07-ديسمبر-2019

يبقى السؤال عن دور المجتمعات المحلية في مكافحة الإيدز مفتوحًا (سبوتنك)

احتفل العالم قبل أيام باليوم العالمي للإيدز تحت شعار "دور المجتمعات المحلية في تحسين حياة الأشخاص". طلبت الأمانة العامة للأمم المتحدة من المجتمعات المحلية القيام بدورها لتعزيز مشاركة حاملي الفيروس وإدراجهم في الأنشطة الحياتية المختلفة. وركزت في خطاب اليوم العالمي على تعزيز دور المجتمع المحلي في تحسين حياة الفرد وأهمية إشراك المجتمعات المحلية في وضع الاستراتيجية القومية للتوعية بمرض الإيدز. ووفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية فإن عدد الوفيات بلغ في 2018 (770) ألف حالة وفاة. وعدد المتعايشين مع المرض حول العالم (37.9) مليون شخص.

عضو منظمة كافا: خمس محليات في ولاية النيل الأزرق لم تتلق التوعية الكافية بفيروس الإيدز. ونطالب بإشراك المجتمعات المحلية في وضع سياسات رسائل التوعية

تثقيف المجتمعات المحلية

دعت المرشدة النفسية فاطمة الطيب المجتمعات المحلية لتقبل مريض الإيدز وتوفير الدعم اللازم له، مؤكدة في حديث لـ"الترا سودان"، أنه "يجب تكثيف الجهود لتثقيف المجتمع وطريقة تعامله مع حامل الفيروس، إذا تم رفض المصاب يمكن أن ينتحر ويحاول الانتقام أو يقدم على سلوك سيء".

اقرأ/ي أيضًا: العنف ضد المرأة السودانية.. "انتفاضة" للمساواة وشجب الاغتصاب

ركزت فاطمة في حديثها على أهمية نشر المعرفة داخل المنازل والمدارس وإدراج مادة تعريفية بفيروس الإيدز بالمناهج الدراسية. وطالبت بضرورة توفير متخصص نفسي لتقديم المشورة في المراكز الصحية. وقالت: "تعاني ضواحي الخرطوم مثل (أم بدة وغيرها) من عدم وجود مراكز للفحص الطوعي، إذًا كيف سيكون الحال في المجتمعات المحلية والأقاليم خارج العاصمة؟".

أهمية توطين العلاج بالمجتمعات المحلية

من جهته، أكد الناشط في منظمة "كافا" عمر العيس أن نسبة الإقبال على فحص فيروس نقص المناعة المكتسب في ولاية النيل الأزرق مرتفعة، لأن كثيرًا من المواطنين يجهلون ماهية المرض وتبعاته وعلى هذا الأساس يتم التعامل معه كمرض بسيط وعادي. نتيجة لما تقدم تقل وصمة المرض ويجد المريض الدعم الكافي من المجتمع المحلي.

يعود العيس ليؤكد أن برامج التوعية تتركز في مدينتي الدمازين والروصيرص، لكن خمس محليات أخرى تعاني من غياب الرسالة. يشرح الأسباب قائلًا: "المحليات التي لم تصلها التوعية والتعريف بفيروس الإيدز متاخمة للحدود مع دولة جنوب السودان ودولة كينيا. تعاني من الاضطرابات السياسية والظروف المناخية القاسية، في فصل الخريف يكون الوصول إليها مستحيلًا وعند الصيف نعاني من غلاء إيجارات السيارات حيث تبلغ قيمة استئجار السيارة لليوم الواحد سبعة آلاف جنيه. وعليه نحن لا نصنف ولاية النيل الأزرق كمجتمع محلي بأنها ممتازة في تقديم الخدمات الصحية".

اقرأ/ي أيضًا: قضايا "المناصير".. مظالم تاريخية تغذيها أذرع النظام البائد

أشار العيس أيضًا إلى ارتفاع نسبة الإصابة بفيروس الإيدز خلال السنوات الأخيرة نسبة لارتفاع معدلات الفحص الطوعي التي انتظمت مؤخرًا في بعض ولايات السودان واكتشاف حالات جديدة.

تواجه العاملين في منظمات المجتمع المدني والتوعية بالإيدز، العديد من التحديات، يحدثنا العيس: "تنتج رسائل التوعية في العاصمة الخرطوم وترسل إلى بقية المجتمعات المحلية. توجد في منطقة النيل الأزرق أماكن لا يتحدث أهلها اللغة العربية، إضافة إلى (70) لهجة محلية، لذلك يكون التدريب والتأهيل محصورًا في فئات معينة".

كما يطالب العيس بضرورة توطين العلاج بالمجتمعات المحلية. وأهمية توسيع الرقعة الجغرافية للمستفيدين، ويقول: "يعاني السكان في المناطق النائية من مشقة الطريق في سبيل تلقي الرعاية الصحية، هذا أمر لا يساعد على تحسين صحة المصابين ويتعارض مع حقهم الأصيل في الحصول على الرعاية الطبية".

