سياسة

بعد غياب دام 6 أشهر.. إليك تفاصيل عملية الإسقاط الجوي بمدينة الفاشر

30 سبتمبر 2025
إسقاط جوي
عامر صالح
عامر صالحكاتب وصحفي من السودان

في الساعات الأولى من فجر الإثنين 29 أيلول/سبتمبر 2025، سمع سكان مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أصوات تحليق الطيران الحربي التابع للجيش السوداني بعد غياب استمر ستة أشهر، فرضت خلالها قوات الدعم السريع حصارًا خانقًا على المدينة. ويُنظر إلى الفاشر باعتبارها إحدى أهم المدن الرمزية في الإقليم، إذ تعرف شعبيًا بـ"شنب الأسد" و"فاشر السلطان"، وتشهد أوضاعًا إنسانية بالغة القسوة أثارت مناشدات محلية ودولية لفك الحصار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية لمئات الآلاف من المدنيين.

منذ أيار/مايو 2024 كثفت قوات الدعم السريع هجماتها في ولاية شمال دارفور، ساعية للسيطرة على آخر عاصمة في الإقليم ما تزال تحت قبضة الجيش السوداني. فرضت هذه القوات حصارًا شاملًا منع دخول الإمدادات الغذائية والطبية إلى المدينة، فيما نزح عشرات الآلاف من القرى المحيطة إثر أعمال حرق ونهب وانتهاكات واسعة تُنسب لقوات الدعم السريع.

عملية ناجحة

المراسلة الحربية رقيب أول آسيا الخليفة قبلة، المقيمة بمدينة الفاشر، أكدت لـ"الترا سودان" نجاح عملية الإسقاط الجوي التي نفذها الجيش. وقالت: "نبارك هذا الإسقاط الناجح ونهديه لكل الشعب السوداني، ونشكر شعب ولاية شمال دارفور الذي صمد معنا كل هذه الفترة"، مضيفة: "بإذن الله سيتم فك حصار مدينة الفاشر في القريب العاجل".

معمر إبراهيم لـ"الترا سودان": الطائرات المسيرة التابعة للجيش قامت بعمليات تمشيط وتأمين مكثفة بمدينة الفاشر على مدى ثلاثة أيام سبقت الإسقاط الجوي

أما الصحفي المقيم بالفاشر، معمر إبراهيم، فأوضح لـ"الترا سودان" أن العملية نُفذت عند الساعة الرابعة و14 دقيقة من فجر الإثنين، وحملت ذخائر ومعدات حربية وأغذية للفرقة السادسة مشاة. وأشار إلى أن الطائرات المسيرة التابعة للجيش قامت بعمليات تمشيط وتأمين مكثفة بمدينة الفاشر على مدى ثلاثة أيام سبقت الإسقاط الجوي، استهدفت مواقع في شرق وشمال وغرب المدينة، بما في ذلك محيط مخيم زمزم للنازحين، مما مكّن من تحييد أجهزة التشويش والمضادات التابعة لقوات الدعم السريع، التي كانت تمنع الطيران من التحليق في أجواء الفاشر.

غياب الطيران

غياب الطيران الحربي طوال الأشهر الماضية ساعد قوات الدعم السريع على التوغل في أحياء المدينة والسيطرة على مخيم زمزم، الذي كان يضم أكثر من نصف مليون نازح. لذلك، يرى معمر أن استئناف التحليق ونجاح عملية الإسقاط يمثلان "اختراقًا كبيرًا للجيش السوداني في الفاشر"، مع احتمال أن يفتح الباب أمام إيصال المساعدات الإنسانية جوًا إلى السكان المحاصرين.

ويشير معمر إلى أن الجيش السوداني سبق وأن نفذ عمليات إسقاط للمساعدات قبل سقوط مخيم زمزم في يد قوات الدعم السريع، حيث كانت طائرات الشحن تُلقي إمدادات غذائية للنازحين. لكنه يلفت إلى أن محاولات برنامج الأغذية العالمي مطلع شباط/فبراير 2025 لإدخال المساعدات عبر الجو فشلت لغياب الضمانات من قوات الدعم السريع بالسماح بوصولها.

