بعد عامين من الحرب... إلى أين يتجه المشهد العسكري في السودان؟
15 أبريل 2025
تدخل حرب السودان عامها الثالث، وسط توقعات باشتداد وتيرة العمليات العسكرية في غرب البلاد وجنوبها، مع انخفاضها في الوسط، مما يؤكد استمرارها، لا سيما في ظل عدم وجود حل سلمي يلوح في الأفق لإيقاف القتال الذي خلف آلاف القتلى وشرد ملايين النازحين واللاجئين.
في منتصف العام 2024، سيطر الجيش السوداني وحلفاؤه على ولايات سنار والجزيرة، وأجزاء واسعة من ولاية الخرطوم التي كانت تسيطر عليها قوات الدعم السريع منذ اندلاع الحرب في 15 نيسان/أبريل 2023.
عبدالله آدم خاطر: الحرب ستنتهي بوعي الشعب بعد تمددها المستمر لعامين
ويرجح خبراء عسكريون أن يشهد العام الثالث للحرب تصعيدًا كبيرًا في العمليات العسكرية، بعد أن أعلن قادة الجيش السوداني انتقال القتال إلى إقليمي دارفور وكردفان.
الحرب في كردفان ودارفور
يؤكد القائد الميداني بقوات العمل الخاص، الرائد فتح العليم الشوبلي، أن المعركة فعليًا انتقلت إلى ولايات كردفان ودارفور.
وقال الشوبلي لـ"الترا سودان": "بعد الهزيمة الساحقة التي تلقتها المليشيا في الخرطوم والخسائر التي لحقت بقواتها في الأرواح والعتاد، وحالة الانهيار المعنوي التي تحاصر مرتزقتها، لجأت إلى التركيز على القيام بمناوشات في المناطق الموجودة بها في غرب أم درمان وشرق الأبيض ومناطق الفولة وأبو زبد، هذا بالتزامن مع شنها لهجمات متواصلة وبصورة مكثفة على مدينة الفاشر آخرها الجريمة النكراء التي اقدمت عليها في معسكر زمزم".
ويضيف: "على الأرض في غرب أم درمان ومناطق كردفان لا تستطيع المليشيا أن تحقق أدنى أهدافها، وإنما تسعى إلى شغل القوات المسلحة بهذه المناوشات، والحد من توغل قواتنا إلى عمق مناطق تمركزها في بارا والدبيبات وأبو زبد".
ولفت القائد الميداني إلى أن "الدعم السريع ستسعى جاهدة إلى تسخير كل إمكانياتها وحشد كل قواتها في هجومها على الفاشر في محاولة أخيرة لإسقاطها، لكن الفاشر التي أثبتت في كل مرة أنها قدر التحديات ومدينة البطولات ستخيب آمال الخونة والعملاء ليست هذه المرة فقط ولكن لمائة مرة قادمة"، حسب قوله.
وتابع: "ستعود نيالا والجنينة وزالنجي والضعين كما عادت مدني والخرطوم وسنجة من أيدي العابثين، وستعاد الفاشر مدينة للفجر لا للفجيعة، للحياة لا للظلام".
تفوق نسبي
من جهته، يرى الخبير العسكري خليل آدم، أن الانتصارات التي حققها الجيش السوداني مؤخرًا في الجزيرة وسنار وأجزاء واسعة من الخرطوم، تؤكد التفوق النسبي للجيش لكنها لا تعني حسم الحرب بشكل نهائي لصالحه.
وقال خليل لـ"الترا سودان": إن الانتصارات التي تحققت تتيح للجيش ومعاونيه التحرك إلى كردفان ودارفور لاستعادة السيطرة على تلك المناطق".
ولفت الخبير العسكري، إلى أن قوات الدعم السريع في الآونة الأخيرة أصبحت تستعين بالطيران المسيّر لإيقاف تحرك القوات المسلحة، خاصة عبر محور الصحراء الذي تنتشر فيه القوات المشتركة بكثافة تمهيدًا لدخول الفاشر لفك الحصار عنها.
ولم يستبعد خليل آدم، مهاجمة قوات الدعم السريع، للولاية الشمالية عبر محور الدبة، بعد أن كثفت استهداف البنية التحتية بالطيران المسيّر في الآونة الأخيرة، ولكنه استدرك قائلًا: "هذا الهجوم نتائجه ستكون وخيمة على الدعم السريع لأن سلاح الطيران سيحصد جنود الدعم السريع باعتبار أن المنطقة مكشوفة وبها آلاف الكيلومترات".
