04-يونيو-2020

أرشيفية (Getty)

اندلعت تظاهرة احتجاجية للمواطنين صباح أمس الأربعاء في مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان، وذلك بعد مقتل خمسة أشخاص بينهم امرأة وأجنبي من دولة يوغندا، وإصابة آخرين، على يد ضابط في صفوف الجيش تجمعه صلة قربى بالرئيس سلفا كير ميارديت، إثر نشوب نزاع حول قطعة أرض بضاحية "قومبا شركات" التابعة لمقاطعة الرجاف جنوبي جوبا، وامتدت التظاهرة إلى مدينة بور حاضرة ولاية جونقلي، حيث خرج عشرات المواطنين الغاضبين ونددوا بالحادثة، ورفعوا شعارات تنتقد الحكومة.

الناطق الرسمي باسم الجيش: تم نشر قوات من الجيش والشرطة في المنطقة، والأوضاع عادت إلى الهدوء بعد أن تمكنت السلطات من السيطرة على الموقف

وأكد الناطق الرسمي باسم قوات دفاع شعب جنوب السودان، اللواء لول رواي، مقتل المواطنين إثر وقوع إشتباكات بين ضابط برتبة مقدم يدعى "لوال مارين" يتبع للجيش وستة من حراسه مع مواطنين بمنطقة "شركات".

اقرأ/ي أيضًا: فض الاعتصام وذكرى "المجزرة".. فواجع تنتظر العدالة

وأوضح رواي في تصريح لـ"ألترا سودان": "المشكلة بدأت بسبب نزاع على قطعة أرض بمنطقة الشركات بين الضابط ومواطنين، ونتيجة لسوء تفاهم بينهم اشتبك الأطراف مما أدى لسقوط الضحايا".

وأضاف أن الحادثة تسببت في خروج تظاهرة من قبل المواطنين الغاضبين، ولكن تم احتواؤها من قبل القوات النظامية. 

وتابع أنه تم نشر قوات من الجيش والشرطة في المنطقة، مشيرًا إلى أن الأوضاع عادت إلى الهدوء بعد أن تمكنت السلطات من السيطرة على الموقف.

وفي تطورٍ لاحق، أعلن اللواء لول رواي، وفاة المقدم "لوال أكوك وول كير" المعروف بـ لوال مارين المتسبب الرئيسي في حادثة إطلاق النار على المواطنين متأثرًا بجراحه.

وذكر اللواء رواي، أن الضابط توفي في المستشفى حوالي الساعة التاسعة من ليلة أمس الأربعاء متأثرًا بجراحه.

وقال: "تعرض لوال لإصابة في الرأس والرقبة أثناء الحادثة، وتوفى في المستشفى متأثرًا بجراحه".

وشوهد تصاعد ألسنة النيران والدخان في منطقة "قومبا الشركات" بعد أن قام المتظاهرون بحرق الإطارات، كما تم تداول صور في مواقع التواصل الاجتماعي للمتظاهرين ينددون بالحادثة والحكومة، وكتب في أحد اللافتات التي رفعها المتظاهرون "الرئيس سلفا كير يجب أن يرحل" وفي لافتة أخرى "لا نريد النظام القاتل".

من جهتها أدانت رئاسة الجمهورية حادثة إطلاق النار على المواطنين في منطقة الشركات، ووجهت بإجراء تحقيق حول الحادثة.

وأكد السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية، أتينج ويك أتينج، في بيان صحفي، مقتل خمسة أشخاص في الحادثة، ووصف الجريمة بالبشعة وطالب بمعاقبة الجناة.

وكشف "ويك" أن الجاني يدعى "لوال أكوك وول كير" وهو من أقرباء الرئيس وليس ابن الرئيس "لوال سلفا كير ميارديت"، والذي لم يشارك في الحادثة كما هو متداول، بحسب تعبيره، مشيرًا إلى أن الحادثة سيتم التحقيق حولها وسيتم نشر نتائج التحقيق للعامة.

وأضاف إن الرئيس سلفا كير حث ذوي الضحايا والمجتمع على الصبر، كما طالب بعدم تسييس الحادثة التي وصفها بالجريمة الجنائية، على حد تعبير البيان.

بينما طالب وزير الداخلية، فول ميوم أكيج، أقارب الضحايا بالتزام الهدوء، مشيرًا إلى أن السلطات باشرت التحقيق حول الحادثة.

وقال: "القضية أصبحت مسألة قانونية لأن هولاء الضحايا هم مواطنون جنوب سودانيون، وستعمل الحكومة لإحقاق العدل لهم".

وأضاف: "يجب منح الفرصة للسلطات لتطبيق الإجراءات القانونية، ولا نشجع المواطنين على أخذ القانون بأيديهم".

المدير التنفيذي لمنظمة تمكين المجتمع من أجل التقدم: الحادثة انتهاك لحقوق المدنيين العزل، ومعظم القيادات وكبار مسؤولي الحكومة لا يخضعون للمساءلة والمحاسبة

ووجدت الحادثة إدانةً واسعةً من قطاعات كبيرة في البلاد، كما أطلقت مجموعات شبابية ونسوية ناشطة، حملةً على مواقع التواصل الإجتماعي بعنوان "يجب أن يحاكم" وتدعو الحملة إلى ضرورة محاكمة المتسبب الرئيسي في الحادثة الذي توفي لاحقًا، وشددت الدعوات على أهمية الضغط على الحكومة بشدة لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب. 

