تقاليد رمضان السودانية.. كيف تصمد في دول المهجر؟
28 فبراير 2025
يتبادل السودانيون على منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة الفورية الدعوات للإفطارات الجماعية التي تتميز بها تقاليد رمضان السودانية، ولكن هذه المرة ليس في شوارع المدن السودانية أو الطرقات السفرية الداخلية، بل في العواصم الأجنبية التي غادر إليها الملايين منذ اندلاع الحرب في السودان.
تقاليد رمضان السودانية جزء أصيل من الهوية السودانية، ولا يمكن تصور أن يمر الرمضان على السوداني دون أن يشم رائحة الآبري أو يحضر الرقاق لتناول سحور مميز
يحمل شهر رمضان للسودانيين في كل عام تلك المعاني الاجتماعية العميقة فوق العبادات الروحية والجسدية، فهو موسم تتجلى فيه العادات المتوارثة التي تعزز روح التكافل والكرم السوداني الأصيل. يحمل السودانيون معهم إلى دول المهجر هذه القيم في رمضان آخر سلبوا فيه من بلدهم، ولكن على الرغم من ذلك لم يتخلوا عن موائد الإفطار في الشوارع وإن كانت آذانهم تحن إلى طرقعات المسحراتية الذين لا يمكن أن يجوبوا هذه الطرقات الأجنبية آناء الليالي في رمضان.
تقاليد رمضان السودانية جزء أصيل من الهوية السودانية، ولا يمكن تصور أن يمر الرمضان على السوداني دون أن يشم رائحة الآبري أو يحضر الرقاق لتناول سحور مميز. ومع تزايد موجات اللجوء والشتات جراء الحرب الممتدة منذ رمضان 1444هـ/2023م، صار الحفاظ على هذه العادات تحديًا يواجه المجتمعات السودانية في الخارج، لا سيما مع أوضاع اللجوء التي تفرض على السوداني التقشف حد التخلي عن الأساسيات.
ولعل أبرز تلك العادات وأشهرها هي تناول إفطار رمضان جماعيًا في الشوارع. يعتبر السوداني الإفطار في الشارع مع الجار فرصة للتواصل والتراحم ومشاركة العيش والملح، وأيضًا لإبراز الكرم السوداني في دعوة المارة إلى تناول الطعام، سعيًا خلف أجر إفطار صائم وكذلك للتعارف والتشبيك. في دول المهجر، تقوم الإفطارات في الحدائق العامة والمطاعم المعروفة نفس المقام، فهنا سيصر السوداني على دعوة الغريب من الطريق، والتشبيك مع إخوة الوطن في الغربة.
وقد تواجه السودانيين عقبات في ممارسة عاداتهم في الشتات، فبعض الدول لا تفهم معنى أن يتناول الناس الطعام جماعيًا، وأخرى تمنع التجمهرات، وبعض الشعوب تنظر باستغراب للدعوة إلى مائدة طعام في الشارع، ولكن سرعان ما تجد البشاشة السودانية حلًا لتلك المعضلات، وأيضًا روائح "الملاحات" الشهية والألوان الزاهية للعصائر والسلام الرمضاني الكريم.
تباعد الظروف الاقتصادية والسعي المحموم خلف لقمة العيش في المهاجر بين السوداني وعاداته، حيث لا تفهم ماكينة العمل الحديث معنى تفريغ عدة ساعات يوميًا لتناول الطعام وتبادل الأخبار والاطمئنان على حال البلد
كما تباعد الظروف الاقتصادية والسعي المحموم خلف لقمة العيش في المهاجر بين السوداني وعاداته، حيث لا تفهم ماكينة العمل الحديث معنى تفريغ عدة ساعات يوميًا لتناول الطعام وتبادل الأخبار والاطمئنان على حال البلد، كما أن كل دولار هنا يجب أن يذهب إلى الأهل في السودان، فـ"الأقربون أولى بالمعروف" كما يقولون، لا سيما في ظروف النزوح والفاقة التي فرضتها الحرب على السودانيين، فأصبحت الأسر وحتى أحياء بأكملها داخل السودان تعتمد على تحويلات المغتربين، في السماحة السودانية التي تجلت في "المطابخ الجماعية".
في المهاجر أيضًا يبالغ الباعة في تسعير مواد رمضان السودانية، لأنها منتجات خاصة تصنع لفئة صغيرة نسبيًا في فترة محدودة، فالفرق بين "طرقة الآبري" في السودان ودول المهجر يشبه الفرق بين السودان وهذه الدول، وقد تقهقر السودان عشرات السنوات إلى الوراء خلال أشهر قليلة من صنع الحرب والدمار.
عبقرية التكيف السوداني لا تسمح بأن يمر الرمضان دون العادات التي تشكل هوية الزول، فما لا يدرك كله لا يترك جله، وفي ذلك تمكن السودانيون في المهاجر من صنع الآبري من دون الزريعة التي تحتاج الوقت والبراح السوداني، وكذلك ملاحات رمضان من دون تحضيراتها الخاصة من تجفيف وسحن لشتى المكونات التي تسبق الشهر الفضيل، وحتى الكسرة والقراريص لم تعد تحتاج للصاج البلدي وحطب المسكيت.
صمود هذه التقاليد الرمضانية في دول المهجر يؤكد أنها ليست مجرد طقوس عابرة يعملها السوداني من باب العادة، بل هي جزء من الهوية الثقافية للزول، التي لا يمكن التخلي عنها بسهولة، لأن ذلك يعني فيما يعني التخلي عن الذات التي هي كل ما تبقى للسوداني من بلاده في هذه المنافي. كما أنها تشكل فرصة للتعارف والتضامن بين السودانيين والتقصي عن الأحوال في الشتات، وتناول وضع البلد وهموم إنسانها.
على الرغم من التمسك باستماتة بهذه العادات الرمضانية السودانية في دول المهجر، إلى أن تطاول الأمد وتبدل الأحوال يثير المخاوف من أن تنسل من بين أيدي الناس
وعلى الرغم من التمسك باستماتة بهذه العادات الرمضانية السودانية في دول المهجر، إلى أن تطاول الأمد وتبدل الأحوال يثير المخاوف من أن تنسل من بين أيدي الناس، لأن ثمة أجيال تنشأ الآن وهي لا تعرف شيئًا عن الفطور في الشوارع وطبول أنصاص الليالي وطعم الآبري بنوعيه، والعصيدة بالملاحات التقليدية المعدة بإتقان.
الكلمات المفتاحية

