مجتمع

الموت مقابل الماء.. الخوي بين الدعم السريع والقوة المشتركة

8 يونيو 2025
العطش في كردفان
عشرات القرى بالقرب من الخوي تشكو من العطش (أرشيفية/غيتي)
جوليوس الجيلي
جوليوس الجيليصحفي من السودان

منذ دخول قوات الدعم السريع إلى مدينة الخوي بولاية غرب كردفان، تحوّلت حياة سكان القرى الواقعة شمال المدينة إلى جحيم يومي، فبينما كانت هذه المناطق تعتمد بشكل شبه كامل على المدينة لجلب مياه الشرب، أدى الوضع الأمني المتدهور إلى قطع هذا الشريان الحيوي، لتجد عشرات القرى نفسها محاصرة داخل "مثلث العطش".

لقرون طويلة، ظل سكان شمال الخوي يعتمدون على "دونكي الخوي" كمصدر رئيسي للمياه، خاصة خلال فصل الصيف، حيث تُنقل المياه عبر عربات قديمة (اللواري والتركترات) إلى أحواض وخزانات في القرى. أما في موسم الخريف، فإن الحاجة للمياه تقل بسبب امتلائها من الخيران.

دخول قوات الدعم السريع إلى الخوي أواخر أيار/مايو الماضي، جعل الوصول إلى المدينة مخاطرة حقيقية، خاصة بعد تسجيل حوادث استهداف مباشر لعربات نقل المياه

لكن دخول قوات الدعم السريع إلى الخوي أواخر أيار/مايو الماضي، جعل الوصول إلى المدينة مخاطرة حقيقية، خاصة بعد تسجيل حوادث استهداف مباشر لعربات نقل المياه. وأفاد "الترا سودان"، المواطن الذي يعمل بالتدريس في المنطقة، محمد أحمد الشايب، أن عربتين ضُربتا، وأبرزها كان مقتل المواطن خالد جاد الله في الخوي إثر استهداف عربته عبر "دانة"، حيث توفي على الفور، ولم يُعثر على شقيقه الذي كان برفقته.

يقول (خ.ط)، أحد أبناء المنطقة وقد نزح إلى الأبيض: "هذه مناطق ما فيها أي مقاومة، ولا حتى سلاح، ولا مستنفرين، لكن مع ذلك يتم نهب ممتلكاتهم. سكان هذه القرى هم رعاة، مصدر رزقهم هو تربية الضأن الحمري والصمغ العربي. اضطر الكثير منهم للفرار إلى الأبيض".

قرى عطشى

تضم مناطق شمال، شمال غرب، وشمال شرق الخوي عشرات القرى، وهي: حلة الشريف ود أصيل، أم غبيشة، ود النيل، المعاركة (مقيسم محبوب)، مقيسم الطاهر، شلوتة، عرك، القفيل، حلة سعيد، العرجان، كرنكة، حمير أصيل، سليمة، ود العاتي، القبة، نبلت، حمير علي، حمير عثمان، أم القرى، أم جوة، ود جغام، المسيم، الهشيم، ود أبو عاجة، أم بوم، ود لبن، ود أم عصمة، أم ليونة، الكول، السردابة، دقيل الكورة، النعيجة، أدنكوج، أم سرير ساغة، ود جراد، حبايب، المريحبية.

تقع كل هذه القرى خارج مناطق المياه الجوفية، ما يجعلها تعتمد كليًّا على جلب المياه من الخوي في فترة الصيف

تقع كل هذه القرى خارج مناطق المياه الجوفية، ما يجعلها تعتمد كليًّا على جلب المياه من الخوي في فترة الصيف. لكن الآن، مع دخول الدعم السريع، إما أن تذهب إلى الخوي، وهذا يُعرضك لخطر النهب أو الموت، أو أن تذهب إلى منطقة أم كريدم.

بدائل محدودة: منطقة أم كريدم

اضطر الأهالي إلى استخدام مصدر بديل، وهو منطقة أم كريدم التابعة لمحلية غرب بارا. وتبعد أم كريدم عن قرى شمال الخوي ما بين 12 كيلومترًا إلى 30، حسب القرية.

