23-يوليو-2020

محطة وقود (العربي)

تقتضي الخطة الحكومية الجديدة التي أشار إليها رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في المؤتمر الصحفي مساء أمس، السماح للقطاع الخاص باستيراد الوقود وخاصةً الجازولين، للقضاء على الطوابير والسوق الموازية، وتوفير الجازولين للموسم الزراعي. فيما يحذر اقتصاديون من أن الخطوة قد تؤدي إلى انفلات السوق والوضع المعيشي، وسحق الشبكات الاجتماعية الفقيرة.

مستشار حمدوك: الوفرة عبر الوقود المستورد بواسطة القطاع الخاص أفضل من الطوابير والسوق الموازية 

وتستند الحكومة في خطتها على عدم تكرار تعثر الموسم الزراعي هذا العام مثل ما حدث العام الماضي في حصاد الذرة في أحد أكبر المناطق التي تتركز فيها المشاريع الزراعية مثل ولاية القضارف، وكان ذلك على خلفية شح الوقود وتقلص إنتاج الذرة من ثمانية مليون جوال إلى خمسة مليون جوال نهاية العام الماضي.

اقرأ/ي أيضًا: قرار بإقالة أكثر من 13 عميدًا بجامعة الرباط بينهم أمن شعبي

يبدو أن هذه الأزمة أطلت برأسها مجددًا في بداية الموسم الزراعي الصيفي لهذا العام، واضطرت اللجنة العليا للعروة الصيفية إلى توجيه الجازولين للمشاريع الزراعية عوضًا عن الاستهلاك في المدن في القطاع الاستهلاكي.

وأطلق رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مساء أمس الأربعاء على هامش إعلان قائمة الولاة المدنيين، تصريحات اعتبرها البعض تهيئة للرأي العام لقرارات اقتصادية مرتقبة في آب/أغسطس القادم وذلك برفع أسعار المشتقات النفطية، حيث كرر حمدوك عبارة "ترشيد الدعم في الوقود" أكثر من مرة.

إبراهيم آدم حريكة
إبراهيم آدم حريكة

وقد وضعت الحكومة الانتقالية خطة بتحويل الوقود من القطاع الاستهلاكي إلى القطاع الزراعي المرتبط بالإنتاج، وبدأت بتنفيذها منذ آذار/مارس الماضي، لذلك ظهرت طوابير الوقود خاصةً الجازولين في محطات الخدمة.

ويكشف المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء إبراهيم آدم حريكة لـ"ألترا سودان"، عن خطط حكومية بتوجيه الوقود المنتج محليًا إلى خطوط المواصلات والمحطات البترولية، فيما أعلن عن توجيه الجازولين المستورد إلى الزراعة.

سأل "ألترا سودان" حريكة عن كيفية استيراد الوقود في ظل شح العملات الصعبة، ويعتقد حريكة أن القطاع الخاص بات بإمكانه استيراد الوقود وتوفيره، لأن المهم في الوقت الحالي الوفرة ومن ثم القضاء على السوق الموازية.

اقرأ/ي أيضًا: سيمنار المركز العربي :الأفندي يناقش أوهام الهوية السودانية وصراعات الأدلجة

ويضيف: "القطاع الخاص يرغب في استيراد الوقود لأغراض الإنتاج، وهم احتجوا على احتكار استيراد الوقود بواسطة الحكومة وتعطل إنتاجهم، وبالتالي لا يمكن أن نمنعهم من الاستيراد بالسعر العالمي الذي قد يكون للمستهلك المحلي أفضل من السعر في السوق الأسود".

حريكة: سيرتفع التضخم لكن على المدى المتوسط سيعود الاقتصاد للاستقرار بفضل ارتفاع الصادرات من الوقود الموجه إلى الزراعة والإنتاج 

واتفق حريكة مع استدراك "ألترا سودان" أن هذه الإجراءات ستقود إلى ارتفاع نسبة التضخم، لكنه أكد أن التضخم لن يستمر أكثر من المدى المتوسط ريثما تتمكن القطاعات الإنتاجية من ترجيح كفة ميزان الصادرات. ويرى حريكة أنه لا يمكن الانتقال من الأزمة إلى مرحلة الإنتاج دون إصلاحات اقتصادية.

ولم تقدم الحكومة ضمانات موازية مع خطتها بتحرير الوقود بشكل كبير عما إذا كانت الأسواق ستكون في حدود الأمان الاقتصادي لأنها تشهد فوضى في الأسعار وارتفاع الخدمات إلى درجة أن الجهاز المركزي للإحصاء، حذر من أن النقل وشح الوقود بات يشكل أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع التضخم في أيار/مايو وحزيران /يونيو 2020.

