الدراما السودانية في رمضان.. "سمفونية القتل والتشريد"
4 مارس 2025
تسعى الدراما السودانية في رمضان 2025، للمّ شمل السودانيين في مناطق النزوح واللجوء عن طريق تقديم أعمال تعكس الأوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد، بعد أن غطت نيران الحرب على حياة المواطنين وأصبح العنوان الأبرز هو القتل والتشريد.
يعيش معظم الممثلين والمبدعين في مخيمات إيواء في الولايات الآمنة تحت ظروف إنسانية سيئة
ويحاول عدد من الدراميين السودانيين إنتاج أعمال درامية تحاكي حالة النزوح واللجوء، وإيصال صوت السودانيين إلى العالم، بعد أن ظلت أصوات البنادق والمدافع وأزيز الطائرات هي الأعلى منذ اندلاع حرب 15 نيسان/ أبريل 2023 التي تقترب من عامها الثاني، وقد خلفت أكبر أزمة إنسانية في العالم "وفقًا للأمم المتحدة".
قطع التطور
قطت الحرب التطور والانفتاح الذي شهدته الأعمال الدرامية في السودان عقب سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، بعد انتهاء عهد القبضة الأمنية على مختلف أنواع الفنون، إذ جرى إنتاج عشرات الأعمال من أفلام ومسلسلات فاز بعضها بجوائز عالمية، مثل الفيلم الروائي "ستموت في العشرين"، و"وداعا جوليا"، و"جوابات"، و"في قاعة الانتظار" و"بعد ذلك لن يحدث شيء" وغيرها من الأعمال.
أبرز الأعمال الدرامية
ويشهد موسم رمضان الحالي تنافسًا على إنتاج عدد من الأعمال التي تم عرضها عبر القنوات الفضائية و"اليوتيوب"، ووجد بعضها الإشادة فيما واجه البعض الآخر الانتقاد من المتابعين والنقاد.
ومن أبرز الأعمال الدرامية التي تم إنتاجها في رمضان الحالي مسلسل "دروب العودة"، من إنتاج د. جلال حامد، وبطولة موسى الأمير، وعوض شكسبير والكندي الأمين، ويحاول المسلسل معالجة قضية الهجرة غير الشرعية ومعاناة الشباب السودانيين الذين يتعرضون للعديد من المخاطر في سعيهم نحو تحقيق أحلامهم في الوصول إلى دول الغرب.
يليه مسلسل "أقنعة الموت" للمخرج أبو بكر الشيخ، وتمثيل كوكبة من نجوم الدراما، الذين أعادهم المسلسل للأضواء من جديد، ويعالج المسلسل سمفونية الحريق والنزوح، ويسلط الضوء على الانتهاكات التي صاحبت الحرب من قتل وترويع للمواطنين.
ويستعرض مسلسل "ديالا" من بطولة أحمد الجقر، مجموعة من القضايا الاجتماعية والعائلية، مع التركيز على التحديات التي تواجه العلاقات الزوجية في المجتمع السوداني المعاصر. يتم تقديم الأحداث بأسلوب يجمع بين الدراما والكوميديا، ويهدف المسلسل إلى طرح القضايا اليومية للأزواج بشكل يعكس الواقع السوداني.
كما يرصد مسلسل "هروب قسري" من بطولة مصعب عمر المعروف بـ "زول سغيل"، الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية داخل الدولة، وتدور قصة المسلسل في إطار الدراما الاجتماعية، والوضع الذي يتعرض له الشعب في السودان.
ويسلط "مسلسل صدمة حرب" الضوء على واقع الحياة في السودان في السنوات الأخيرة، من خلال قصة تحمل الكثير من الأحداث المأساوية، ويتناول المسلسل الظروف القاسية التي مر بها السودانيون نتيجة الحرب والنزاعات، إذ يعكس تجارب حقيقية لأفراد المجتمع الذين تأثروا بهذه الأحداث.