وعي شعبي
من وجهة نظر الباحث في الشؤون السودانية والمختص في النزاعات، عبد الله آدم خاطر، أن الحرب جوانبها عسكرية وبها عنف لفظي واسع، ومتضمنة أنواعًا أخرى من النزاع الاجتماعي والاقتصادي التاريخي، إذ لم تفلح التشريعات السودانية معالجة هذا الخلل.
ويضيف: "ظهرت أصوات تطالب بحقوقها الدستورية بشكل واضح، فضلًا عن الفجوات السياسية التي نجحت القوى الدولية والإقليمية في استقلالها وتأجيج النزاع بالتشجيع المباشر والدعم بالسلاح، أو المساندة القانونية والسياسية، والالتفاف حول القوانين الدولية كما يحدث الآن".
وأشار خاطر، إلى أن هناك وعي شعبي متصاعد، وبدأ يظهر تيار قوى في مواجهة الحرب والنزاعات، مما يرجح أن الحرب ستنتهي بوعي الشعب، بعد تمددها المستمر لعامين، حيث أدت إلى فقدان المواطن لكل مدخراته، فضلًا عن أن هذا الشعور القوى بأن الحرب لن تؤدي إلى مستقبل لأي طرف من الأطراف المتحاربة، فبالتالي تتوالى الضغوط من المجتمع الدولي والإقليمي، الذي يرى ضرورة أن يكون هناك حوار بين الجماعات الأساسية "الجيش والدعم السريع" ومن مواليهم، لأن ما تم تدميره يكفي، ولا بد من لملمة الأطراف والسماح للوصول إلى تفاهمات، وهذا يقلل من تمدد الحرب.
وشدد على ضرورة أن تستمر الجهود في الاتجاه لوقف الحرب والنزاع وإتاحة الفرصة لبناء البلد وفق القدرات الموجودة.
تقسيم ظاهري
ويقول الصحفي والمحلل السياسي أحمد حمدان لـ"الترا سودان" إن المشهد العسكري في العام الثالث سيشهد نوعًا من الهدوء بعد اكتمال عملية التقسيم الظاهري، بحيث تسيطر قوات الدعم السريع على كامل إقليم دارفور، ومتى ما تمت السيطرة على الفاشر سينسحب الدعم السريع من أم درمان والنيل الأبيض.
ويضيف: "عدم تدخل الجيش بالإسناد الجوي في معركة زمزم يشير إلى أنه تخلى عن الفاشر، لذا بعد أن يكمل الدعم السريع السيطرة على الفاشر، لن تكون هناك معارك لأن الجيش إذا كانت لديه نية تصعيد عسكري في دارفور كان من المفترض أن يذهب في الوقت الحالي".
وتوقع حمدان، أن تشهد مناطق كردفان عمليات عسكرية باعتبارها الآن منطقة نزاع ولا تخضع للسيطرة الكاملة لأي من الأطراف، وكلاهما سيحاول التمدد فيها على حساب الآخر.
وأشار إلى أن أكثر المناطق التي ستشهد نزاعًا في كردفان منطقة جنوب كردفان، لوجود الجيش في مناطق كثيرة بها، وبالتالي التحالف الذي حدث بين الدعم السريع والحركة الشعبية سيعمل على تقليص وجود الجيش في جنوب كردفان من أجل توسيع تمدد الحركة العشبية في مساحات أكبر، وعندما يتم تشكيل الحكومة الموازية تجد مناطق واسعة تحت سيطرتها.
قائد ميداني بالعمل الخاص: المعركة انتقلت فعليًا إلى ولايات كردفان ودارفور
وبالمقابل، يتحدث أحمد حمدان، عن أن الجيش سوف يتحرك في تلك المناطق لصد أي هجمات للدعم السريع والحركة الشعبية، وهذا يرجح التصعيد العسكري الذي بدأ في الأسابيع الماضية.
واستبعد المحلل، أن يكون هناك أيّ نوع من التفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الوقت الحالي.
وأكد أن منبر جدة تجاوزه الزمن، وإذا كانت هناك أيّ عملية تفاوضية، لا بد أن يتم تصميمها عبر منبر جديد، لأن منبر جدة عندما بدأت الحرب كانت بين الجيش والدعم السريع، والآن تقاتل معهم أطراف كثيرة جدًا ولابد أن تكون موجودة في العملية التفاوضية حتى يتم شملها في الترتيبات الأمنية.
الكلمات المفتاحية