اقرأ/ي أيضًا: في ذكرى المجزرة، عضو بالتحالف الحاكم: اتفقنا على إخلاء "كولومبيا" خلال 72 ساعة

واعتبر المدير التنفيذي لمنظمة تمكين المجتمع من أجل التقدم "سيبو" إدموند ياكاني، الحادثة انتهاكًا لحقوق المدنيين العزل، وأضاف بأن معظم القيادات وكبار مسؤولي الحكومة لا يخضعون للمساءلة والمحاسبة لذلك يقومون بانتهاكات ضد حقوق المواطنين، ومضى "التصرف الذي قام به الجاني بضرب النار على مواطنين عزل غير أخلاقية، ورد الفعل الذي قام به المواطنين بحرق الإطارات تمت بطريقة سلمية تعبيرًا عن غضبهم.

فيما أدان منتدى منظمات المجتمع المدنى حادثة إطلاق النار على المواطنين، ووصف المنتدى في بيانٍ صحفي، إطلاق النار على المواطنين بالعمل البربري والغير إنساني.

وقال البيان إن المواطنين بـمنطقة "قومبا شركات" ظلوا يعانون بشكل يومي من حوادث القتل والسطو والاغتصاب، في إشارة لتعرض فتاة تبلغ من العمر ثمان سنوات للاغتصاب مؤخرًا، فيما يعانون أيضًا من أعمال إجرامية من قبل رجال مسلحين وعادةً يفلت الجناة من العقوبة.

ويشير إلى أن تقاعس السلطات الوطنية في اعتقال المجرمين المسلحين ومعاقبتهم شجعهم على الاستمرار في إيذاء المدنيين مع الإفلات من العقاب.

ويدعو الشرطة والجيش على إلقاء القبض على الجناة. كما يطالب القوات النظامية بضبط النفس إزاء التعامل مع المتظاهرين السلميين بأعتبار أن دستور جنوب السودان يعطي الحق في التظاهر بطريقة سلمية.

وفي مدينة بور حاضرة ولاية جونقلي، خرج العشرات من المواطنين إلى الشارع في تظاهرة احتجاجية على مقتل المواطنين في جوبا، والذين ينحدر أغلبهم من الولاية، ورفع المتظاهرون لافتات تدعو أيضًا للعدالة ومحاسبة الجناة، وتندد بما وصفوها بالنظام القاتل، كما رفعوا لافتاتٍ تطالب برحيل الرئيس سلفا كير.

وقال أحد المتظاهرين الذين ظهروا في فيديو تم تداوله على نطاقٍ واسعٍ في مواقع التواصل الاجتماعي، إنهم خرجوا تعبيرًا عن غضبهم على مقتل الأبرياء في جوبا.

وأضاف: "نحن خرجنا اليوم بعد قتل أقربائنا بدمٍ باردٍ في جوبا، وسمعنا أن الجريمة قام بها أحد أبناء الرئيس، لماذا يتم قتل الأبرياء بهذه الطريقة البشعة".

وتابع: "لقد وقعت الجريمة رغم وجود الحكومة، لذلك نطالب برحيل الرئيس سلفا كير".

من جانبه عزا رئيس تحرير صحيفة الموقف اليومية المستقلة بجوبا، مثيانق شريلو، المطالب السياسية التي رافقت الحادثة، إلى حالة الاستياء الواسع من المواطنين على التجاوزات التي تقع من قبل النافذين في السلطة، دون وجود من يردعهم.

اقرأ/ي أيضًا: الأمم المتحدة تجدد مطالبتها بتحقيق موثق ومستقل بخصوص مجزرة فض الاعتصام

وقال شريلو في حديثٍ لـ"الترا سودان" : "إن مشاعر التضامن والغضب السائدة الآن هي نتيجة لتراكم قضايا متعددة ومتنوعة مع اختلاف وقائعها، وهي ليست بعيدة عن حوادث الاعتداء والترهيب الممارس في جوبا، تحديدًا في ذات القضايا التي سببها الرئيسي النزاع حول الأراضي والتعدي عليها من النافذين في السلطة أو الأجهزة النظامية".

رئيس تحرير صحيفة الموقف: نأمل أن تكون بداية لتصحيح المسار وإحقاق العدالة للجميع حتى وإن كانت متعلقة بقضايا مرتبطة بالنافذين في السلطة أو الجيش أو جهاز الأمن

وأضاف :"بسبب تداخل علاقات القربى فيها بشكلٍ صريحٍ وصارخ، كانت النتيجة الحتمية الجريمة التي شهدتها منطقة قومبا، والتي نأمل أن تكون بدايةً لتصحيح المسار وإحقاق العدالة للجميع حتى وإن كانت متعلقة بقضايا مرتبطة بالنافذين في السلطة أو الجيش أو جهاز الأمن، أو بالذين تمتد بهم صلات القربى من الذين اعتدوا ونهبوا أراضي الغير في العاصمة جوبا وغيرها من مدن البلاد". 

واختتم حديثه قائلًا: "نطالب بإحقاق العدالة لشهداء قومبا، والقصاص مطلب عاجل ولا شخص فوق القانون".

اقرأ/ي أيضًا

جوبا: مقتل أربعة جنود حكوميين على يد الجيش الأوغندي في منطقة حدودية

حمدوك يتعهد بكشف ومحاسبة المتورطين في مجزرة فض الاعتصام