22-يونيو-2022
""

الحفاظ على البيئة واستدامتها أحد أخطر التحديات التي تواجه البشرية (AFP)

تعرف المواطنة البيئية بأنها العلاقة الصحية بين المواطن والبيئة والمحيط الحيوي، وهي العلاقة أو الوضع المحدد للإنسان "المواطن" في رقعة جغرافية مع الفضاء العام أو المشترك. كما تعرف المواطنة البيئية بأنها سلوك المواطنين المؤيد للبيئة والمدافع عنها، ليشاركوا في المجتمع كعوامل للتغيير.

خبير بيئي: تتحمل الحكومات جزءًا من المسؤولية البيئية، لكن المواطنة البيئية هي مسؤولية تضامنية

المفهوم والدلالات

يوضح الخبير البيئي الصادق كارا، أن ركائز المواطنة البيئية هي الحرية والمشاركة والمسؤولية والمساواة. ويعرف المفهوم بأنه السلوك والحياة الصحيتين للبيئة. وتستلزم –بحسب كارا- مشاركة المواطن في وضع السياسات البيئية واختيار الإجراءات المستدامة وطاعة التشريعات البيئية وتعزيز الترتيبات المستدامة، بالإضافة إلى أنها كل أنشطة المواطن نحو الانتقال إلى الاستدامة، وتستلزم العمل وفق الوسائل الديمقراطية والمدنية – على حد تعبيره.

https://t.me/ultrasudan

ويعرف كارا المواطن البيئي بأنه من يمارس حقوقه وواجباته البيئية، مع المقدرة على تحديد الأسباب الرئيسية للتدهور والمشاكل البيئية، والاستعداد للمشاركة الحاسمة والنشطة لعلاج مشاكل البيئة.

ويعدد أهداف المواطنة البيئية بأنها تحسين السلوك البيئي اليومي للمواطنين بما يعزز صحة البيئة ويحميها، والسعي لإكساب المواطنين المهارات اللازمة التي تساهم في الإصلاح البيئي والتنمية المستدامة، والعمل على حماية البيئة من مخاطر المشاريع الاستثمارية التي تلحق الضرر بالبيئة، والسعي لنشر المعرفة والخبرات بين الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بالبيئة.

نحن والبيئة.. علاقات وقضايا

مع تطور مفاهيم البيئة والتوعية بها، أصبح الحفاظ على البيئة مسؤولية الأفراد والمجتمعات وواجب من واجبات المواطنة.

وفي هذا الإطار، يفيد الخبير البيئي إسماعيل الجزولي، بأن الاهتمام بالبيئة "مسؤولية الجميع"، فمثلما ينظف الإنسان منزله الخاص ويحافظ على مستويات الصوت منعًا للضجيج، فإنّ نظافة الشوارع وتهيئة البيئة المدرسية من حيث الزراعة والتهوية ومعرفة كيفية التخلص من النفايات مشمولة –بحسب الجزولي- في سلوك المواطن البيئي.

ويتابع قائلًا: "المواطنة البيئية هي سلوك، فكل فرد يعمل في مصنع على سبيل المثال تقع على عاتقه مسؤولية أخلاقية في المحافظة على نظافة المكان". ويضيف: "تتحمل الحكومات جزءًا من المسؤولية البيئية بتسهيل الإجراءات، لكن المواطنة البيئية هي مسؤولية تضامنية". وضرب الجزولي مثالًا بأنه في حالة وجود ورشة عمل، يأتي كل فرد بسيارته الخاصة، في حين أنه يمكن أن تركب مجموعة مع بعضها للتخفيف من الانبعاثات الحرارية، والأفضل ركوب القطارات والباصات والمشي – برأيه.

ويستطرد في الحديث قائلًا: "نجد بعض الناس في المنازل، يجلس كل واحدٍ في غرفته ويشغل المروحة ويستهلك الكهرباء المدعومة من الدولة"، منوهًا بضرورة الانتباه إلى السلوك الاستهلاكي وتغييره، وإطفاء الأجهزة الكهربائية عند الخروج من الغرف كسلوك حضاري وبيئي، ومؤكدًا ضرورة الاستغلال الأمثل للطاقة والمياه وعدم هدرهما، وينطبق الحديث –في نظر الجزولي- على الخرطوم والولايات.

ويحذر الجزولي من إلقاء بواقي الأطعمة والمشروبات في الشارع العام، موضحًا: "يعتقد كثير من الناس أن تنظيف هذه البواقي هي مسؤولية الحكومة، لكن يجب وضعها في المكان المخصص لها".

من أجل مشاركة بيئية فاعلة

تولي المواطنة البيئية اهتمامًا كبيرًا بغرس الوعي داخل الفرد من أجل الحفاظ على البيئة المحيطة به، والمحافظة عليها من أضرار التلوث المختلفة. وتسعى المواطنة البيئية إلى زراعة القيم والمفاهيم البيئية لدى الأفراد، بغض النظر عن العمر أو اللون أو الجنس، من أجل القيام بدور فاعل ونشط في المحيط الجغرافي الذي يعيشون فيه.

ويرتبط مفهوم المواطنة البيئية بمفهوم الوطنية والانتماء إلى الوطن والأرض عبر المساهمة في حماية البيئة من المهددات والمخاطر المختلفة، وبالتالي تعزز مفهوم الوطنية لدى الفرد، وتخلق لديه وعيًا بيئيًا إيجابيًا مؤثرًا وفاعلًا في المجتمع.

يقول مستشار العناية بالبيئة واستدامة التنمية الدكتور عيسى عبداللطيف، إن قضية تحقيق المواطنة البيئية تتعلق بوعي المواطن والتزامه نحو الوطن، مشيرًا إلى أن المفهوم يشمل المشاركة والمسؤولية والسلوك، مبينًا أن المقصود هنا هو السلوك الصديق للبيئة. وأضاف "يجب أن يكون سلوك الإنسان وممارساته اليومية صديقة للبيئة، ويكتسب هذه الممارسات من خلال الوعي ومعرفة التطبيقات الصحيحة، من أجل بيئة سليمة".

لتحقيق مفهوم المواطنة البيئية لا بد من اتخاذ عدة خطوات، يجملها عبداللطيف في نشر الوعي والثقافة البيئية، وربطها بموضوع الوطنية والمشاركة والمسؤولية، ومعرفة الحقوق والواجبات، بالإضافة إلى حرية الأفراد ومشاركتهم في البيئة.

ويشير مستشار العناية بالبيئة إلى دور المرأة الفاعل في القضية، بالقول إنه لا بد من توعيتها وتثقيفها بقضايا البيئة، لجهة أنها "أشد التصاقًا بالبيئة المحلية والتربية"، وبالتالي لا بد من التركيز عليها –في رأيه.

كما أوصى بالاهتمام بالبيئة، معللًا بأن أيّ مجهود يبذل في البيئة ينعكس إيجابيًا على المديين القصير والبعيد، مشيرًا إلى أنّ الوقاية خير من العلاج ومن الأفضل للأفراد الاستثمار في الوقاية، لأن ما يتعلق بالبيئة، ينعكس على الأفراد والأسرة والمجتمع ككل -على حد تعبيره.

وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم المواطنة البيئية يرتقي بالفرد للمشاركة الواسعة مع عموم الجنس البشري على كوكب الأرض، عبر الاهتمام بالوطن وبيئته، وبالتالي غرس قيم وسلوكيات تجاه البيئة يمارسها الفرد، أينما وُجد.