الرصاص الطائش.. أجواء الحرب تلاحق المدن الآمنة في السودان

قد تُنهي رصاصة طائشة أو قادمة من مكان مجهول حياة أحدهم في ظاهرة تنامت خلال الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع. يقول خبراء علم المجتمع إن أجواء الحرب زادت من رغبة بعض المجتمعات في إقتناء السلاح في السودان.

لا يقتصر الرصاص الطائش أو إطلاق النار عشوائيًا على المدن التي شهدت عمليات عسكرية مثل الخرطوم وودمدني والأبيض، بل امتد إلى مدن بعيدة نسبيًا عن النزاع المسلح شمال وشرق البلاد.

طبيب طوارئ: حوادث الرصاص الطائش حولت حياة بعض العائلات إلى جحيم

 

وفي خطوة لإيقاف ظاهرة "الرصاص الطائش" منع قائد عسكري في منطقة حلفا الجديدة ونهر عطبرة بولاية كسلا شرق البلاد إطلاق الرصاص في مناسبات الزواج، وتوعد بحبس الزوج "العريس" حال إطلاق أي شخص النار أثناء مراسم الزواج.

جاءت تهديدات قائد منطقة حلفا الجديدة ونهر عطبرة عقب إصابة عدد من المواطنين جراء إطلاق النار بشكل عشوائي أثناء الاحتفال بمراسم الزواج في الأحياء والقرى، ومع تصاعد الحملة الشعبية على الشبكات الاجتماعية قررت السلطات الأمنية ملاحقة من يطلقون الرصاص عشوائيًا.

أما في ولاية نهر النيل شمال السودان يشكو المواطنون من ظاهرة إطلاق الرصاص، خاصة خلال إقامة الحفلات ليلًا بسماع أصوات أصوات الرصاص أثناء الليل وفي بعض الأحيان يشعرون بالقلق من وجود تطورات أمنية.

وتشرح إيناس عبد الله الموظفة في القطاع العام من مدينة عطبرة بولاية نهر النيل كيفية تحويل بعض المدن إلى التماهي مع ظاهرة الرصاص الطائش. وقالت إن السلطات الحكومية والأمنية أخيرًا انتبهت إلى خطورة إطلاق النار عشوائيًا وتهديد حياة المواطنين وقررت مكافحة هذه الحوادث.

وتشير إيناس عبد الله إلى أن المواطنين عندما يسمعون أصوات الرصاص يعتقدون أن الطائرات المسيرة تتعرض إلى المضادات الأرضية كونهم اعتادوا على مثل هذه الهجمات.

ولجأ بعض المواطنين إلى منع المشاركين في مراسم الزفاف أو عقد القرآن في بعض المدن إلى تعميم عدم إطلاق الرصاص بسبب كثرة الضحايا جراء هذه الحوادث التي تثير المخاوف داخل البلاد.

ويقول طبيب في قسم الطوارئ بمستشفى القضارف الحكومي شرق البلاد لـ"الترا سودان" إن ظاهرة إطلاق الرصاص في مناسبات الزواج أو الاحتفالات أودت بحياة العديد من الأشخاص خلال العامين الماضيين.

وقال إن المستشفيات في القضارف استقبلت المصابين وضحايا حوادث إطلاق النار العشوائي، وتحولت حياة بعض العائلات إلى جحيم بسبب الرصاص الطائش، ولم ينجو حتى الأطفال من هذه الحوادث.

وتداول ناشطون تبنوا دعوات لمكافحة هذه الظاهرة وسمًا على مواقع التواصل الاجتماعي وأطلقوا عليه "أفراح بلا سلاح"، كما عقدت قيادات أهلية وشعبية اجتماعًا مع نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار لحث الحكومة على منع إطلاق الرصاص في المناسبات الخاصة والعامة.

باحثة اجتماعية: ثقافة اقتناء السلاح زادت خلال الحرب وسط المواطنين

 

وتقول سوسن عبد الكريم الباحثة الاجتماعية لـ"الترا سودان" إن ظاهرة إطلاق الرصاص في الاحتفالات ومراسم الزواج ثقافة اجتماعية لدى بعض المجموعات السكانية، وهو سلوك يشعرهم بالفخر والشهامة والشجاعة والإقدام على قتال الأعداء.

وتشير عبد الكريم إلى أن هذه الحوادث تزايدت خلال الحرب بسبب تنامي الشعور وسط بعض المجتمعات بضرورة الحصول على السلاح، وأصبح الأشخاص يحصلون على السلاح بكافة الطرق سواء كانت بصورة شرعية أو مخالفة للقانون.

وتضيف: "أجواء الحرب خلقت ظاهرة إطلاق الرصاص الطائش وبعض الحوادث لا ترتبط بالأفراح أو المناسبات الخاصة، بل في بعض المدن يشكو المواطنون من سقوط الرصاص داخل منازلهم دون معرفة السبب".

وتشدد سوسن عبد الكريم على ضرورة حصر الأسلحة ومعرفة مواقع انتشار المسلحين تلك المجموعات المتحالفة مع الجيش، ومنع التسلح داخل المدن الآمنة عن طريق الحملات العسكرية.

وترى سوسن عبد الكريم أن القانون هو الخيار الوحيد لتحقيق الاستقرار وطرد أجواء الحرب من المدن الآمنة بدلًا من انتشار المسلحين بصورة قد تكون أقرب للقرارات الارتجالية أو كل جهة بشكل منفرد.