ترتفع في القرى والمناطق الواقعة بولاية القضارف شرق البلاد نسبة الإصابة بـ"مرض الكلازار" الذي تنقله الذبابة الرملية المستوطنة في الولاية، وذكرت إحصائيات تحصل عليها "الترا سودان" أن نسبة الإصابة بلغت أكثر من ألف شخص فيما توفي (40) شخصًا بالمرض خلال العامين الماضيين نتيجة لضعف الرعاية الصحية والطبية.
عبد لله الذي يقطن وسط أشجار "الهجليج والسنط" في قريته الواقعة جنوب ولاية القضارف، يستخدم معينات حصل عليها من السوق "قماش الناموسية" بوضعها فوق سريره لتجنب الذبابة الرملية في الفترة المسائية، لكنها لا تكف عن مهاجمة المساكن طيلة فترات اليوم لأنها مستوطنة في المنطقة.
مواطن لـ"الترا سودان": "الناموسية" تحمي من الذبابة الرميلة، وجرت العادة أن تُستخدم في الفترة المسائية فقط لذلك لن تنجو منها في الأوقات الأخرى
ويقول عبد الله في حديث لـ"الترا سودان"، إن "الناموسية" تحمي من الذبابة الرميلة، وجرت العادة أن تُستخدم في الفترة المسائية فقط لذلك لن تنجو منها في أوقات الظهيرة أو الصباح لأنها تأتي من أشجار "السنط والهجليج".
مستوطنة للنواقل
وتُعرف منظمة الصحة العالمية ثلاثة أشكال رئيسية لداء "الليشمانيات الحشوي" المعروف أيضًا باسم "الكالازار"، ويعد الشكل المخاطي الجلدي أشد أشكال المرض خطورة والأكثر شيوعًا.
وبحسب الصحة العالمية، تسبب الطفيليات الأولية داء الليشمانيات، وهي تنتقل عن طريق لدغة أنثى ذباب الرمل المصابة ويؤثر المرض على بعض أفقر الناس في العالم، ويرتبط بسوء التغذية والنزوح ورداءة السكن وضعف الجهاز المناعي ونقص الموارد المالية.
ولا يأخذ الغالبية من المواطنين وحتى اللاجئون الإثيوبيون بولاية القضارف مرض الكلازار على محمل الجد، فهم لا يتخذون التدابير التي تقيهم من الذبابة للظروف الاقتصادية الصعبة - بحسب ما ذكر موظف في مكتب الصحة العامة بمدينة القضارف.
يقول طبيب مختبر في مركز صحي جنوبي ولاية القضارف لـ"الترا سودان"، إن مرض الكلازار مستوطن في الولاية الحدودية مع دولة إثيوبيا شرق البلاد.
عقبات أمام الإصلاح
ويرى أن الإجراءات الحكومية غير مستدامة لمكافحة الذبابة الناقلة، كما أن الدعم الدولي يتأرجح بين التوقف والاستمرار، إلى جانب وعورة الطرق وصعوبة تنقل الفرق الصحية بين القرى التي تستوطن فيها الذبابة الناقلة.
وحينما أصيب بمرض الكلازار تردد عثمان (22 عامًا) على مركز صحي جنوبي ولاية القضارف، لكن التدخل الطبي لم يكن ناجعًا فقرر السفر إلى مدينة القضارف عاصمة الولاية ومكث في مستشفاها الحكومي أسبوعين تحت الرعاية الطبية.
مستشفى القضارف الحكومي
وتقول طبيبة مستشفى القضارف الحكومي جيهان عبده لـ"الترا سودان"، إن مرضى الكلازار يجري تنويمهم في "عنبرين" بالمستشفى، حيث تم تخصيص أحد العنابر لمرضى الكلازار من النساء الحوامل.
وأشارت هذه الطبيبة إلى أن غالبية مرضى الكلازار في المناطق الريفية بولاية القضارف يقررون التعايش مع المرض ويرفضون الذهاب إلى المستشفى، وقد تكون هناك عوامل متعلقة بالثقافة الصحية أو الوضع المادي.
وقالت هذه الطبيبة إن الدعم الدولي متأرجح بين التوقف والاستمرار، لكن ينبغي الحصول على تمويل مقدر لاجتثاث الذبابة الناقلة مشيرة إلى أن هذا ليس بالإجراء الصعب إذا عزمت الحكومة السودانية والمانحين الدوليين على ذلك.
غياب الخطط الناجعة
ويتلقى مكتب منظمة الصحة العالمية تقارير حكومية من ولاية القضارف عن مرض الكلازار وعدد المصابين والوفيات، ويعبر المكتب الأممي عن قلقه من زيادة معدلات المرض.
مستشار في منظمة الصحة العالمية: وصلتنا تقارير مزعجة عن ارتفاع عدد مرضى الكلازار من وزارة الصحة الاتحادية
وقال مستشار في منظمة الصحة العالمية "مكتب السودان" لـ"الترا سودان"، وصلتنا تقارير مزعجة عن ارتفاع عدد مرضى الكلازار من وزارة الصحة الاتحادية.
وأشار هذا المستشار -مشترطًا حجب اسمه- إلى أن المعدلات أعلى من الأعوام السابقة، حيث أصيب نحو ألف شخص وتوفي (40) شخصًا، وقال "تسعى "الصحة العالمية" لتنفيذ خططها وتُجري تنسيقًا مستمرًا مع السلطات والمجتمعات المتأثرة باستيطان الذبابة الرملية".