العملية الأخيرة لم تحمل أبعادًا عسكرية فقط، بل تركت أثرًا نفسيًا ومعنويًا عميقًا لدى السكان

العملية الأخيرة لم تحمل أبعادًا عسكرية فقط، بل تركت أثرًا نفسيًا ومعنويًا عميقًا لدى السكان. يقول معمر: "سمعنا الزغاريد من بيوت الناس، وكان الفرح عارمًا، وبعض المواطنين الذين كانوا يستعدون لمغادرة المدينة قرروا البقاء بعد نجاح العملية وفك الحصار الجوي". وأضاف أن الإسقاط رفع الروح المعنوية للمقاتلين، وشكل دفعة لخطط الجيش الرامية إلى استعادة مناطق وقعت تحت سيطرة قوات الدعم السريع، مؤكدًا أن "توسيع رقعة السيطرة أمر ضروري لإنجاح أي عمليات إسقاط لاحقة وضمان وصول المواد بأمان".

حصار الفاشر

تشكل مدينة الفاشر موقعًا استراتيجيًا في إقليم دارفور، باعتبارها المركز الإداري والسياسي الأخير للجيش السوداني في المنطقة. سقوطها بيد قوات الدعم السريع يعني فقدان الحكومة سيطرتها بالكامل على دارفور، وهو ما يفسر الإصرار على الصمود والدفاع عنها. ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في نيسان/أبريل 2023، تحولت دارفور إلى إحدى أكثر الجبهات دموية، حيث وثقت منظمات دولية جرائم قتل جماعي وعمليات تطهير عرقي وتهجير قسري، وما وصفته منظمات إنسانية من بينها هيومن رايتس ووتش وحتى الخارجية الأميركية، بـ"الإبادة الجماعية" التي ترتكبها قوات الدعم السريع.

ورفضت قوات الدعم السريع الهدنة الإنسانية التي اقترحتها الأمم المتحدة لإدخال المساعدات إلى مدينة الفاشر، وهي الهدنة التي وافق عليها رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان في حزيران/يونيو من العام الجاري.

الغارديان: قوات الدعم السريع حذّرت من أن أي طائرات تابعة للأمم المتحدة فوق أجواء المدينة ستكون "أهدافًا مشروعة"

يذكر أن صحيفة الغارديان البريطانية كانت قد كشفت في تقرير حديث لها أن الأمم المتحدة لجأت إلى ما وصفته بـ"حيلة جريئة" لإيصال المساعدات إلى مدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور، بعد تعذر إدخالها عبر الطرق البرية أو عبر الإسقاط الجوي نتيجة المخاطر الأمنية.

الصحيفة أوضحت أن قوات الدعم السريع حذّرت من أن أي طائرات تابعة للأمم المتحدة فوق أجواء المدينة ستكون "أهدافًا مشروعة"، ما حال دون تنفيذ خطط الإنزال الجوي، خصوصًا مع وجود أنظمة صواريخ مضادة للطائرات، فيما اعتبرت الأمم المتحدة أن الطائرات لا يمكن أن تلبي سوى جزء ضئيل من الاحتياجات مقارنة بالشاحنات.
وبحسب التقرير، تمكنت الأمم المتحدة من التوصل إلى اتفاق مع قوات الدعم السريع يقضي بإدخال شاحنات مساعدات إلى دارفور، لكنها كانت في الحقيقة موجهة سرًا إلى الفاشر، في خطوة وُصفت بأنها مخاطرة غير مسبوقة لتجاوز الحصار، حيث يعيش سكان الفاشر منذ نحو عام أوضاعًا إنسانية متدهورة مع نقص حاد في الغذاء والدواء، بينما تتواصل المساعي الدولية لإيجاد قنوات آمنة لإيصال الإغاثة وسط تعقيدات الصراع والمخاطر الأمنية.

الكلمات المفتاحية

الجيش السوداني

تصاعد القتال في بابنوسة وزيارة أممية تبحث حماية وإغاثة المدنيين

يشهد السودان تحولًا في المسار الإنساني بالتزامن مع تصاعد الهجمات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع في إقليم كردفان، بينما يبحث أرفع مسؤول بالأمم المتحدة، الذي وصل البلاد قادمًا من نيويورك، مساري حماية المدنيين خلال النزاع المسلح إلى جانب إيصال المساعدات الإنسانية إلى المتأثرين بالحرب.


