السودان.. ندرة "الكاش" تمنع الخبز والطعام عن المواطنين

لو كنت في السودان قبل عامين، لما وجدت أرقام الحسابات البنكية منتشرة على الجدران أو أبواب المتاجر والمطاعم. بينما اليوم، وبعد أشهر من القيود المصرفية على العملات الورقية، اعتاد الناس على شراء الطعام والخبز وسداد أجرة المواصلات بالتعاملات الإلكترونية.

ومنذ الاستبدال الجزئي للعملة في السودان، خاصة في مناطق سيطرة الجيش شمال وشرق ووسط البلاد، وأجزاء من شمال وغرب وجنوب كردفان غربي البلاد، يواجه المواطنون شحًا كبيرًا في السيولة النقدية.

يربط وزير المالية، جبريل إبراهيم، بين أزمة العملة الورقية وبين الحاجة للاعتماد على الحسابات المصرفية التقنية لإجراء التعاملات اليومية التي تشمل حتى شراء الخبز والطعام.

من 200 ألف جنيه يوميًا إلى 50 ألف جنيه، قلصت البنوك في السودان صرف العملة الورقية للعملاء نتيجة القيود الحكومية على السيولة النقدية، مبررة هذه الإجراءات بمكافحة الأوراق المزيفة وتداول العملة في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع التي تتركز في إقليم دارفور بشكل أساسي.

يتحرك المواطنون من القرى إلى المدن لاستخدام التطبيقات البنكية

يقول هيثم، من مدينة القضارف، لـ"الترا سودان": إن المواطنين، مع مرور الوقت، أصبحوا يعتمدون على الحسابات المصرفية التقنية التي تعمل بالهواتف الذكية. ومع ذلك، الغالبية لا يمكنهم الوصول إلى هذه الخدمة، إما لأنهم لا يملكون هاتفًا يدعمها، أو لأن شبكة الإنترنت لا تساعد على ذلك.

ويضيف هيثم: "في القرى البعيدة، لا تتوفر خدمة الإنترنت بصورة تتيح استخدام التطبيقات البنكية. البعض يضطر للذهاب إلى وسط المدينة لوجود تحسن نسبي في شبكة الاتصالات وإجراء المعاملات. والنتيجة أن ملاك المتاجر في القرى الصغيرة فقدوا القوة الشرائية من سكان القرى".

وأدت الحرب التي اندلعت منتصف نيسان/أبريل 2023 إلى خروج 45% من البنوك والوكالات المالية، أغلبها في العاصمة الخرطوم. كما فقد القطاع المصرفي أنظمة التشغيل، بما في ذلك البنية التحتية، ونُهبت مئات الملايين من الدولارات والعملة المحلية خلال الأسابيع الأولى للقتال.

باحث: الأموال التي بحوزة المواطنين غير مشجعة للإيداع في المصارف

ومع تزايد القيود الحكومية على السيولة النقدية، يلجأ التجار والباعة إلى وضع أرقام الحسابات البنكية، وأصبحت هذه الطريقة سائدة في غالبية الأسواق داخل المدن، وحتى في سداد أجرة السيارات العاملة في النقل.

ويقول الباحث الاقتصادي، محمد إبراهيم، لـ"الترا سودان": إن الناس اعتادوا على طريقة التعامل التجاري التي تعتمد على سداد النقود بطريقة تقليدية، حتى نفسيًا يشعرون أن ذلك يناسبهم لعدم ثقتهم في المصارف وخدمات الإنترنت المتذبذبة.

وأضاف: "من يتحملون مسؤولية شؤون المنزل وشراء السلع هم الرجال والنساء، وأغلبهم لا يستخدم تقنية التطبيقات البنكية، واعتادوا على دفع المقابل نقدًا، لذلك عندما يذهبون للأسواق يضطرون لاصطحاب الأبناء".

وأردف الباحث الاقتصادي، محمد إبراهيم: "الأموال التي بحوزة المواطنين غير مشجعة للإيداع في المصارف، كما إن هذه الإجراءات تتزامن مع وضع متدهور في قطاع الاتصالات والإنترنت والقطاع المصرفي".