة الانتقالية في ربط مسألة التطبيع بحل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد حاليًا، ووصفتها بالمذلة. شرحت قولها بأن الشعب السوداني لم يربط يومًا بين مبادئه وأفكاره وقيمه ولقمة الخبز، وأشارت إلى أن الصفوف التي انتظمت أرجاء العاصمة سعيًا وراء الخبز والوقود، لن تختفي في يومٍ واحد بعد التوقيع مع دولة إسرائيل. وتضيف إحسان أن المبادئ لا تتجزأ عند الحديث عن دولة عنصرية، ولا يجوز الربط بين المساعدات المالية والتطبيع لأن في إذلال للشعب السوداني.

اقرأ/ي أيضًا: احتجاجًا على التطبيع.. المهدي يعلن انسحابه من مؤتمر تنظمه وزارة الشؤون الدينية

وتابعت إحسان البشير: "جميع الحكومات الدكتاتورية التي حكمت السودان منذ النميري إلى عمر البشير باعوا قضايا الوطن دون مكاسب للشعب"، وضربت مثالًا بصفقة تهجير "الفلاشا" لتحسين الوضع الاقتصادي دون جدوى، مضيفة أن الحكومة الحالية تتابع ذات النهج السياسي في العلاقة مع دولة إسرائيل. وترى البشير أن الجهاز التنفيذي للدولة تسرع في الدخول في قضية التطبيع دون إكمال هياكل السلطة وعلى رأسها المجلس التشريعي، وكان على الحكومة أن تصرح بالقول إنها غير مخول لها البت في مثل هذه القضايا، لأنها حكومة مكلفة وليست منتخبة في المقام الأول لإدارة البلاد لفترة زمنية محددة.

إحسان البشير: المحتجين بدأوا في بناء المتاريس احتجاجًا على قرار التطبيع، منذ الأمس

وطالبت إحسان البشير، الحكومة بالتراجع عن قرارها، قائلة: "المحتجين بدأوا في بناء المتاريس احتجاجًا على قرار التطبيع، منذ الأمس". وأعربت عن أسفها لحجم الأموال الطائلة التي دفعت ثمنًا لرفع أسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مضيفة بأن الاستفادة منها في الداخل كانت ستكون مضاعفة. وقالت الشير إن الحكومة أعلنت قرار التطبيع أمس ليلًا، بتوقيت أمريكا، وفي حال كان الإعلان نهارًا فأن الشوارع ستمتلئ بمظاهر الغضب الشعبي ضد القرار.

ما بعد إعلان التطبيع

قالت القيادية في تجمع النساء السياسيات، انتصار العقلي، إن التطبيع الذي تم مع دولة إسرائيل كان سياسة أمر واقع، وضعت فيه الحكومة التنفيذية دون الرجوع للجمهور لأخذ المشورة، وأكدت أن المسألة (الإسرائيلية-الفلسطينية) هي صراع على الأرض وظل الشعب السوداني طوال تاريخه الطويل يقف مناصرًا للشعب الفلسطيني ضد مغتصبي أرضه، وتابعت أن ما حدث إذعان من السودان لأمريكا، لأن الشعب السوداني وضع تحت سلطة الأمر الواقع.

وتذكر العقلي بخرطوم اللاءات الثلاثة، قائلة الشعب يرفض هذه المسألة، وينحاز دائمًا لأصحاب القضية العادلة، وأن دول المواجهة في منطقة الشرق الأوسط وضعت تحت خيارات صعبة لرفضها سياسة التطبيع كما حدث في دول ليبيا، سوريا، العراق، والآن تحمل أمريكا ومن خلفها إسرائيل العصا للسودان للمضي في سياسة التطبيع.

"هل ثمة صلة لقضية رفع أسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بالتطبيع مع دولة إسرائيل؟" 

تقول العقلي أنه عمليًا ليس ثمةً علاقة واضحة بين رفع أسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومسألة التطبيع مع إسرائيل، لأن الأولى كانت عقاب وحصار اقتصادي نتاج سياسة النظام المباد، لكن، وضح أخيرًا أن هناك خفايا بين القضيتين، وتزامنت الواحدة مع الأخرى. ووصفت هذا التزامن بالتراجع من قبل الحكومة والمجلس السيادي، وأكدت أن الشعب لا يزال ينتظر رأي الشق المدني فيما يحدث من أفعال المكون العسكري، وتساءلت أين صوت المكون المدني في قضية التطبيع؟ وأبدت العقلي دهشتها أن تمر هذه القضية على رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك، قائلة إن هناك عددًا من وزراء الحكومة الانتقالية يحملون الجنسية والأمريكية داخل الحكومة.

انتصار العقلي: دول كثيرة طبعت من إسرائيل وتشهد تمزقًا داخليًا ولا وجود لتطور في العلاقة مع العالم

واستطردت، أن تطبيع السودان مع دولة إسرائيل، لن يؤدي إلى حدوث تغيير دبلوماسي كبير بحجم توقعات المتفائلين، وأشارت لنماذج عديد من الدول سبقت السودان في هذه المسألة، تقول: "جنوب السودان، أوغندا، أسمرا، لديها تجارب من العلاقات مع إسرائيل، مع ذلك تشهد تمزقًا داخليًا ولا وجود لتطور دبلوماسي وخارجي كبير في العلاقة مع العالم".

اقرأ/ي أيضًا

أزمة بين الحكومة الانتقالية وحاضنتها السياسية بسبب التطبيع

الخارجية: الجهاز التنفيذي وافق على التطبيع والمصادقة النهائية متروكة للتشريعي