ثقافة وفنون

الممثلة السودانية إسلام مبارك بين التنميط والإجادة في "أعمال شاقة جدًا"

12 مارس 2025
عبدالرحيم حمدالنيل
عبدالرحيم حمدالنيل

فتح الدور الذي لعبته النجمة السودانية إسلام مبارك في المسلسل المصري الكوميدي أشغال شقة جدًا؛ الباب واسعاً أمام العديد من الآراء المستحسنة والمستهجنة للدور نفسه وليس أداء النجمة؛ الذي وجد إشادة كبيرة، وعده الكثيرون نجاحًا لها، بينما رأى البعض في الدور تنميطًا للسودانيين، حيث لعبت النجمة دور شغالة نيجيرية نهمة في قالب كوميدي؛ وذهبوا إلى أن الدور يؤكد تنميط الدراما المصرية للسودانيين في مهنتي البواب والشغالة، وما تعريف الدور بأنها شغالة نيجيرية إلا محاولة ساذجة للهروب من هذه التهمة.

حسام الكتيابي: المشكلةُ الخفيةُ التي التقطَها السودانيون هي تكريس الدور لصورتهم الدائمة في الدراما المصرية، صورة الخدامات والبوابين

قدمت النجمة السودانية إسلام مبارك أدوار بطولة في أفلام سينمائية نالت جوائز عديدة مثل الفيلم السوداني "ستموت في العشرين" الذي عرض للجمهور العالمي في الدورة الـ 76 لمهرجان البندقية السينمائي الدولي، وحاز جائزة المهرجان (أسد المستقبل) لأفضل عمل أول.

كما عرض في الدورة الثالثة لمهرجان الجونة السينمائي، وحصل على جائزة نجمة الجونة الذهبية لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وحاز جائزة التانيت الذهبي في مهرجان أيام قرطاج السينمائية نوفمبر 2019. إضافة إلى بطولتها لفيلم جهنمية الروائي القصير من إخراج ياسر فائز الذي حصل على جائزة لتطوير مشاريع الأفلام سودانية؛ وفيلم سيرة أهل الضي وهو عمل من تأليف هيثم دبور وإخراج كريم الشناوي، الذي عرض ضمن مهرجان برلين السينمائي في دورته التى أسدل عليها الستار منذ أيام. وفيلم أسد أسود.

تنميط وتكرار

يقول السينمائي والشاعر حسام الكتيابي لـ"الترا سودان": "ما أثارته مشاركةُ إسلام مبارك كان يتعلق بها أولًا كإسلام من حيث إحباط الجميع في بدايةِ السيدةِ التي رأوها في فيلم "ستموت في العشرين" وأعجبوا بكل ما فعلت هناك من سكينة قبل أن تحبطَهم باختيارها لهذا الدور المشوّه بشدة لتبدأ به رحلة الدراما خاصتها، لكن هذه بدايةُ إسلام وهي تخص إسلام وحدها، ما لا يخصها وحدها هو الدورُ نفسه وظلالُ التشوهاتِ الأصيلةِ للدراما المصريةِ التي نالت منه"!

ويضيف: "فهو مرةً يسيءُ للنساء الممتلئات؛ ومرةً يسيءُ للإفريقيات ويكرس صورةً محددةً لهنّ هي خليطٌ من البدائية والسذاجةِ والحيوانية إلخ ما تم تحميلُ شخصيةِ مدينةَ به. أما المشكلةُ الخفيةُ التي التقطَها السودانيونَ وحدهم بحكم تطور حساسيتهم تجاه الدراما المصرية التي صاروا يفهمون تلميحاتها الساذجة وتعريضاتها المكررة بهم أقول أنهم انتبهوا بسرعةٍ لتكريس الدور لصورتهم الدائمة في الدراما المصرية: صورة الخدامات والبوابين".

ويواصل الكتيابي حديثه بأنه لا يشفعُ للمسلسل كونه استخدمَ جنسياتٍ أخرى في هذه الخانة فهو لم يستعمل هذه الجنسيات سوى بالقدر الذي ينمطها ويعيدُ تنميطها في الذهن المصري.