وزير الخارجية الأميركي

هل تُفسر تصريحات وزير الخارجية الأميركي ضمن الرسائل الساخنة إلى حميدتي؟

لم تكن تصريحات وزير الخارجية الأميركي، على هامش قمة الدول الصناعية الكبرى في كندا مساء الأربعاء 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، مجرد حديثٍ عابر، بل يضعها مراقبون دبلوماسيون وسياسيون ضمن خانة "الرسائل شديدة اللهجة" إلى قوات الدعم السريع والحلفاء الإقليميين، للتوقف عن إشعال الصراع المسلح في السودان.


بابنوسة

بابنوسة في مرمى النيران.. هل تتجه نحو مصير الفاشر؟

عادت مدينة بابنوسة إلى الواجهة بعد هدوء استمر لأشهر، لتصبح بؤرة ساخنة في الحرب السودانية. وتصدّرت المشهد الحربي في غرب كردفان، عقب هجوم قوات الدعم السريع على مواقع الجيش في المدينة من عدة محاور.


سلاح على الأرض

بين المخاوف والآمال.. انقسام سوداني حول هدنة الرباعية الدولية؟

منذ إعلان دول الرباعية، التي تضم الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، الدفع بمقترحات لهدنة إنسانية بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان منتصف تشرين الأول/أكتوبر 2025، وتسليم الجانبين المسودة المتعلقة بوقف إطلاق النار للأغراض الإنسانية، يتصدر الشبكات الاجتماعية جدل واسع بين السودانيين حول جدوى الهدنة.

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
أخبار

التعليم العالي تعيد خدمات التقديم والتوثيق إلى مقرها الرئيس بالخرطوم

أعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، اليوم الأحد 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، عودة جميع خدمات التقديم الإلكتروني وتوثيق الشهادات إلى المقر الرئيس للإدارة العامة للقبول بشارع الجمهورية في الخرطوم

سلاح - مسلحين - مستنفرين.jpg
أخبار

الجيش السوداني يدعو دول الإقليم إلى منع تدفّق الأسلحة للدعم السريع

دعا الجيش السوداني دول الإقليم إلى تحمّل مسؤولياتها ومنع تدفّق الأسلحة إلى الميليشيات والمجموعات غير الشرعية، محذّرًا من أن هذا الاتجاه يشكّل خطرًا على دول المنطقة.


سلوى آدم بنية مفوض العون الإنساني
أخبار

سلوى بنية: الدعم السريع لم تلتزم بقرار رفع الحصار عن المدن

أكدت مفوضية العون الإنساني في السودان، اليوم الأحد 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025، أن قوات الدعم السريع لم تلتزم بقرار رفع الحصار عن المدن.

مبعوث الاتحاد الأفريقي لمنع الإبادة الجماعية يصل السودان
أخبار

المبعوث الأفريقي للإبادة الجماعية يصل البلاد لإجراء مباحثات رسمية

يبدأ مبعوث الاتحاد الأفريقي لمنع الإبادة الجماعية، السيد أداما دينق، زيارة رسمية للبلاد تستمر أربعة أيام، يلتقي خلالها عددًا من المسؤولين في وزارات الخارجية والعدل والشؤون الدينية، إلى جانب النائب العام.

الأكثر قراءة

1
أخبار

مصادر عسكرية لـ"الترا سودان": الجيش يتصدى لأعنف هجوم على الفرقة 22 مشاة في بابنوسة


2
سياسة

تصاعد القتال في بابنوسة وزيارة أممية تبحث حماية وإغاثة المدنيين


3
أخبار

شبكة أطباء السودان: توثيق 32 حالة اغتصاب مؤكدة بالفاشر خلال أسبوع 


4
أخبار

متطوعون: مئات المفقودين بالفاشر يرجح وجودهم في معتقلات سرية


5
أخبار

مصادر: سيطرة الجيش على بلدتين في شمال كردفان تعزّز حماية الأبيض