النسج الخرافي بشأن اختفاء قائد الدعم السريع حميدتي
23 فبراير 2025
عند الشهر الثاني بالضبط من اندلاع الحرب السودانية "15 نيسان/أبريل 2023"، بدأ المخيال الشعبي في نسج الحكايات الغرائبية عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
رويدًا رويدًا تحول السؤال من "هل مات أم هو حي؟" إلى الحديث عن شخص "ميت - حي" أو "بعاتي" حسب الثقافة المحلية
الحكاية الأولى التي انتشرت واستشرت بشكل كبير في ذلك الوقت أكدت مقتل حميدتي في "غارة جوية – هجوم مباشر"، نفذته وحدة متخصصة من الجيش السوداني.
وجدت هذه الرواية – غير المؤكدة – رواجًا غير طبيعي وأشاعت شعورًا بالراحة التعويضية لأنصار القوات المسلحة، لا سيما أن قوات الدعم السريع كانت متقدمة بشكل كبير على الجيش وتحاصر أغلب وحداته العسكرية داخل ثكناته ومعسكراته.
في الجانب الآخر، جهة أنصار الدعم السريع، حاول الإعلام الرسمي لهذه القوات، مدعمًا بالدفع الحكائي الشعبي – البطولي، نفي خبر مقتل حمديتي، وتأكيد أنه "حي يقاتل" موجود وسط جنوده مشاركًا في المعارك.
ما بين نفي موت حميدتي وتأكيده، استمرت المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مات خلالها الآلاف وشرد الملايين، توسعت انتهاكات قوات حميدتي واتسعت بالتالي رقعة الناقمين على الرجل والكارهين لوجوده، ولم يكن من بديل حينها سوى المضاد المعنوي الوحيد وهو إعادة ترديد قصة "موت القائد الهارب"، مع التنويع في تفاصيل الإصابة وموقعها وكيفيتها عند كل مرة، إلى أن ظهر الرجل ذات يوم في مقطع فيديو قصير ينفي موته ويؤكد إنه حي يمشي بين الناس، ويصدر أوامره لجنوده بـ"المزيد من القتل".
على نحو مفاجئ تحولت قصة اختفاء – موت حميدتي إلى محتوى خرافي، فوق طبيعي، بمجرد ظهوره في مقاطع فيديو وتسجيلات صوتية خطابية تؤكد وجوده، والمدهش أن شخصيات سياسية ذات وزن شاركت في "بناء القصة الخرافية" بشأن موت الرجل، ورويدًا رويدًا تحول السؤال من "هل مات أم هو حي؟" إلى الحديث عن شخص "ميت - حي" أو "بعاتي" حسب الثقافة المحلية، و"زومبي" وفقًا للخرافة العالمية.
لفترة ليست قصيرة تداول أعداء حميدتي، في سخرية تعويضية مريرة، لقب "البعاتي" حين الإشارة إلى الرجل في أي حديث، أو مع كل ظهور جديد له في أحد خطاباته الموجهة إلى "أشاوسه"، ثم فجأة وكأن الناس ملت من قصة "البعاتي" شاع لقب جديد ليلازم الرجل بعد أول ظهور حركي له في مقطع فيديو التقط في إحدى الدول الإفريقية التي استضافته، إذ بدا في هذا المقطع نحيلًا وأقرب إلى الشخص المريض جدًا من تلك الصورة – صورته المليئة بعنفوان الشباب، ما قبل الحرب.
بدأ اللقب الجديد بقصة تستفيد من آخر تطورات التقنية العالمية، فقيل بمجرد ظهور مقطع الفيديو إن المشاهد مركبة، وإن الأمر لا يعدو أن يكون "ذكاء اصطناعي"، وربما للتركيب الثنائي المعقد للمسمى التفسيري "ذكاء اصطناعي"، لجأ مروجو الحكايات إلى إطلاق لقب آخر على قائد الدعم السريع، أخف وأسهل استخدامًا على الألسن، فكان "الروبوت!".
استخدم لقب "الروبوت"، أو الرجل الآلي، من قبل أعداء حميدتي الساخرين والشامتين لفترة طويلة، يشيرون إليه مع كل ظهور قصير للرجل، فيديو أو صوت، مع إيمان متوارٍ لدى الجميع بأن الرجل لا يزال على قيد الحياة وضدها، لكنه لأسباب ما يفضل الاختباء.
في يوم أمس الأحد 22 شباط/فبراير 2025 تجددت الأسئلة المحيرة - الجادة بشأن اختفاء السيد حميدتي، فجرها الغياب غير المبرر للرجل عن أهم حدث سياسي يخص قواته منذ اندلاع الحرب، وهو توقيع الميثاق السياسي للجماعات والكيانات والحركات المتحالفة مع الدعم السريع، فهذا حدث بلا شك يستحق ظهور الرجل أكثر من كل تلك المرات السابقة المشتبكة بألقاب الغياب التحويرية، التي ارتبطت كذلك في كثير من الأحيان بالفعل الإعلامي المضاد، وبالسخرية الناتجة عن حالة المرارة التي خلفتها انتهاكات قوات حميدتي المتتالية ضد المواطنين مع استمرار أمد الحرب.
تُرى أين ذهب حميدتي؟ وفي أي مكان يخفي نفسه؟
- المقالات المنشورة في هذا القسم تُعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبّر بالضرورة عن رأي "ألترا صوت"
الكلمات المفتاحية