تطرف في اعتقاد التمثيل والترميز

الناقد المسرحي والدرامي السوداني السر السيد يقول لـ"الترا سودان": "طبعاً أثار الدور الكثير من اللغط، سأحاول تقديم بعض الإشارات والاستدراكات، أولاً النقطة الأولى التي أتمنى أن يعرفها الناس ويفهمونها إنه ليس هنالك دور صغير ودور كبير، هنالك دور لديه مقومات بنائية معينة يستطيع ممثل محدد أداءه؛ وهنالك أدوار صغيرة وربما تكون مشهداً واحداً لكن تُبنى عليها كافة العملية الدرامية أو المسرحية". ويضيف السر السيد: "هنالك نقطة مرتبطة بالطريقة التي قيَّم بها الناس أداء الممثلة وهي فكرة أعتقد أنها سائدة لدينا كثيرًا، وهي عقب تصعيد موضوعات الهوية، نعتقد كسودانيين إن أي شخص يقدِّم أي عمل يمثلنا كسودانيين وهو رمز للسودان؛ إذا كان الشيء الذي قدمه جيدًا سيكون قد رفع اسم السودان والعكس صحيح، وهذه المسألة بها قدر كبير من التطرف لأنها تصادر إنجازات الشخص المحدد وأيضًا ترمي اخفاقاته على شعب كامل. هنالك سوداني يفعل شيئًا لأن هذه هي رؤيته وموقفه هو ويمثله هو وليس بالضرورة أن يتحول إلى أيقونة ترمز لكل السودانيين، هذه نقطة مهمة أيضًا لأنني أعتقد أن الكثيرين يقعون في هذا المطب".

حساسية زائدة

الطبيب النفسي والناشط معاوية عكاشة الذي كان من أوائل من عملوا في مشروع "سايكودراما" للتأهيل النفسي لآثار الحرب باستخدام الدراما. يقول إن الممثل الشاطر هو الذي يستطيع استغلال أصغر الأدوار ويوظّف قدراته لإقناع الجمهور، لدرجة تجعل الدور الصغير كبيرًا في ذهن المشاهد. وليس ذلك فحسب، بل يستغل هذه الفرصة كخطوة لخلق أدوار أكبر في الأعمال القادمة أي إقناع المنتجين بما يمكنه فعله في الأدوار القادمة.

يواصل عكاشة قائلًا "إن كثيرًا من الممثلين الذين نبصرهم اليوم أبطالًا، لم يبدأوا في أدوار رئيسية، لكن لأنهم أبدعوا في الأدوار الصغيرة، استطاعوا بناء أسماءهم حتى أصبحوا نجومًا تُكتب الأعمال خصيصًا لأجلهم".

وتابع: "بخصوص الهجوم على الأستاذة إسلام مبارك في مسلسل أعمال شاقة جدًا  بسبب تمثيلها دور المساعدة من دولة  نيجيريا الشقيقة، فهذه مجرد حساسية زائدة. كل من تابع أعمال شاقة يعرف أن ممثلات غيرها لديهم أسماء كبيرة في الدراما المصرية مثلوا نفس الدور كضيفات شرف مثل الممثلة الكبيرة إنعام سالوسة، وانتصار، مي كساب، وغيرهن ولم نسمع باعتراض أي شخص بخصوصهن، ولم يقابلوا بأي هجوم".

 ويضيف: "الحقيقة إن المشكلة ليست في المخرجين ولا في صناع الدراما، الخطأ في نجومنا أنفسهم. الذين لم يستطيعوا الارتقاء بأدائهم ليكونوا منافسين حقيقيين مثل السوريين، اللبنانيين، التوانسة وغيرهم، الذين كانت بداياتهم أقل من عادية، لكن اجتهدوا حتى أصبحوا نجومًا في الدراما المصرية".

