تفاقم الوضع في أم درمان... مواطنون: ما يحدث فوق الاحتمال

تفاقمت الأزمات بشكل حاد في مدينة أم درمان جراء انقطاع التيار الكهربائي والماء منذ تسعة أيام نتيجة تعطل محولات الكهرباء في سد مروي، بسبب استهداف طائرات مسيرة، يشار إلى تبعيتها إلى قوات الدعم السريع.
وإلى جانب الآثار المباشرة لانقطاع التيار الكهربائي، المتمثلة في الإظلام التام والمخاطر الأمنية، وحرمان المواطنين من شحن هواتفهم الضرورية في التواصل مع الآخرين، وتحويل المبالغ المالية عبر التطبيقات البنكية، يؤدي انقطاع الكهرباء إلى تداعيات صحية وأمنية وإنسانية خطرة تهدد سلامة المواطنين.

وقال فضل الله الحاج، أحد سكان الريف الشمالي في أم درمان، إنه كاد يفقد طفله البالغ من العمر عشرة أعوام بسبب انقطاع الكهرباء. وأضاف الحاج في إفادة لـ"الترا سودان": "ابني مصاب منذ الصغر بربو حاد، وكنا حين تنتابه النوبة نذهب إلى أقرب مركز صحي، وهناك يتم التعامل مع الحالة عن طريق العلاج بالأوكسجين".

مواطنة: لقد تعبت، سنتان من العذاب دمرا كل شيء، ولم يعد في استطاعتي الاحتمال

يردف الحاج قائلًا: "في هذه المرة، نوبة الربو كانت حادة، لم تتوفر جرعة الأوكجسين لإسعاف طفلي بسبب انقطاع الكهرباء كما أخبروني، ولولا لجوء الطاقم الطبي لأساليب أولية في العلاج لفقدته. وحاليًا لا أعرف ما الذي سيحدث إن تعرض خلال هذه الأيام لنوبة أخرى".
تعتمد المستشفيات والمرافق الصحية بشكل عام على التيار الكهربائي في متابعة المرضى وإجراء العمليات الجراحية وحفظ الأدوية الحساسة للحرارة. وبحسب "ن. م"، العامل الإداري بإحدى مستشفيات أم درمان، فإن المشكلة الآن مضاعفة بسبب استمرار الانقطاع لأيام قد تطول، وأيضًا لعجز المستشفيات عن تشغيل مولدات الكهرباء الاحتياطية في مثل هذه الحالات، إما بسبب عجزها في توفير المواد البترولية، أو جراء تعرض هذه المولدات للسرقة والتخريب خلال الفترة الماضية.
من جهتها تشكو حليمة عبدالرحيم، وهي أم لخمسة أيتام، من الضغط النفسي الهائل الذي يقع عليها بسبب انقطاع الكهرباء، وتقول إنها تعتمد بشكل رئيسي منذ اندلاع الحرب على تحويلات صغيرة، لكنها مستمرة، تأتيها من شقيقيها المغتربين في السعودية، وتضيف لـ"الترا سودان": "أعاني بشكل يفوق التصور من أجل شحن هاتفي، ومن ثم البحث عن صاحب تحويلات هاتفه مشحون بدوره، هذا إلى جانب معاناتي وركضي بهدف توفير الماء النظيف لأطفالي". وتختم حليمة إفادتها في يأس: "لقد تعبت خلاص، سنتان من العذاب دمرا كل شيء ولم يعد في استطاعتي الاحتمال".
تترافق مشكلة المياه مع انقطاع التيار الكهربائي، إذ تعمل كل محطات المياه الكبيرة في أم درمان عن طريق الكهرباء، وبمجرد انقطاعها يحرم سكان المنطقة من المياه لفترات قد تمتد لأيام طويلة، يقاسون خلالها أشد المعاناة.
راشد حسن، أحد سكان الثورة الحارة 20 في محلية كرري، يؤكد لـ"الترا سودان" إن مشكلة الكهرباء من أخطر المشاكل التي تواجه سكان كرري وبقية أم درمان. ويقول إنه سمع خلال الأيام الماضية بوفاة مسن يسكن وحيدًا جراء العطش، في إحدى المناطق بأم درمان.
ويقول راشد: "نعم نحاول حل المشكلة عن طريق اللجوء إلى الآبار القديمة، أو جلب المياه من بحر النيل، لكنها حلول بطيئة ولا تتاح للجميع، كما أنها تشكل خطورة صحية مع انتشار الأوبئة والأمراض في المياه الملوثة".
سبق وأعلنت حكومة ولاية الخرطوم عن سعيها لوضع حلول لمشاكل الكهرباء والمياه في الولاية عامة وبشكل خاص في مدينة أم درمان. وفي أول اجتماع لولاية الخرطوم بعد اندلاع الحرب بتاريخ 2 نيسان/أبريل 2025 كشف مدير مدير هيئة مياه الولاية، المهندس محمد علي العجب، عن دمار كبير طال محطات المياه الرئيسية، وأشار إلى أن إعادة تشغيلها تحتاج إلى وقت طويل، كما أمن الاجتماع على خطة عاجلة تتضمن توفير احتياجات الآبار وتشغيلها وحفر آبار جديدة.