الواجب المنزلي المُلح لرئيس الوزراء كامل إدريس
2 يونيو 2025
في أول خطاب له عقب توليه المنصب الذي ظلّ فارغًا منذ انقلاب 2021، طاف رئيس الوزراء كامل إدريس على مجمل المسائل التي يُتوقّع أن يتحدث عنها كل من يتولّى المنصب في الظروف التي تمر بها البلاد، ولكن من المؤكد أن قطاعًا واسعًا من الناس أنصت إلى مسائل مُلحّة تحتاج إلى المعالجة بشكل عاجل.
من المستبعد أن يحلّ كامل إدريس الأزمة السودانية ذات الجذور الضاربة في عمق الدولة الوطنية، كما أن إنهاء الحرب القائمة في البلاد ملفّ مُقفل عليه بالكامل في حقائب العسكريين
ومن المستبعد أن يحلّ كامل إدريس الأزمة السودانية ذات الجذور الضاربة في عمق الدولة الوطنية، كما أن إنهاء الحرب القائمة في البلاد ملفّ مُقفل عليه بالكامل في حقائب العسكريين، وهو ما لمّح إليه بوصفها تمرّدًا بما يتسق مع الرواية الرسمية للجيش السوداني. كما أن رقعة واسعة من البلاد ستكون خارج إدارته المباشرة، بحكم أنها مناطق عمليات عسكرية نشطة، وأخرى في خط التماس، وجميعها ستكون الكلمة الأولى والأخيرة فيها لقادة الجيش ضمن الملف الحربي.
في الجانب الآخر، أزمات مثل الفقر المستشري في السودان تحتاج إلى حكومات وحكومات لحلّها، وواقع مختلف تكون فيه الدولة غير منهكة بحرب ضروس تستنزف الميزانية وتعطّل الاقتصاد. قضايا السودان الكبيرة عجزت الحكومات، في أوضاع أقل سوءًا، عن معالجتها، وهو ما قادنا في آخر المطاف إلى واقع الصراع.
المسائل التي تشغل بال الناس في الولايات الآمنة، وتلك التي استعادها الجيش مؤخرًا، تدور حول ملفات الخدمات مثل الصحة والتعليم والمياه والكهرباء، وهي أمور معطّلة بشكل كبير منذ انطلاق الرصاصة الأولى في المدينة الرياضية بالخرطوم عام 2023.
ومن الواضح أن حيثيات تعيين كامل إدريس تدور حول الملف الخارجي، إذ من المتوقّع أن يعيد السودان إلى الاتحاد الأفريقي المرحّب بخطوة تعيينه، فضلًا عن جلب الدعم من أجل إعادة إعمار ما دمرته الحرب وهو الواجب الأهم، بجانب تسيير دولاب الدولة بشكل شبه طبيعي قدر الإمكان، بعد ربكة العسكرة الشديدة في مناطق الجيش.
يعاني السودانيون من انقطاعات مستمرة للكهرباء تستغرق اليوم كله، وربما ضمن جهوده الخارجية، من الأفضل أن يستصحب رئيس الوزراء الواجب المنزلي المتمثّل في إمداد طارئ بالكهرباء
ولكن، يعاني السودانيون من انقطاعات مستمرة للكهرباء تستغرق اليوم كله، وربما ضمن جهوده الخارجية، من الأفضل أن يستصحب رئيس الوزراء الواجب المنزلي المتمثّل في إمداد طارئ بالكهرباء حتى تعود الحياة إلى وضع يمكن أن يطيقه الناس.
ترتبط الصحة والمياه، وحتى التعليم، بشكل مباشر بالتيار الكهربائي الغائب، ويمكن للسودان الاستفادة من النشاط الخارجي المتوقع لرئيس الحكومة في إعادة إحياء وزيادة الربط الكهربائي مع دول الجوار، المتمثلة في مصر وإثيوبيا، حتى ينعم الناس بعودة بعض النور إلى بيوتهم والمياه إلى حنفيات المنازل.
تنتشر الكوليرا في عدد كبير من ولايات السودان جراء اعتماد الناس على المياه المجلوبة دون تنقية من مصادر مثل الأنهار والترع والآبار، وتكون تلك المياه ملوّثة ابتداءً، أو تتلوث في الطريق إلى المواطن، أو في بيته، مما يتسبب في انتشار الأوبئة التي تفتك بالناس.
الكهرباء هي عماد الخدمات، وبالسودان اليوم تعتمد المستشفيات القليلة المتبقية ومعظم القطاعات الأخرى على مصادر طاقة خارج الشبكة ولا يمكن الاعتماد عليها ما يؤثر بشكل كبير في استمرارها وكفاءتها.
بدون الكهرباء، تتذبذب خدمات الاتصالات أيضًا، تلك التي يعتمد عليها المواطنون في المعاملات المالية، في ظل الشحّ الكبير للسيولة النقدية، الأمر الذي يساهم في الأزمة الاقتصادية الضارية التي تمر بها البلاد.
ويتسبب الاعتماد على الوقود في التوليد الكهربائي، سواء بشكل فردي أو للشركات والمؤسسات، في نزيف العملة الصعبة القليلة التي تملكها البلاد، ما يعني أن الكهرباء ملف مفتاحي لإحداث انفراجة طفيفة في الوضع الاقتصادي ومعاش الناس.
هل يتمكن رئيس الوزراء الجديد من كسب الناس عبر الاستجابة لهمومهم المُلحّة؟ أم ينشغل فقط بالملف الخارجي الذي أتى به من خلف البحار؟ هذا ما ستكشفه مقبل الأيام
ومن خطابه الأول، الذي غلب عليه الحماس والاستعراض، يبدو أن كامل إدريس قادم إلى السودان بعقلية ليست بالساذجة، ولكنها تفتقر إلى الخبرة والبصيرة حول الأوضاع الإدارية والتنفيذية المتردية في هياكل الدولة. ولكن قد تنجح هذه الظروف، التي سيصطدم بها لا محالة، في إجلاء معدنه. فهل يتمكن رئيس الوزراء الجديد من كسب الناس عبر الاستجابة لهمومهم المُلحّة؟ أم ينشغل فقط بالملف الخارجي الذي أتى به من خلف البحار؟ هذا ما ستكشفه مقبل الأيام.
- المقالات المنشورة في هذا القسم تُعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبّر بالضرورة عن رأي "ألترا صوت"
الكلمات المفتاحية