طه سليمان.. نجم الحفلات الجماهيرية متطوعًا في حرب السودان
منذ اندلاع الحرب تحول الفنان الذائع الصيت خاصة في أوساط الشباب طه سليمان، من مغن في الحفلات الجماهيرية ونجم الشباك الأول

"الكاف" يرفض إقامة مباريات الهلال السوداني والأهلي المصري في ليبيا
رفض الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "الكاف"، طلب نادي الهلال السوداني باعتماد ملعب "شهداء بنينا" في بنغازي لاستضافة مباراة الرد ضد الأهلي المصري، في إياب دوري مجموعة أبطال أفريقيا مطلع نيسان/أبريل 2025.

"اليقين" زاد السودانيين في الشهر الفضيل
النساء السودانيات عميقات التدين بطبعهن، وكأنهن يرضعن تلك الميزة أمًا عن جدة، محافظات على صلاوتهن وأورادهن وكثيرات الصوم تطوعًا وفي أيام المناسك المتعددة. وأكاد أجزم إن في كل أسرة سودانية تكون المرأة "الأم – الأخت" هي المحفز الأول للصغار على تعلم الصوم، والصبر على الجوع والعطش، لاسيما في أجواء السودان الساخنة.

معارك ضارية وسط الخرطوم والجيش يحرز تقدمًا نحو القصر
أحرزت القوات المسلحة تقدمًا جديدًا وسط الخرطوم صباح اليوم، إثر معارك ضارية بدأت منذ الساعة الرابعة وفق مصادر محلية، فيما اضطرت قوات الدعم السريع تحت الضربات الجوية المكثفة وانتشار المشاة بالتراجع الميداني

القوات المسلحة تعلن التحام المدرعات مع القيادة العامة وسط الخرطوم
أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد ركن نبيل عبدالله، التحام جيشي القيادة العامة وسلاح المدرعات عقب السيطرة على منطقة مستشفى الشعب اليوم الاثنين، وهزيمة قوات الدعم السريع.

السودان.. هل يقود صراع الفصائل العسكرية المساندة للجيش إلى الاقتتال؟
في غمرة تقدم الجيش، اندلع تنافس محموم بين الفصائل على النفوذ ومواقع التأثير السلطوي ومراكمة الثروة والاعتبار، فاشتعل خلاف معلن بين القوة المشتركة لحركات دارفور المسلحة وقوات درع السودان من جهة، وبينهما معًا في مقابل كتائب الإسلاميين من جهة أخرى

أعضاء بمجلس الأمن يدينون اختطاف قوات الدعم السريع لموظفين أمميين
قال أعضاء بمجلس الأمن الدولي، إن قوات الدعم السريع احتجزت 60 من حفظة السلام الأمميين، واختطفت ثمانية موظفين مدنيين، ونهبت قافلة لوجستية تتبغ لقوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا)، مكونة من ثماني مركبات و280 ألف لتر من الوقود.