رسائل غير مباشرة

دعت عضو تجمع الأخصائيين النفسيين إسلام بلال للتركيز على الرسائل غير المباشرة عند مخاطبة المجتمعات المحلية، وتتمثل في البرامج المصورة الدرامية التي تأتي كسياق درامي يعالج القضية دون التركيز عليها بصورة مكثفة، فمن خلالها سيتعلم الأفراد أن مريض الإيدز جزء من المجتمع ينفعل بقضاياه ويؤثر فيه دون أن يقف المرض حاجزًا بينه والآخرين. وشددت على ضرورة الاهتمام بـ"السايكو دراما" لأنها تخاطب اللاوعي وتزرع فيه بوسائلها قيمًا جديدة تساعد على تقبل المريض في مجتمعه المحلي.

تؤكد إسلام بلال على ضرورة استغلال البيئة المحلية في توصيل رسائل التوعية بمرض الإيدز مثل جلسات القهوة ومخاطبة المجتمع بلغة بسيطة ومحاولة إقناعه بأن مريض الإيدز ليس صاحب سلوك سيئ، والمرض غير معدٍ حال تم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع نقل الفيروس.

اقرأ/ي أيضًا: بائعات الشاي والمأكولات.. مطالب ممكنة وأحلام مشروعة

تقول بلال: "كثير من المجتمعات لا تتفهم طبيعة المرض، ويقع على المصاب عقاب إضافي من المحيطين به. يتم عزله، وتأنيبه وتذكيره بشكل دائم بالذنب. هذا سلوك يتوجب تغييره. علينا قيادة حملات كبيرة تجاه المجتمع بهدف تغيير السلوك". للتوعية السليمة عدة طرق تشرحها إسلام بالقول: "نعاني في المجتمع السوداني عند توعية المريض أو المجتمع المحيط به، لأن الطريقة تكون أبوية وبصيغة الأمر، بالتالي يرفضها الفرد ويتناساها المجتمع أو يتمرد عليها".

تتم عملية التوعية النفسية قبل إعلان نتيجة الفحص للفرد، عبر خطوات توضحها بلال قائلة: "عند تحويل المريض للمركز الطبي يخضع للتوعية النفسية اللازمة قبل عملية الفحص، حال إصابته بالمرض يكون تحت تأثير الصدمة وهنا يأتي دور المرشد النفسي للتعامل معه ونقل الخبر إليه بطريقة معينة بحيث نقلل من آثار الصدمة".

دور المجتمع المحلي في تحسين صحة المصاب

عضو تجمع الإخصائيين النفسيين: على المجتمعات المحلية تمكين المريض اقتصاديًا واجتماعيًا، وبناء استراتيجية محلية تتلاقى مع الاستراتيجية القومية في الأهداف

من جهته، أكد المرشد النفسي وعضو تجمع الأخصائيين النفسيين عبدالعظيم عبدالسلام أن عملية إدماج مريض الإيدز أهم خطوة لتحسين صحته الجسدية والنفسية عن طريق إنشاء مشاريع صغيرة ليشعر المصاب بأنه جزء من المجتمع ومساهم في العملية الإنتاجية. وطالب بضرورة تنبيه المجتمع إلى أن مرض الإيدز لا يمنع حامله من الانخراط في النشاطات الاقتصادية والاجتماعية العامة للمجتمع ويتحول لفرد منتج ماديًا وثقافيًا داخل مجتمعه المحلي.

يتحدث عبدالعظيم عن إقليم دارفور كنموذج: "للمجتمعات المحلية ظروفها الثقافية والاجتماعية الخاصة، يفضل أن يكون المدخل إليها عن طريق أحد أبناء المنطقة ويكون ذا تعليم جيد، يتم تدريبه مع مجموعة بذات المستوى الفكري للتواصل مع بقية أفراد المجتمع وتوصيل الرسائل المراد إيصالها. توجد حالات مرضية تتخوف من إعلان المرض وطلب العلاج والمساعدة، هنا يأتي دور الجمعيات في التواصل مع هذه الفئة ويمكن متابعة الحالة بسرية تامة وتوصيل العلاج إليها، خاصة وأنه مجاني".

وعزا عبدالعظيم قلة الإقبال على مراكز الفحص الطوعي لسريتها ولأنها غير معروفة لكثير من السكان، لذلك يقصدون المدن الكبرى عند طلب المساعدة والعلاج.

هل يمكن للمجتمعات المحلية في السودان بناء استراتيجية خاصة بتحسين صحة مريض الإيدز؟ يجيب عبدالعظيم: "لا يمكن في الوقت الحالي بناء استراتيجيات خاصة بالمجتمعات المحلية لتصعد وتتلاقى مع الاستراتيجية القومية وتغذيها بالأفكار ومتطلبات مناطقهم. كثير من الجهود التي تبذل في هذا المجال في المناطق البعيدة والنائية فردية وتقوم بها مبادرات وجمعيات، تكمن المشكلة في عدم مقدرتها على تغطية شرائح كبيرة من المنطقة ويقتصر عملها، أحيانًا، في اليوم العالمي للإيدز حيث تتم زيارة للسجون والخلاوي والمدارس. هي ليست حملات ممتدة ومتواصلة وهذا ما نحتاج إليه في المستقبل".

 

اقرأ/ي أيضًا

"أميت" سوق شعبي يجمع السودانيين في أبيي

الشهادة السودانية.. آن أوان التقييم والمراجعة