إرث من التنميط

يقول السر السيد لـ"الترا سودان": "هنالك شيء آخر مرتبط بالدور الذي لعبته أستاذة إسلام وهو مسألة التنميط؛ هنالك دائمًا صورة للأفريقي الذي يمنح عادًة أدوارًا محددة، بواب، خادمة، لكن هنا لا يجب النظر مباشرة إلى الدور كبواب أو خادمة لأن هنالك ممثلين يلعبون هذا الدور وهم ليسوا أفارقة؛ هنالك ممثلون كثر في الأفلام العالمية والعربية لعبوا هذا الدور ولم تكن جذورهم أفريقية لكن بالنظر إلى تاريخ الدراما المصرية، السينما تحديدًا أو الدراما التلفزيونية سنجد أن لديهم إرث كبير جدًا في تنميط الشخصيات الأفريقية، وهذا أمر لا يمكن القفز عليه هكذا بكل سهولة ومجانية؛ باستمرار رأينا أفلامًا مصرية تنمِّط الأفارقة وأحيانًا تسخر من أسماء دولهم ويمكن تصويرهم في صورة غير حديثة، ليست أفريقيا الموجودة أمامنا بل تسجنهم في صورة أفريقيا البدائية، السحر والغابات والأسود والغرابة وهذا كله موجود في السينما المصرية؛ وهذا يجعلني لا أستطيع فصل هذا الدور واختيار الشخصية لتكون نيجيرية مثلاً؛ بمعنى لا يمكننا تبرئة ساحة الدراما المصرية من وجود تنميط هنا لأنه على الدوام وُجد هذا التنميط؛ أيضًا يجدر الإشارة إلى أن السينما والدراما مثلها مثل أية ظاهرة من الظواهر ربما لم تستطع التحرر من رؤيتها لأفريقيا وفق زاوية نظر محددة ونماذج بعينها؛ والنظر من هذه الزاويةـ زاوية التنميطـ لحد ما مشروع".

يواصل الناقد السر السيد في إفادته لـ(الترا سودان) مؤكدًا أن النجمة إسلام قدمت  الدور بشكل جيد جدًا؛ واستطاعت إبراز إمكانياتها كممثلة؛ أيضًا جذبت كثيرًا من المشاهدين ولم تكن أبدًا هامشية في هذا العمل، وهذا تؤكده ردود الأفعال العديدة على دورها في هذا المسلسل.

د. معاوية عكاشة: الممثل الشاطر هو الذي يستطيع استغلال أصغر الأدوار ويوظّف قدراته لإقناع الجمهور

اختراق السودانيين للدراما العربية

يواصل السر السيد قائلاً: "نقطة أخيرة على مستوى المشاريع الشخصية للممثل السوداني ابتدأت أخيرًا عملية تغذية، في الدراما السورية والمصرية التي احتوت أعمالًا كثيرة منها على وجود ممثلين من أقطار عديدة، فوجود السودانيين في هذه الدراما بحكم أننا هامش مُتعمد، حيث أننا لا يجب أن نكون هامشًا بهذه الدرجة الكبيرة لكننا في الحقيقة هامش في الدراما العربية؛ لذلك عندما نجد ممثلًا سودانيًا يحاول اقتحام هذه السوق؛ مثلما حدث من قبل عندما اقتحم الأستاذ محمد عبدالرحيم قرني في قمر بني هاشم مع نجدت أنزور، ومعه الأستاذ مكي سنادة؛ قدموا أدوارًا وكانوا مميزين جدًا؛ الآن الفنان محمود السراج قادر على تحقيق اختراق ووضعية له، قبلهم نسرين فتح الرحمن التي أيضًا أدت دور خادمة لكن كان للدور أبعاد أخرى، ولا أنس الراحل ياسر عبداللطيف الذي خلق لنفسه وجودًا كبيرًا في الدراما السورية. في هذا السوق خيارات الممثل السوداني ليضع قدمه هنالك عوامل كثيرة ربما تتحكم في هذه العملية من ضمنها ربما يضطر إلى القيام بأدوار قصيرة لكن المحك في هذه الأدوار هو كيفية أداءه لها، وأنا قلت لك إن اسلام كممثلة نجحت في أداء هذا الدور بطريقة ممتازة".

ويختم السر السيد بقوله: "التنميط في الدراما المصرية موجود ولم تستطع التحرر منه لأنه تاريخي منذ التأسيس، وبدايات السينما والدراما المصرية؛ ولن يستطيعوا التحرر منه بين يوم وليلة؛ لكن بكثير من الملاحظات مثل هذه ربما في المستقبل يستطيعون إنجاز هذا الاختراق؛ لذا المهم هو كيفية أداء الدور، ليس طوله أو قصره، ونجد أنه حتى في مصر نفسها هنالك تنميط لشخصية الصعيدي وغيرها، كما أن لدينا تنميطًا لدور الدارفوري والشخص الريفي؛ كما عند أبو قبورة مثلًا، والريفي عند تور الجر وما كان يفعله بطريقة محددة؛ كل هذا يعد تنميطًا".