عكس الظروف
حاولت هذه الأعمال الدرامية على الرغم من قلتها أن تكون مرآة لما يحدث في المجتمع السوداني، حتى يشعر المواطن بصدق ما يُقدَّم على الشاشة، ويعكس الواقع الذي عايشه الشعب السوداني مع أهوال الحرب وفي أماكن النزوح واللجوء.
ويرى بعض النقاد والمشاهدين أن المسلسلات التي تم عرضها عبر بعض القنوات الفضائية و"اليوتيوب" أظهرت ضعف إمكانات الإنتاج، فيمَا يرى البعض أن إنتاج هذا الكم من الأعمال المنتجة في موسم رمضان يمثل نجاحًا للدراما السودانية بعد أن أصابتها الحرب في مقتل.
ذاكرة جماعية
ويقول عميد كلية الدراما بجامعة النيل د. طارق علي: "قطعًا لا نستطيع أن نحكم على عمل ما أو نخضعه لعين النقد والتشريح دون أن نراه كاملًا".
ويضيف طارق لـ"الترا سودان": "في هذه الظروف القاسية والعصيبة من عمر الوطن أن يكون هناك أعمال فنية تنتج وتقدم رغم ذلك فهذه محمدة وإنجاز لابد من الإشادة بمن له القدرة على ذلك وتوفرت له فرصة، وهذا هو دور الفنان الأصيل وواجبه".
وتابع: "لكن في الوقت ذاته نتمنى التجويد في هذه الأعمال المقدمة وعدم الوقوع في فخ الاستسهال والتسطيح على مستوى الكتابة، أو الركون لنمط أدائي مستهلك ومكرور وتقديم الشخصيات المعلبة، كما بدأ يظهر في الأعوام السابقة".
وأردف: "الدراما في وظيفتها تعمل كمسبار يسبق الجميع في كشف المشكلات وتحقيق سبل علاجها بوسائل قد لا تتأتى لغيرها لاشتمالها على عناصر إبداعية شاملة تعمل على تحقيق المتعة والفائدة".
وزاد: "الأعمال الدرامية هي ذاكرة جماعية ومالية في آن واحد، وأداة استبصار، ولطالما نادت الدراما في السودان لتعزيز السلام الاجتماعي وثقافة قبول الآخر، والإعلاء من قيمة الإنتماء الوطني ورتق النسيج الاجتماعي في رؤى فنية تشرح الداء وتقدم الدواء بصيغ تحرك الشعور وتحرر العقول".
وقال، إن الدراما منتج إبداعي له شروطه الفنية التي لابد من الاستجابة لها، وقيوده العلمية التي لا فكاك من الإلمام بها واتباعها قيدًا بقيد وشرطًا بشرط، وأي خلل أو ضعف في أحد عناصرها يهدم البناء كله حتى ولو صغر، وليس كما يشاع أو يعتقد، فالدراما مهنة العارفين وليس المقلدين".
التغلب على الظروف
وألقت الحرب المحتدمة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023، بظلالها على المشهد الفني في السودان، إذ يعيش معظم الممثلين والمبدعين في مخيمات إيواء في الولايات الآمنة تحت ظروف إنسانية سيئة، يستعصي معها الإبداع، ولكن رغم ذلك حاول البعض التغلب على الظروف وواصلوا إبداعهم بحسب الإمكانيات المتوفرة لديهم.
أعمال كثيرة
ويقول الكاتب والمخرج المسرحي ربيع يوسف، إن هناك أعمالًا درامية كثيرة تم إنتاجها في الموسم الحالي ويتم عرضها عبر عدد من المنصات، التي تعكس في أغلبها معاناة الشعب السوداني التي خلفتها الحرب.
ويضيف ربيع، لـ"الترا سودان"، إن الدراميين رغم الظروف التي يمرون بها كباقي السودانيين، إلا أنهم ظلوا ينتجون أعمالًا درامية لاسيما على المستوى المسرحي التي زادت خلال فترة الحرب، حيث أنتجوا أعمالًا مشتركة في دور إيواء النازحين بالولايات".
