السودان.. تعيين رئيس وزراء لأول مرة منذ أربع سنوات

بعد أربعة أعوام، تمكَّن رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان من تعيين رئيس وزراء بصورة رسمية، لينهي فترة تكليف مسؤولين لإدارة مهام السلطة المدنية التنفيذية، منذ أن أطاح بالحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021.

 وفق مرسوم صادر من رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أُعلن تعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء لأول مرة منذ استقالة عبد الله حمدوك من هذا المنصب في كانون الثاني/يناير 2022.

عُيِّن كامل إدريس في هذا المنصب بدعم كامل من عبدالفتاح البرهان وغالبية أعضاء مجلس السيادة الانتقالي، باعتبار أن الرجل من المتوقع أن يسعى إلى تكوين حكومة مستقلة، كما تعهّد قائد الجيش قبل شهرين.

جاءت قرارات رئيس مجلس السيادة الانتقالي، اليوم الإثنين، بصورة مفاجئة بعض الشيء، كون الأوساط السياسية والعسكرية والاجتماعية في السودان لم تكن على دراية بالإجراءات الأخيرة، وفقًا لردود الأفعال التي جرت في الساعات الماضية.

 من المتوقع أن يصل كامل إدريس إلى البلاد لأداء القسم أمام مجلس السيادة خلال اليومين القادمين

انتقل عبد الفتاح البرهان، الجنرال الذي يصفه معارضوه بـ"المتردد"، إلى بورتسودان عقب اندلاع الحرب وتمركزها بالعاصمة الخرطوم بين الجيش والدعم السريع منتصف نيسان/أبريل 2023، وهو على رأس نظام يضم عسكريين في مجلس السيادة. سرعان ما لجأ إلى هيكلة الوضع بتعيين عضو المجلس الفريق أول شمس الدين كباشي نائبًا للقائد العام للقوات المسلحة، ومسؤولًا عن ملفات بعض الوزارات، أبرزها الإعلام والخارجية، وتقسيم الملفات الأخرى إلى أعضاء مجلس السيادة من العسكريين.

حاول البرهان من خلال تنويع المهام داخل المجلس الرئاسي، عقب اندلاع الحرب قبل عامين، تخفيف الأعباء لبعض الوقت إلى حين طي صفحة المعارك العسكرية، على الأقل في نطاق وسط البلاد والسيطرة على العاصمة الخرطوم. بالمقابل، فإن التحول المفاجئ الذي أحدثه هجوم الطائرة المسيرة على المدن أربك حسابات صناع القرار داخل مجلس السيادة.

يقول عمر عبد الرحمن، الباحث في الشؤون الدبلوماسية لـ"الترا سودان"، إن قرارات البرهان جاءت بتوافق مع دول مؤثرة في الإقليم، ولفت إلى أن تعيين رئيس مجلس وزراء بصورة رسمية، منذ أربعة أعوام، جاء بعد مخاض عسير وسباق حول هذا الموقع، خاصة من رئيس حركة العدل والمساواة ووزير المالية جبريل إبراهيم، الذي عبّر عن سخطه مرارًا من تجاوزه.

خلال القرارات الصادرة، اليوم الإثنين، نُقلت جميع الصلاحيات التي توزعت بين أعضاء مجلس السيادة فيما يتعلق بالإشراف على الوزارات التنفيذية والأجهزة الحكومية ذات الطابع المدني إلى مجلس الوزراء، ليكون رئيس الوزراء المعين حديثًا تحت إدارته جميع المؤسسات والوزارات، بما في ذلك وزارة الدفاع.
 ويتزامن تعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء مع أزمة اقتصادية غير مسبوقة في السودان، واستمرار الحرب التي تبتلع 90% من الموارد المالية، كما أن خطط إعمار المدن المستردة بواسطة الجيش تشترط الدول المانحة وقف القتال لضخ المساعدات الاقتصادية.
 وحسب المصادر التي تحدثت لـ"الترا سودان"، من المتوقع أن يصل كامل إدريس إلى السودان خلال اليومين القادمين لأداء القسم أمام رئيس القضاء ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.

 مصادر: تكوين الحكومة الجديدة سيكون قبل نهاية الشهر

 وطبقًا للمصادر، سيصدر إدريس قرارات بحل الحكومة المكلفة وتعيين وزراء جدد في فترة أقصاها مطلع حزيران/يونيو 2025، وتسمية قرابة 24 حقيبة وزارية.
 ويوضح الباحث في العلوم السياسية أحمد مختار لـ"الترا سودان"، أن قرار تعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء جاء مفارقًا للتيار الإسلامي الذي تمدد خلال الحرب بين الجيش والدعم السريع.

وأضاف: "جاء التوافق على كامل إدريس لتفادي الخلافات بين المشتركة وبعض التيارات حول حقيبة رئيس الوزراء، باعتبار أن الرجل لا ينتمي سياسيًا لأي حزب، وهو مستقل إلى حد كبير".

وأشار مختار إلى أن رئيس الوزراء المعين حديثًا، كامل إدريس، سيواجه "حقلًا من الألغام" خلال فترة عمله، لأن السودان يواجه أزمات متعددة، ويحتاج إلى تمويل مالي من الدول المانحة ودول الخليج والصناديق الاستثمارية.

ويعتقد مختار أن تعيين كامل إدريس له علاقة بمرحلة انتقال الحرب إلى خانة المفاوضات، خاصة وأن هذا الخيار بات قويًا حتى داخل المعسكر الممانع، إثر تزايد هجوم المسيّرات وتهديدها لـ"سياسة المدن الآمنة".