يذكر أن "الترا سودان" تواصل مع النجمة إسلام مبارك، لكنها اعتذرت عن التصريح قائلة إنها تعرف متى وأين وكيف يمكنها الرد على هذه الاتهامات.

الكلمات المفتاحية

لوحة جرنيكا لبيكاسو.jpg

فنتازيا الجوع

هدأت المعارك في وسط المدينة المحترقة وانسحبت الكتائب المتحاربة مفسحة المجال لحالة من الهدوء الحذر المنساب مع خيوط الدخان وروائح الجثث المتعفنة المنتشرة في كل مكان.


17904510_1498578063548289_2457314351324404668_n.jpg

كتاب "حريم الطيب صالح" لميسون عبدالحميد يثير جدلًا في القاهرة

أثار كتاب "حريم الطيب صالح.. دراسة من منظور نسوي ما بعد استعماري"، جدلًا كثيفًا في أولى فعاليات "ليالي سوداني الرمضانية" بمركز التسامح في العاصمة المصرية القاهرة، في الخامس من آذار/مارس 2025.


مسلسل اقنعة الموت.jpg

الدراما السودانية في رمضان.. "سمفونية القتل والتشريد"

تسعى الدراما السودانية في رمضان 2025، للمّ شمل السودانيين في مناطق النزوح واللجوء عن طريق تقديم أعمال تعكس الأوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد، بعد أن غطت نيران الحرب على حياة المواطنين وأصبح العنوان الأبرز هو القتل والتشريد.


معرض كتاب القاهرة ومشاركة دور نشر سودانية فيه.png

معرض كتاب مصغر للمؤلفات السودانية بدار تجمع الفنانين في القاهرة

أعلنت مجموعة من دور النشر السودانية عن إقامة معرض كتاب مصغر للناشرين والكتاب السودانيين في العاصمة المصرية القاهرة، خلال الفترة من "10 إلى 17"  من شهر رمضان المكرم.

القصر.jpg
أخبار

معارك ضارية وسط الخرطوم والجيش يحرز تقدمًا نحو القصر 

أحرزت القوات المسلحة تقدمًا جديدًا وسط الخرطوم صباح اليوم، إثر معارك ضارية بدأت منذ الساعة الرابعة وفق مصادر محلية، فيما اضطرت قوات الدعم السريع تحت الضربات الجوية المكثفة وانتشار المشاة بالتراجع الميداني

الجيش 2.jpg
أخبار

القوات المسلحة تعلن التحام المدرعات مع القيادة العامة وسط الخرطوم 

أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد ركن نبيل عبدالله، التحام جيشي القيادة العامة وسلاح المدرعات عقب السيطرة على منطقة مستشفى الشعب اليوم الاثنين، وهزيمة قوات الدعم السريع.


Sudan Army.png
سياسة

السودان.. هل يقود صراع الفصائل العسكرية المساندة للجيش إلى الاقتتال؟

في غمرة تقدم الجيش، اندلع تنافس محموم بين الفصائل على النفوذ ومواقع التأثير السلطوي ومراكمة الثروة والاعتبار، فاشتعل خلاف معلن بين القوة المشتركة لحركات دارفور المسلحة وقوات درع السودان من جهة، وبينهما معًا في مقابل كتائب الإسلاميين من جهة أخرى

أنشئت بعثة القوة المؤقتة في أبيي في 27 حزيرانيونيو 2011 (Getty).jpg
أخبار

أعضاء بمجلس الأمن يدينون اختطاف قوات الدعم السريع لموظفين أمميين

قال أعضاء بمجلس الأمن الدولي، إن قوات الدعم السريع احتجزت 60 من حفظة السلام الأمميين، واختطفت ثمانية موظفين مدنيين، ونهبت قافلة لوجستية تتبغ لقوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا)، مكونة من ثماني مركبات و280 ألف لتر من الوقود.