هل تحالف "صمود" قابل للإصلاح؟
بما أن تحالف "صمود" يرغب في سماع الآراء المخالفة، يجب عليه الوضع في الاعتبار أن الإصلاح، بالنسبة للقوى المدنية المنخرطة في البحث عن الحكم المدني والديمقراطية، يمكن أن يحدث إذا تحملت "عملية جراحية قاسية"، وقررت العودة إلى نقطة الصفر عند حدود ثورة ديسمبر، ومراجعة التحالفات التي ارتُكبت فيها أخطاء فادحة

الإسلاميون في السودان.. من الشعارات إلى واقع الانهيار
لم ينتظر الإسلاميون كثيرًا عقب سقوط نظامهم، فانخرطوا في معارضة السلطة الانتقالية التي ورثت كثيرًا من التحديات على عدة أصعدة؛ أبرزها تعدد الجيوش، والانهيار الاقتصادي، والديون الهائلة التي ظلت تتراكم، وملف العدالة

السودان.. هل يذهب نحو السيناريو الليبي؟
يعتقد كثيرٌ من السودانيين أن مآلات هذه الحرب ستشبه كثيرًا السيناريو الليبي، وأننا موعودون بنظامين يقسِّمان السودان شرقًا وغربًا؛ تكون فيه القوات المسلحة تحكم الجزء الشرقي، الذي يضم "الإقليم الشرقي والعاصمة الخرطوم ووسط السودان وبعضًا من إقليم كردفان"، بينما تتحكم مليشيا الدعم السريع في غرب السودان (ولايات دارفور وبعض من إقليم كردفان)، ويحدث وقف دائم لإطلاق النار، وتستمر الحياة هكذا.

13 إصابة بينها حالتا وفاة بضربات الشمس بولاية البحر الأحمر
كشفت اللجنة الفنية للطوارئ الصحية بوزارة الصحة ولاية البحر الأحمر، عن تسجيل 13 حالة إصابة بضربات الشمس، بينها حالتا وفاة بولاية البحر الأحمر.

سيول مفاجئة تتسبب بنزوح عشرات الأسر في شمال دارفور
أعلنت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة أن السيول الناجمة عن أمطار غزيرة اجتاحت بلدة دار السلام في ولاية شمال دارفور خلال يومي 14 و15 تموز/يوليو الجاري

زيادة جديدة في الدولار الجمركي تحدث سخطًا في أوساط المستوردين بالسودان
قال متعاملون في التخليص الجمركي، إن الحكومة نفذت زيادة جديدة في التعرفة الجمركية الخاصة بعمليات الاستيراد، برفع القيمة من ألفي جنيه إلى 2400 جنيه اليوم الأربعاء.

الهلال والمريخ يعتذران عن خوض نهائي كأس السودان
أعلن ناديا الهلال والمريخ في بيان مشترك، أمس الثلاثاء، اعتذارهما عن خوض مباراة نهائي كأس السودان، المقررة في 26 تموز/ يوليو الجاري على ملعب بورتسودان، مبررين ذلك بجملة من التحديات التي رافقت مشاركتهما في البطولات خلال فترة الحرب.