17-مايو-2022
الصورة الفائزة لجائزة الصحافة العالمية للصور "وورلد بريس فوتو"

تُغري "ثورة الصور" على مواقع التواصل الاجتماعي، السودانيين على التقاط صور في مناسبات متعددة، ويمكن القول إن المستقبل القادم في هذه البلاد لمجالات الصورة، ستكون لمن يحترفون هذه المهنة.

قديمًا كانت الصور تُحفظ ضمن "دفاتر الذكريات" مع خزانة الملابس، أو على المنضدة أو معلقةً على الجدران، لكن الصور اليوم تحفظ في الهواتف النقالة وتُنشر كلما حانت اللحظة المناسبة.

تطورت مراسم الزواج إلى جلسات تصوير العروسين نتيجة لتأثير "ثورة الصور"

تأتي لحظة نشر الصور، كلما شعر الأشخاص بتطاول الروتين أو المناسبات الاجتماعية بغرض التوثيق على مواقع التواصل الاجتماعي، فالسودان يكاد يكون بلدًا مليئًا  بالطقوس الاجتماعية المتنوعة، مثلًا في حفلات الزواج ما عليك سوى مشاهدة العروس التي تُزف إلى زوجها وهي ترتدي "القرمصيص"، تنتهي الطقوس مع انتهاء مراسم الزواج لكن تستمر الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، تُذكر هذه السيدة بتلك الليلة التي تعد أهم ليلة في حياتها.

وتطورت مراسم الزواج إلى جلسات التصوير الخاصة بالعروسين في الهواء الطلق أو مبنى تاريخي مثل جامعة الخرطوم أو شارع النيل، وفي الغالب تتحكم "ثورة الصور" على المجتمعات في العاصمة الخرطوم كونها توفر معينات التصوير أكثر من المدن خارجها.

تيليغرام

تتحكم "ثورة الصور" في الشبكات الاجتماعية على أمزجة الأشخاص الأكثر استخدامًا لها، فبينما يعيشون في مناطق واحدة ضمن مجتمعات لا علاقة لها بالمنصات الاجتماعية في أطراف المدن، ومجموعات تمتهن الأعمال الشاقة لا تجد وقتًا لتتصفح الشبكات الاجتماعية، إلا أن "ثورة الصور" تغزو جميع المجتمعات لتضعها في قلب هذا العالم الافتراضي.

تبدو حزينًا أو تشعر بالضجر أو تريد الهروب من واقعك المُحاط بالإحباط، تلجأ إلى نشر صورة على حسابك الشخصي على "فيسبوك" أو "تويتر"، هكذا يعبر البعض لتحويلهم مزاجهم إلى مزاج بحاجة إلى الإطراءات خاصة فئة المراهقين ممن يرتادون الكليات الجامعية في المدن.

تحول "فيسبوك" إلى مستودع للصورة من شتى أنحاء البلاد متفوقًا على المنصات الأخرى ومحركات البحث، وإذا ما استخدمت محرك البحث في "فيسبوك" قد تجد صور متعددة من مناطق مختلفة، عكس محركات البحث الأخرى الأقل اتساعًا لنطاق الصور، هذا بفضل لجوء السودانيين الى استخدام الصور في "فيسبوك".

قفزت "ثورة الصور" على الشبكات الإجتماعية بالقيمة المادية لأجهزة الكاميرا التي كادت أن تفقد بريقها وكانت محصورة في حدود الإجراءات الرسمية وأغراض الهوية والبطاقات الشخصية، واليوم تُباع بمئات الدولارات، وآلاف الدولارات للأكثر جودة، لأنها مطلوبة بشدة.

وتُعرض الكاميرا على الشبكات الإجتماعية فما أشبه بالمزادات الإلكترونية، تُباع وتتداول بين هواة التقاط الصور، وبين أشخاص قرروا احتراف هذه المهنة وآخرهم المصور السوداني فائز أبو بكر الذي فاز بجائزة دولية في هولندا وتسلمها الأسبوع الماضي.

"ثورة الصور" في السودان نهضت مع الثورة الشعبية أيضًا، فالصور المتداولة للتظاهرات واعتصام القيادة العامة قرب مقر وزارة الدفاع في العام 2019 أحدثت تحولات كبيرة، ووضعت الصورة ضمن أبرز الاهتمامات الاجتماعية والفنية والرسمية.

يضع الفنانون المصورون للقطات الأكثر تداولًا على الشبكات الإجتماعية أنفسهم بين مخاطر جمة أثناء التظاهرات الشعبية ضد الحكم العسكري في السودان، لأن رجال الأمن لا يميزون بين الصحافي والمتظاهر، كما يضطرون للسفر خارج المدن، مثل مخيمات النزوح،أو مناطق الإنتاج.

سيكون المستقبل لـ"ثورة الصور" في السودان، خلال الفترة القادمة مع تنامي استخدام منصات "فيسبوك" و"واتس آب" في أوساط السودانيين و"تويتر " إلى حد ما، إضافة إلى ذلك نجد أن السودان يذخر بالمناظر الطبيعية والمجتمعات المتنوعة التي تقدم يوميًا المئات من المواضيع الشيقة التي تضعها الصور على طاولة الاهتمامات.

ستكون الصور هي المتحكمة على مواقع التواصل الاجتماعي مع صعود متنام لمستخدمي هذه الشبكات، ورغبة المطورين في خفض التدوينات والتغريدات والاعتماد على تأثير الصورة على المُتلقي.

سُلطة الصورة تتحكم في السودانين بالخارج وتزيد أحزانهم أو تنقصها 

نقلت "ثورة الصور" عادات السودانيين واحتفالاتهم وحتى أحزانهم على الشبكات الاجتماعية، ولم تنجو لوعات السودانيين بالخارج من "سلطة الصوره" عليهم فالسنوات التي عاشوا فيها بعيدًا عن وطنهم يعوضونها بمشاهدة بعض الصور من تلك القرى أو المناطق التي غادروها بحثًا عن كسب المال.

وإذا ما ارتفعت استخدامات الصور على الشبكات الاجتماعية، إلى معدلات عالية فهذا سيكون بفضل هواة تحولوا إلى محترفين يجنون المال، ويهتمون بالجودة العالية.

يضع الفنانون المصورون للقطات الأكثر تداولًا على الشبكات الإجتماعية أنفسهم بين مخاطر جمة أثناء التظاهرات الشعبية ضد الحكم العسكري

وعندما يكون الحديث عن جودة الصور على الشبكات الاجتماعية، تُركز عليها الفنانات اللاتي يستعن بالمصورين المحترفين لالتقاط صور لهن أثناء إحياء الحفلات الجماهيرية، فهن في هذا الوقت يكن في قمة الأناقة حسب ما يعتقدن.

ويفضل السودانيون، شراء الهواتف النقالة الذكية، وأول سؤال يوجهه المُشتري إلى بائع الهواتف في هذا القطاع الذي يرافق "ثورة الصور" جنبًا إلى جنب لتلاقي أدوارهما على الشبكات الإجتماعية، يكون عن جودة كاميرا الهاتف.