الدعوات الانفصالية.. تفكيك للسودان أم استكمال لمشروع الحرب؟
مع اقتراب سيطرة الجيش السوداني على كامل ولاية الخرطوم، تصاعدت دعوات انفصالية، الجزء الأكبر منها يستند إلى مرتكزات عنصرية واصطفافات عرقية، وسط محاولات لخلق واقع سياسي جديد يخدم أطرافًا خارجية، وعلى رأسها الإمارات، التي أصبحت الأداة الصلبة لهذا المشروع.

من يفكر للسودان؟
يعتبر البحث العلمي من أهم الأنشطة التي يمارسها العقل البشري، فهو جهد منظم من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى صناعة الحياة، وتحقيق التطور والنهضة، وبناء المستقبل الأكمل. ولا يمكن قراءة تقدم الأمم ونهضتها الحضارية بعيدًا عن رعايتها واهتمامها بالبحث العلمي وتطبيقاته. ومن هنا، فإن هذه الأهمية للبحث العلمي تتطلب الاهتمام بمؤسساته وأدواته، وعلى رأسها الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات، سواء الحكومية منها…

وحوش السودان أيضًا بلا وطن
الفيلم السينمائي "وحوش بلا وطن" يعد من الأفلام النادرة والناجحة التي تناولت تأثيرات الحروب المأساوية على الأطفال. وبالطبع تدور أحداث الفيلم في قارة إفريقيا، القارة التي تشهد أكبر نسبة من الحروب والنزاعات المميتة التي تستخدم خلالها أجساد الأطفال والنساء أداة وساحة للحرب والموت والتشويه والإفناء.

ماذا تريد قوات الدعم السريع من السودانيين؟
منذ أول طلقة في حرب 15 نيسان/أبريل في السودان، تتناقض خطابات قوات الدعم السريع وأفعالها، حتى ليخال المرء أن هذا الأمر من قبيل الهزء والسخرية. فبينما تقدِّم الآلة الإعلامية الجبارة لهم سردية الحرب على أنها حرب من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتستهدف انتزاع السُلطة من الإسلاميين وفلول النظام البائد ومنحها للشعب والقوى السياسية ليكون الحكم مدنيًا ديمقراطيًا، كانت قواتهم تحتل المنازل في الخرطوم،…

معارك ضارية وسط الخرطوم والجيش يحرز تقدمًا نحو القصر
أحرزت القوات المسلحة تقدمًا جديدًا وسط الخرطوم صباح اليوم، إثر معارك ضارية بدأت منذ الساعة الرابعة وفق مصادر محلية، فيما اضطرت قوات الدعم السريع تحت الضربات الجوية المكثفة وانتشار المشاة بالتراجع الميداني

القوات المسلحة تعلن التحام المدرعات مع القيادة العامة وسط الخرطوم
أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد ركن نبيل عبدالله، التحام جيشي القيادة العامة وسلاح المدرعات عقب السيطرة على منطقة مستشفى الشعب اليوم الاثنين، وهزيمة قوات الدعم السريع.

السودان.. هل يقود صراع الفصائل العسكرية المساندة للجيش إلى الاقتتال؟
في غمرة تقدم الجيش، اندلع تنافس محموم بين الفصائل على النفوذ ومواقع التأثير السلطوي ومراكمة الثروة والاعتبار، فاشتعل خلاف معلن بين القوة المشتركة لحركات دارفور المسلحة وقوات درع السودان من جهة، وبينهما معًا في مقابل كتائب الإسلاميين من جهة أخرى

أعضاء بمجلس الأمن يدينون اختطاف قوات الدعم السريع لموظفين أمميين
قال أعضاء بمجلس الأمن الدولي، إن قوات الدعم السريع احتجزت 60 من حفظة السلام الأمميين، واختطفت ثمانية موظفين مدنيين، ونهبت قافلة لوجستية تتبغ لقوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا)، مكونة من ثماني مركبات و280 ألف لتر من الوقود.