ورغم أن أم كريدم تُعتبر منطقة آمنة نسبيًا نتيجة اتفاقيات غير رسمية بين الدعم السريع والإدارات الأهلية، إلا أن الضغط الكبير عليها للحصول على المياه أدى إلى تكدس العربات هناك لأيام في انتظار التعبئة.

وأفاد مصدر محلي: "بسبب الازدحام، العربة قد تبقى ليومين كاملين حتى يأتي دورها". وهناك بعض الناس يذهبون إلى منطقة أولاد بخيت، وهي تبعد مسافة 72 كيلومترًا من قرى شمال الخوي.

الجنوب بلا عطش.. لكن الانتهاكات حاضرة

رغم أن القرى الواقعة جنوب الخوي لا تعاني من أزمة مياه، فإنها شهدت انتهاكات جسيمة من قبل الدعم السريع، أبرزها في قرى: نشربو، الفواضل، بني بدر، أم لبانة، ود قاسم، أم عجيجة، كدير، أبلج، السعاتة، خماسات (خماس حلاب، الحلة، حجر). وبحسب محمد الشايب، شملت هذه الانتهاكات نهب الماشية.

القوة المشتركة

الانتهاكات لم تقتصر على قوات الدعم السريع، بل إن القوة المشتركة المتواجدة في المنطقة قبل الدعم السريع كانت لها سوابق في استهداف المدنيين.

مصدر: قُتل المواطن محيي الدين أحمد حسن بسبب جملة عابرة قالها لأحد أقاربه عبر الهاتف

وفي 14 أيار/مايو، وبحسب مصدر محلي تحفظ على ذكر اسمه، قُتل المواطن محيي الدين أحمد حسن بسبب جملة عابرة قالها لأحد أقاربه عبر الهاتف، نصحه فيها بسلك الطريق الشمالي لأنه أكثر أمانًا. فُهمت الجملة على أنها ترويج للدعم السريع، وتم اعتقاله وقتله لاحقًا على هذا الأساس، رغم أنه كان ينوي التوجه إلى قرية المقيسم بشمال الخوي.

النزوح الجماعي

مع تصاعد الانتهاكات واستمرار المواجهات العسكرية، شهدت المدينة موجات نزوح جماعية، حيث توجه البعض نحو النيل الأبيض، إلا أن الغالبية استقرت بمدينة الأبيض.

أفاد بيان منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة في الأول من أيار/مايو 2025، بارتفاع أعداد النازحين من الخوي والنهود بولاية غرب كردفان إلى 46 ألف فرد. وقالت المنظمة إنه حتى الأربعاء 30 أيار/مايو، نزحت 9,367 أسرة بعدد أفراد يصل إلى 46,840 شخصًا.

الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 45 عامًا لم يعد بإمكانهم البقاء في الخوي، إذ إن وجودهم يعني خطر الاعتقال أو التجنيد القسري

وأفاد محمد أحمد الشايب بأن الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 45 عامًا لم يعد بإمكانهم البقاء في الخوي، إذ إن وجودهم يعني خطر الاعتقال أو التجنيد القسري. وأضاف أن هذا الوضع دفع أعدادًا كبيرة إلى الفرار نحو الأبيض، وآخرين إلى ولاية النيل الأبيض بكوستي وربك.

خطر فوق العطش

مع دخول الحرب في السودان عامها الثالث، لم تترك وراءها شيئًا إلا ودمرته. ومن استطاع الفرار إلى دول الجوار، انتهى به المطاف في معسكرات لجوء تفتقر لأبسط مقومات الحياة والرعاية. أما من بقي في السودان، فقد بات عرضة للرصاص الطائش، وأحيانًا للقتل المتعمد، وآخرون محكوم عليهم بالتآمر. ففي مناطق سيطرة الجيش، يُتَّهم بالتعاون مع الدعم السريع، وفي مناطق الدعم يُنظر إليه كمتخابر مع الجيش، وحتى من نجا من الاتهامات والانتهاكات، لم يسلم من الكوليرا وسوء الأوضاع الصحية. أما في شمال الخوي، فالسكان يواجهون اليوم تهديدًا مباشرًا للحياة، بعدما أصبح الحصول على الماء مغامرة قد تنتهي بالموت.