السودان… أزمة إنسانية واقتصادية على أعتاب حرب ثالثة
على أعتاب العام الثالث من حرب السودان تتنامى التحذيرات من موجات نزوح جديدة، وتفشي المجاعة في مناطق أكثر هشاشة بإقليم دارفور وكردفان، مع احتدام الصراع بين الجيش والدعم السريع خلال الشهر الماضي.

الخرطوم.. الجيش يسيطر وأحلام العودة تراود السكان
"حتى الآن، لا أستطيع تصديق الخبر، أشعر بأنه حلم" – هكذا علّق النور بابكر على خبر سيطرة الجيش على الخرطوم وخلوها من قوات الدعم السريع، بعد نحو 700 يوم من اندلاع الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

بين الاعتراف والتعليق.. هل يعود السودان للاتحاد الأفريقي؟
في خضم صراع دموي دخل عامه الثاني، برزت من قلب القارة تصريحات لافتة لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، اعتبر فيها السودان "القلب النابض لأفريقيا"، مشيدًا بـ"الانتصارات" التي تحققها القوات المسلحة. جاءت هذه التصريحات خلال لقائه بعضو مجلس السيادة الانتقالي، الفريق إبراهيم جابر، على هامش القمة العربية في بغداد، ما فتح باب التساؤلات: هل بات الطريق ممهَّدًا لعودة السودان…

السودان.. تعيين رئيس وزراء لأول مرة منذ أربع سنوات
بعد أربعة أعوام، تمكَّن رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان من تعيين رئيس وزراء بصورة رسمية، لينهي فترة تكليف مسؤولين لإدارة مهام السلطة المدنية التنفيذية، منذ أن أطاح بالحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021.

السودان… أزمة إنسانية واقتصادية على أعتاب حرب ثالثة
على أعتاب العام الثالث من حرب السودان تتنامى التحذيرات من موجات نزوح جديدة، وتفشي المجاعة في مناطق أكثر هشاشة بإقليم دارفور وكردفان، مع احتدام الصراع بين الجيش والدعم السريع خلال الشهر الماضي.

مركز الطوارئ: 2323 إصابة بالكوليرا في السودان خلال 3 أسابيع
كشف اجتماع مركز عمليات الطوارئ، المنعقد اليوم الثلاثاء بمدينة كسلا، عن تسجيل 2323 حالة إصابة بالكوليرا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بينها 51 وفاة، مشيرًا إلى أن 90% من الإصابات والوفيات سُجلت في ولاية الخرطوم، تحديدًا في محليتي كرري وجبل أولياء.

كنائس تنعى شيخ كهنة السودان الأب فيلوثاوس فرج
نعت كنيسة الشهيد العظيم الأمير تادرس الشطبي وعدد من الكنائس السودانية الأخرى، اليوم الثلاثاء، الموافق 20 أيار/مايو 2025، الأب الدكتور القمص فيلوثاوس فرج، شيخ كهنة السودان، الذي توفي في العاصمة المصرية القاهرة عن عمر يناهز الثمانين عامًا.

بوتين يوجه دعوة رسمية للبرهان للمشاركة في القمة الروسية العربية
تلقى رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان، دعوة رسمية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للمشاركة في القمة الروسية العربية .