وترغب الحكومة الانتقالية في التخلي عن دعم الوقود، بحجة أن الوفرة بالسعر الغير مدعوم، أفضل من الندرة مع السعر المخفض والطوابير والشح والسوق الموازية، وهي إجراءات جربها النظام السابق وكانت واحدة من الأسباب التي أشعلت الثورة الشعبية التي أنهت حكمه في نيسان/أبريل 2019.

ويحذر الاقتصادي معتصم الأقرع في حديث لـ"ألترا سودان"، من أن الاعتماد على القطاع الخاص في استيراد الوقود سيجعل سعر الوقود خاضعًا لسعر الدولار الأمريكي في السوق الموازي، وبالتالي ارتفاع سعر الوقود كلما ارتفع سعر الدولار، الأمر الذي سينعكس سلبًا على قطاع المواصلات والأسواق والخدمات التي تعتمد على الوقود.

من جهةٍ أخرى يتوقع الأقرع، أن الإنتاج وهو من مبررات الحكومة لتحرير الوقود، سترتفع تكاليفه كثيرًا، لأنه يعتمد على الوقود خاصةً الجازولين.

اقرأ/ي أيضًا: استقالة مدير مكتب وزير الصناعة والتجارة وإقرار بضعف الأداء

ومن ناحية الاقتصاد الكلي يتوقع الأقرع، انخفاض قيمة دخل الفرد مما يعني مزيدًا من معدلات الفقر في المجتمع. غير أن المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء آدم حريكة، يوضح عن خطة حكومية لتوزيع الوقود المنتج محليًا على خدمة المواصلات والنقل ومحطات الخدمة النفطية، وبالتالي ستكون أسعارها تحت السيطرة.

الأقرع: على الحكومة أن تكف عن مد يدها إلى الخارج قبل ترتيب الداخل واسترداد الشركات الأمنية والعسكرية 

ويرهن الأقرع حل الأزمة الاقتصادية بخفض الإنفاق العام حيثما أمكن، وذلك من خلال الحد من الإنفاق البيروقراطي غير المنتج، وخفض عدد الوزارات وخفض حجم البعثات الدبلوماسية، خاصةً في البلدان التي ليس لنا فيها مصالح تذكر.

كما يشدد الأقرع على ضرورة: "تكوين فريق عمل من خبراء لدراسة مفصلة وعميقة لكل مستويات الصرف الحكومي الفيدرالي والولائي، لتحديد البنود المهدرة والتي يمكن خفضها بدون أضرار جسيمة". 

 

معتصم الأقرع
معتصم الأقرع

ويدعو الأقرع إلى رفع كفاءة وفعالية قاعدة النظام الضريبي لزيادة الإيرادات، لافتًا إلى ضرورة السعي الجاد لتفعيل ولاية وزارة المالية على المال العام باسترداد الشركات من الأجهزة الأمنية والعسكرية.

وتابع: "يمكن التدرج في الأمر بأن تظل إدارة هذه الشركات كما هي مع إخضاعها للإشراف المحاسبي لوزارة المالية، وتحويل كل أرباحها لدعم الموازنة".

اقرأ/ي أيضًا: مصادر لـ"ألترا سودان": إبعاد الدبلوماسيين المنتمين "للوطني" وتعيين نساء مكانهم

ويعتقد الأقرع أن الحكومة يجب أن تكف عن مد يدها إلى الخارج قبل ترتيب البيت الداخلي قائلًا: "لا أحد سيقدم لك المساعدة قبل أن ترتب وضعك".

مسؤول حكومي: "لن يستقر سعر الصرف قريبًا ونتوقع ارتفاعه في المرحلة الأولى"

وسأل "ألترا سودان" مسؤولًا حكوميًا عما إذا ما كانت الإجراءات الاقتصادية ستخفض سعر الصرف في السوق الموازي، وبالتالي ضمان استقرار الوقود المستورد بواسطة القطاع الخاص، وللإجابة على السؤال اشترط المسؤول حجب اسمه، وقال "لن يستقر سعر الصرف قريبًا ونتوقع ارتفاعه في المرحلة الأولى".

فيما لم توضح الحكومة الانتقالية بخصوص ترتيبات تجريها لزيادة الدولار الجمركي من (18) جنيهًا إلى (55) جنيهًا، وهو سعرٌ مقترحٌ مبدئيًا لم يحصل "ألترا سودان" على تأكيداتٍ بشأنه، لكن اقتصاديين يعبرون عن قلقهم من أن تحرير الوقود وزيادة الدولار الجمركي إجراءات كافية لإجهاض الثورة الشعبية، لأن الشبكات الاجتماعية ماعادت تحتمل المزيد من الضربات الاقتصادية.

اقرأ/ي أيضًا

حمدوك يعلن الولاة ويقول لا أسرار في السودان

وصول أولى مساهمات "شركاء السودان" الشهر المقبل