انخرط متعاملون في نشاط "المال مقابل المال"، يبدأ من البنوك إلى المكاتب الصغيرة في الولايات المستهدفة باستبدال العملة، مقابل الحصول على نسبة من المال تصل إلى 20% من القيمة الكلية.
خبير اقتصادي: استبدال العملة يجب أن يكون وفق إجراءات قانونية تحمي المواطنين
وأطلقت الحكومة في الولايات الواقعة خارج نطاق الحرب عملية استبدال العملة منذ مطلع هذا الشهر، وحددت نهاية كانون الأول/ديسمبر 2024 موعدًا نهائيًا لاستلام الأوراق النقدية القديمة، مقابل الإيداع البنكي للعملة المستبدلة. ما أدى إلى وجود طوابير قرب البنوك القليلة العاملة، بسبب تأثر القطاع المصرفي خلال الحرب وخروج 50% من البنوك عن العمل.
واستثنى البنك المركزي السوداني بعض المناطق من قرارات إلغاء العملة القديمة، خاصة المتأثرة بالأوضاع الأمنية وصعوبة الحصول على طرق آمنة لإيصال شحنات العملات الجديدة. وشملت هذه المناطق كردفان، وأجزاء من النيل الأبيض، وإقليم دارفور، وأجزاء واسعة من جنوب كردفان والنيل الأزرق.
ويقول مازن من مدينة القضارف شرق البلاد، وهي منطقة مشمولة باستبدال العملة، إن الناس يقفون في طوابير أمام البنوك لساعات طويلة، ولذلك يستغل تجار الأزمات هذا الأمر لعرض استلام العملة القديمة التي بحوزة المواطنين مقابل الإيداع المصرفي أو الحصول نقدًا على العملات الجديدة، خاصة فئة الألف جنيه.
ويرى مازن أن ملاحقة قوات الأمن لتجار الأزمة مسألة في غاية السهولة، لكنهم يعملون بثقة تامة. والسؤال: من أين يحصلون على العملات الجديدة من البنوك؟ يسأل ويستدرك: "كيف يحصلون على العملة الجديدة والناس في الطوابير لساعات؟".
"يتلاعب شخص ما بشعورك السيئ عندما تنتظر في الصف أثناء الانتظار قرب البنوك، ويعرض عليك أن تُنهي هذه المعاناة بالموافقة على استلام العملة الجديدة مقابل خصم نسبة تصل إلى 20%. وفي بعض المناطق النائية تصل إلى 30%. بعض الناس يوافقون، ثم تنجز الصفقة في مكتب صغير يديره المتعاملون في السوق الموازي"، يضيف مازن.
ويشكو المواطنون في أم درمان، في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش والمستهدفة باستبدال العملة، رفض بعض التجار التعامل بالعملة القديمة من فئتي (500) و(1000) جنيه. وهناك ارتباك في المحلات التجارية؛ البعض يشتري بالعملات المُلغاة قريبًا، بينما يتجنب تجار تداولها خوفًا من انتهاء صلاحيتها وهي لا تزال بحوزتهم، وخشية الطوابير في البنوك القليلة العاملة.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم لـ"الترا سودان" إن المهلة المحددة لاستبدال العملة من جانب البنك المركزي غير كافية، لأن مثل هذه الإجراءات تُتخذ بالتدرج وتمتد إلى نصف عام أو عام. لذلك نلاحظ أن هناك استعجالًا حكوميًا لاستبدال العملة، وكأن الغرض من ذلك استباق كميات من العملة القديمة المتداولة في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع. وهو قرار يعتقد أنه يوجه ضربة اقتصادية لحميدتي، لذلك يُفسر على أنه قرار سياسي في المقام الأول وليس اقتصاديًا.
وتابع: "هناك عملات مزيفة متداولة، نعم هذا صحيح، لكن معالجتها لا تكون بهذه الطريقة المتسرعة وإحداث ارتباك في أسواق وبنوك الولايات المستهدفة بالإجراءات. يجب وضع خطط تكفل للناس استبدال العملة حسب قدرة الوصول إلى نقاط الاستبدال".
ويتساءل الخبير الاقتصادي محمد إبراهيم عما إذا كان المقصود بالقرار استبدال العملة أو الإيداع المصرفي للأموال التي بحوزة المواطنين، وإلزامهم بفتح حسابات بنكية، فيما تعاني البنوك من ضعف القدرات التشغيلية، ورداءة شبكة الاتصالات والإنترنت بالقرى والبلدات خارج المدن، وعدم كفاءة التطبيقات المصرفية الإلكترونية.
خبير اقتصادي: إجراءات استبدال العملة يجب أن ترافقها تدابير أمنية ومراقبة البنوك والأشخاص المشتبه فيهم في تنشيط السوق الموازي واستغلال الطوابير لعرض شراء العملات القديمة مقابل العملات الجديدة
ويقول إبراهيم إن إجراءات استبدال العملة يجب أن ترافقها تدابير أمنية ومراقبة البنوك والأشخاص المشتبه فيهم في تنشيط السوق الموازي واستغلال الطوابير لعرض شراء العملات القديمة مقابل العملات الجديدة مع خصم نسبة كبيرة، بالتالي إلحاق الضرر بالمواطنين المرهقين اقتصاديًا.
ويضيف قائلًا: "لا يمكن ترك إجراءات استبدال العملة للضمير والأخلاق؛ يجب تفعيل القانون".