الكلمات المفتاحية

مدنيون في الخرطوم - الحرب.jpg

الخرطوم خالية من السكان.. متى يعود المواطنون؟

سؤال يطرحه السودانيون في دول اللجوء عما إذا كانت الأولوية لإعادة إعمار المرافق والمدن التي دمرتها الحرب أم العودة قبل ذلك. هذه الأسئلة تُطرح على شبكات التواصل بشكل شبه يومي.


هبة المهندس

هبة المهندس.. من مشوار المساء إلى رحلة علاج السرطان 

بثت الإعلامية هبة المهندس تطمينات عبر مقطع فيديو على حسابها في "فيسبوك" للسودانيين. وقالت إنها مستمرة في رحلة علاج مرض السرطان بصورة جيدة وتقترب من التماثل للشفاء.


علاج البصر في السودان

بالجهد الذاتي.. طبيبة بصريات تنير ظلام العيون في السودان

ترسم طبيبة البصريات رفيدة جمال لوحة إنسانية رائعة من خلال جهودها في مساعدة السودانيين الذين يعانون من مشكلات في البصر، حيث تعمل بجد لتقديم الرعاية الصحية والبصرية لهم، دون انتظار الدعم أو الرعاية من أي جهة


الفانوس

مواطنون في الخرطوم يقاومون الظلام بالفوانيس التقليدية

إذا كانت الفوانيس مجرد تقاليد في بعض البلدان عند قدوم شهر رمضان، فإنها تُعد مصدرًا للإنارة في بعض المنازل بالعاصمة الخرطوم، كبدائل اتخذت مكانها بسبب انعدام الكهرباء.

الطقس 2.jpg
أخبار

13 إصابة بينها حالتا وفاة بضربات الشمس بولاية البحر الأحمر

كشفت اللجنة الفنية للطوارئ الصحية بوزارة الصحة ولاية البحر الأحمر، عن تسجيل 13 حالة إصابة بضربات الشمس، بينها حالتا وفاة بولاية البحر الأحمر.

سيول في السودان
أخبار

سيول مفاجئة تتسبب بنزوح عشرات الأسر في شمال دارفور

أعلنت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة أن السيول الناجمة عن أمطار غزيرة اجتاحت بلدة دار السلام في ولاية شمال دارفور خلال يومي 14 و15 تموز/يوليو الجاري


الدولار-الامريكي-1280x720.jpg
اقتصاد

زيادة جديدة في الدولار الجمركي تحدث سخطًا في أوساط المستوردين بالسودان

قال متعاملون في التخليص الجمركي، إن الحكومة نفذت زيادة جديدة في التعرفة الجمركية الخاصة بعمليات الاستيراد، برفع القيمة من ألفي جنيه إلى 2400 جنيه اليوم الأربعاء.

جانب-من-لقاء-الهلال-والمريخ-أرشيفية.jpg
أخبار

الهلال والمريخ يعتذران عن خوض نهائي كأس السودان

أعلن ناديا الهلال والمريخ في بيان مشترك، أمس الثلاثاء، اعتذارهما عن خوض مباراة نهائي كأس السودان، المقررة في 26 تموز/ يوليو الجاري على ملعب بورتسودان، مبررين ذلك بجملة من التحديات التي رافقت مشاركتهما في البطولات خلال فترة الحرب.

الأكثر قراءة

1
أخبار

احتواء أزمة بين الجيش والقوة المشتركة في سوق صابرين بأم درمان


2
أخبار

النيابة بالشمالية تكشف تفاصيل الهجوم المسلح على قسم شرطة في دنقلا العجوز


3
أخبار

مجلس السيادة يُشكل لجنة عليا لتهيئة الخرطوم وعودة المواطنين


4
أخبار

الحكومة تحدد مواعيد استبدال العملة في ولاية الجزيرة


5
أخبار

الجيش والمشتركة يتمكنان من التصدي لهجوم على الفاشر