المثلث الحدودي... فصل جديد في حرب السودان
11 يونيو 2025
دخل الصراع المشتعل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع فصلًا جديدًا، بعد تدخل مباشر واتهامات صريحة للجنرال الليبي خليفة حفتر بمساعدة قوات الدعم السريع في السيطرة على المثلث الحدودي، عند أقصى شمال غرب السودان.
واتهمت الحكومة السودانية كتيبة "سُبل السلام" المحسوبة على قوات حفتر، التي تعرف باسم "الجيش الليبي الوطني"؛ بمعاونة الدعم السريع في هجومها على مواقع تابعة للجيش السوداني في الحدود، مما دفعها إلى التراجع وإخلاء المنطقة.
تورشين: السيطرة على منطقة المثلث الحدودي ستكون بمثابة تهديد حقيقي للجيش السوداني
يأتي هذا التطور في حرب السودان بعد نحو عامين من انطلاق شرارتها الأولى في منتصف نيسان/أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، دون تدخل مباشر من أيّ قوات لدول الجوار مع أحد أطراف النزاع.
وتشكل الخطوة التي اتخذتها كتيبة "سبل السلام" تحولًا جديدًا في الحرب، من شأنها أن تهدد استقرار المنطقة بشكل عام، وتفتح الباب أمام تدخل أطراف إقليمية ودولية، خاصة في ظل التوتر الذي تشهده المنطقة منذ سنوات.
وأعلنت قوات الدعم السريع صباح اليوم الأربعاء 11 حزيران/يونيو الجاري، سيطرتها على منطقة المثلث الإستراتيجية على الحدود بين السودان ومصر وليبيا.
وقالت في بيان إنها خاضت معارك "خاطفة وحاسمة" انتهت "بتقهقر العدو" جنوبًا "بعد تكبده خسائر فادحة في الأرواح والعتاد".
وبعد ساعات من تأكيد قوات الدعم السريع السيطرة على المنطقة، أعلن الجيش السوداني، إخلاء المثلث الحدودي مع مصر وليبيا، ضمن ترتيبات دفاعية لصد توغل قوات تابعة للجنرال خليفة حفتر داخل الأراضي السودانية.
بداية التوتر
في 6 حزيران/ يونيو الجاري، بدأ التوتر في المنطقة الحدودية، بعد توغل عناصر من كتيبة "سُبل السلام" التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر داخل الأراضي السودانية، ما دفع القوة المشتركة التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، للاشتباك مع المجموعة الليبية بالقرب من جبل "العوينات"، ما أسفر عن مقتل عنصرين وأسر آخرين من الجنود.
خبير عسكري: تدخل قوات الجنرال حفتر في حرب السودان يؤكد ضعف موقفه داخل الأراضي الليبية
نفي الاتهام
نفت قوات حفتر تلك الاتهامات، ووصفتها بأنها "محاولة مفضوحة لتصدير الأزمة الداخلية السودانية وخلق عدو خارجي افتراضي".
وأضافت في بيان، إن دورية عسكرية تابعة لها تعرضت للهجوم أثناء قيامها بواجبها المشروع المكلّفة به في تأمين الجانب الليبي من الحدود.
وأكدت رفضها القاطع للمحاولات المتكررة بالزج باسمهم في الصراع السوداني.
تحمل المسؤولية
في المقابل، قالت وزارة الخارجية والتعاون الدولي لحكومة "الوحدة الوطنية” في ليبيا إن القوات الليبية المتهمة بمساندة الدعم السريع في السودان لا تتبع لسلطتها.
وأكدت في "بيان" رفضها الزج بـ"أبنائنا في أعمال تزعزع استقرار حدود الدول الشقيقة والانخراط في النزاع الدائر في بالسودان". وجددت موقف حكومة الوحدة الوطنية الداعم لأمن السودان.
حاجز صد
قال مصدر بالجيش السوداني لـ"الترا سودان": إن إعلان القوات المسلحة السودانية إخلاء منطقة المثلث الحدودية يهدف إلى تقوية بعض النقاط لتكون حاجز صد، وتثبيت الموقف، لحين دفع القوة المناسبة إلى هذه المنطقة وفق خطة عملياتية للرد على العدوان.
وأشار المصدر إلى أن ارتباط الجنرال حفتر بدولة الإمارات والدعم السريع ليس بجديد، ويبدو أن هذه هي الخطة (ب)، وتتضمن مطالبة الإمارات من حفتر إسناد "مليشيا الدعم السريع" للقضاء على القوة المشتركة في الحدود، وفتح ثغرة للوصول إلى الشمالية وإفشال أى محاولات لفك حصار الفاشر.
مصدر بالجيش السوداني: إعلان القوات المسلحة إخلاء منطقة المثلث يهدف إلى تقوية بعض النقاط لتكون حاجز صد
وأكد أن الجيش السوداني سيتعامل مع الموقف بكل حزم حتى ينهي هذا العدوان الذي يريد زعزعة الاستقرار في السودان، بعد فشل "مليشيا الدعم السريع" في السيطرة على الحكم بالقوة وطردها من الخرطوم، مما مثل احباطًا كبيرًا لقياداتها وداعميها، لذلك لجأت إلى تحريك قوات الجنرال حفتر في هذا الوقت.
تآمر على السودان
من جهته، وصف المتحدث باسم القوة المشتركة، العقيد أحمد حسين مصطفى، ما حدث بأنه تآمر على الدولة السودانية وتعدي على سيادتها.
وقال في تصريح لـ"الترا سودان": "إن هذا الفعل المتهور من قبل مليشيات الدعم السريع، وبمشاركة الجماعات السلفية، المعروفة بكتيبة "سُبل السلام" الليبية التي تتبع لخليفة حفتر، يُعد بمثابة خروج الروح لمليشيات آل دقلو".
وأكد أن أمام "مليشيات الدعم السريع خيارين فقط، أما الهلاك أو الهروب خارج الحدود، ولا مكان لها وسط الشعب السوداني".
دعم لوجستي
ويرى أستاذ العلاقات الدولية والدراسات الإستراتيجية اللواء ركن محمد خليل الصائم، إن قوات خليفة حفتر ظلت تقدم الدعم اللوجستي لـ"مليشيا الدعم السريع" منذ بداية الحرب.
وأشار لـ"الترا سودان": إلى أن الاعتداء على مواقع الجيش في منطقة العوينات الحدودية بواسطة الدعم السريع، المسنودة بكتيبة "سبل السلام"، بدأ منذ عدة أيام بعد اشتباكها مع القوة المشتركة مما أسفر عن أسر عدد من الجنود.
وأوضح أن الهجوم الحالي يهدف إلى السيطرة على المنطقة الغنية بالذهب والمعادن، كما أنها تمثل ممرًا لإمداد الدعم السريع من الإمارات عبر ليبيا.
ولفت الصائم إلى أن تدخل قوات الجنرال حفتر في حرب السودان يؤكد ضعف موقفه داخل الأراضي الليبية، مما دفعه إلى خلق جبهات جديدة داخل السودان للحصول على الدعم والمساندة من الدول التي تقف إلى جانبه.
ويرى أن الدعم السريع يحاول افتعال جبهة جديدة يمنع من خلالها الجيش من التوجه إلى مدينة الفاشر التي عجزت "قوات حميدتي" في السيطرة عليها لأكثر من عام.
وحول انسحاب الجيش السوداني من المنطقة الحدودية، أوضح الخبير العسكري، أن القرار يعود لتقديرات القادة الميدانيين، الذين يقررون متى يدافعون ومتى ينسحبون من أجل إعادة التموضع، لأن الانسحاب أحد أوجه الحرب.
تآكل الشرعية
وبدوره، يقول الباحث والمتخصص في الشؤون الإفريقية د. محمد تورشين، أن التقارير الواردة بشأن السيطرة على منطقة العوينات في المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر بمثابة عمل يحقق مصالح الطرفين، قوات خليفة حفتر والدعم السريع، وذلك لأن الجنرال حفتر يسعى بهذه الخطوة لإحياء تمركزه في المناطق التي يوجد فيها، بعد التراجع الكبير الذي حدث له منذ فترة طويلة على مستوى العمليات العسكرية التي يقوم بها.
وقال تورشين لـ"الترا سودان": إن الشرعية التي يحظى بها حفتر حدث فيها تآكل، خاصة من قبل الداعمين الإقليميين والدوليين. لذا، أعتقد أن هذه الخطوة تم التنسيق والترتيب لها بشكل جيد، وربما تكون دولة الإمارات حاضرة في التخطيط والتنفيذ هذه المهمة.
وأشار إلى أن الأمر أبعد من ذلك، ربما يكون تم إرسال تطمينات لجمهورية مصر بأن الأمن المصري القومي لن يمس بأي حال من الأحوال. لذا، نرى أن هناك صمتًا مصريًا تامًا، وبالتالي يعكس حجم العملية وأهميتها.
وأوضح تورشين أن السيطرة على منطقة المثلث الحدودي ستكون بمثابة تهديد حقيقي للجيش السوداني، لأن جبل العوينات موقع إستراتيجي ويمكن استخدامه لنصب مضادات للطيران، وأيضًا يمكن استخدامه كنقطة لوجستية لإرسال الأسلحة والذخائر إلى السودان.
ولفت محمد تورشين إلى أن انسحاب الجيش السوداني ربما حدث لضعف الإمداد العسكري وعدم تكافؤ القوة، وفقدان المنطقة الإستراتيجية يمثل خسارة كبيرة جدًا من شأنها أن تنعكس بشكل سلبي على مسار العمليات العسكرية.
وأشار إلى أن انسحاب الجيش السوداني قد يكون إستراتيجية لاستنزاف الخصم، ويمكن أن يعود في أي لحظة، وهذا يعكس شكل المشهد العسكري في السودان.
وشدد تورشين على ضرورة استعادة الجيش السوداني السيطرة على المنطقة الحدودية، لأن التراخي والتجاهل سيؤديان إلى تعقيد مسار العمليات العسكرية.
تُعد منطقة المثلث الحدودية التي تربط بين السودان وليبيا ومصر منطقة استراتيجية حيوية
منطقة استراتيجية
تُعد منطقة المثلث الحدودية التي تربط بين السودان وليبيا ومصر منطقة استراتيجية حيوية، لأنها تمثل معبرًا حدوديًا اقتصاديًا ونقطة تقاطع بين ثلاث دول، مما يجعلها مركزًا هامًا للتجارة والنقل بين شمال أفريقيا وشرقها، كما أن احتواء المنطقة على الموارد الطبيعية يزيد من أهميتها الاقتصادية.
يكتنف الغموض مصير منطقة المثلث الحدودي، ويبقى السؤال حول إذا كان الجيش السوداني سيعاود الهجوم على قوات الدعم السريع ويسترد المنطقة، أم ستظل تحت سيطرة قوات حميدتي وتتحول إلى مسرح للعمليات العسكرية لوقت طويل.
الكلمات المفتاحية

اجتماعات واشنطن.. هل تتفق على وقف حرب السودان؟
تعتزم الولايات المتحدة استضافة اجتماعات على مستوى وزراء خارجية "دول الرباعية" التي تضم واشنطن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر، لمناقشة سبل وقف الحرب في السودان، نهاية هذا الشهر.

كر وفر في أم صميمة.. استعار الاشتباكات في شمال كردفان
في شمال كردفان، تدفع قرى صغيرة على الطرقات الرابطة بين مناطق الدعم السريع وسيطرة الجيش، ثمن انتقال المعارك من العاصمة الخرطوم وإقليم الوسط إلى غرب وجنوب السودان

تجدد الهجوم على مخيم اللاجئين السودانيين في أوغندا
تطورت أحداث العنف في مخيم كرياندنغو شمالي أوغندا بشكل متسارع، وكررت مجموعة تحمل الأسلحة البيضاء الهجوم على المخيم الذي يؤوي عشرات الآلاف من اللاجئين السودانيين للمرة الثانية السبت 12 تموز/يوليو 2025.

13 إصابة بينها حالتا وفاة بضربات الشمس بولاية البحر الأحمر
كشفت اللجنة الفنية للطوارئ الصحية بوزارة الصحة ولاية البحر الأحمر، عن تسجيل 13 حالة إصابة بضربات الشمس، بينها حالتا وفاة بولاية البحر الأحمر.

سيول مفاجئة تتسبب بنزوح عشرات الأسر في شمال دارفور
أعلنت مصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة أن السيول الناجمة عن أمطار غزيرة اجتاحت بلدة دار السلام في ولاية شمال دارفور خلال يومي 14 و15 تموز/يوليو الجاري

زيادة جديدة في الدولار الجمركي تحدث سخطًا في أوساط المستوردين بالسودان
قال متعاملون في التخليص الجمركي، إن الحكومة نفذت زيادة جديدة في التعرفة الجمركية الخاصة بعمليات الاستيراد، برفع القيمة من ألفي جنيه إلى 2400 جنيه اليوم الأربعاء.

الهلال والمريخ يعتذران عن خوض نهائي كأس السودان
أعلن ناديا الهلال والمريخ في بيان مشترك، أمس الثلاثاء، اعتذارهما عن خوض مباراة نهائي كأس السودان، المقررة في 26 تموز/ يوليو الجاري على ملعب بورتسودان، مبررين ذلك بجملة من التحديات التي رافقت مشاركتهما في البطولات خلال فترة الحرب.