من جهتها، ترى الممثلة تهاني الباشا، أن الدراما والمسرح يأتي دورهما في وقت الحرب، وأن أغلب الدراميين لم يقفوا من أول يوم في الحرب خاصة في المسرح، وهناك تجارب جميلة في الشمالية وكسلا وبورتسودان عن الألغام والصحة والتعليم.
وقالت الباشا لـ"الترا سودان"، في أزمان الحرب تعمل الدراما على توعية الجمهور بمخاطر الحرب وما يترب عليها، وإذا كان الجندي يحمل السلاح للقتال فإن الدراميين يحملون الأفكار للدفاع عن الوطن".
وعن الأعمال الدرامية المنتجة للتلفزيون في موسم رمضان، يقول ربيع يوسف، إن الأعمال معظمها تقارب وتعالج إفرازات الحرب والنزوح خاصة العروض المسرحية، من منظور نقدي وتوعوي.
وتابع: "لا أتوقع أن تختلف المسائل في المعالجات الدرامية التلفزيونية".
فيما رأت تهاني الباشا، أن الدراما يجب أن يعمل بها من يحمل مشروعًا فكريًا حقيقيًا، لأن الدراما الخالدة هي التي تحمل مشروعًا داخلها، لذلك الأعمال تركز في أذهان الناس".
وأشارت إلى أن بعض الأعمال التلفزيونية وضعت نفسها في الانحياز لجهة معينة وهذا خصم من مشاهدين آخرين.
وأوضحت أن "الدرامي لديه توجه ومن حقه أن ينتمي لأي جهة يريد لأنه لا ينفصل عن الواقع الذي يعيش فيه، ولا نحاكمه في شخصه، بل نحاكم العمل من منظوره النقدي ككل من تمثيل إلى حبكة وإخراج".
تنافس واجتهاد
بدورها، ترى الصحفية والناقدة خديجة عائد، أنه على الرغم من الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، والتحديات التي تواجه العمل الدرامي في السودان، وصعوبة العرض لتوقف القنوات بسبب الحرب الدائرة؛ إلا أن هناك تنافسًا واجتهادًا بذلا لإخراج أعمال درامية جاذبة ترقى للمشاهدة، خصوصًا أنها تأتي في شهر يكون فيه السباق الدرامي محمومًا".
وتقول عائد لـ"الترا سودان"، إن النقاد والناشطين والمهتمين بالشأن الدرامي يركزون على الأعمال المعروضة للمشاهدة لتقييمها كل بوجهة نظره الخاصة، وتضيف: "شخصيًا تابعت عملين دراميين أحدهما مسلسل "دروب العودة"، اعتبره مسلسل كبير من واقع أنه يعكس الحياة في المجتمع السوداني وتجارب الهجرة غير الشرعية، والروابط الأسرية فهو جيد لحد ما لتناوله لقضايا اقتصادية واجتماعية في قالب درامي يجعلنا كمشاهدين نعيد التفكير في كثير من القضايا التي كنا نغض الطرف عنها".
وتضيف: " "دروب العودة" دراما جمعت كوكبة من نجوم الدراما المعروفين واعادتهم للواجهة مرة اخرى.
وأشارت إلى أن العمل الدرامي الآخر مسلسل "ديالا" هو الآخر يلامس قضايا الشارع ويعكس واقعًا معاشًا فيه جهد واضح وموضوعي".
جرأة واستسهال
ورأت الناقدة خديجة عائد، أن الجرأة في الأدوار لا تعكس حال مجتمعنا السوداني المتميز بالحياء والخجل، لذلك نجده يتعرض للنقد الشديد عندما انحرف عن طبيعتنا وتعاملنا فيمَا يتعلق بالحديث عن المشاعر والأحاسيس".
وتقول الممثلة تهاني الباشا، "رغم استسهال البعض للدراما سواء تمثيل أو إخراج أو حتى كتابة وتاليف، لكنها ليست بهذه السهولة وإلا أصبح أغلب الناس ممثلين.
وأوضحت مسلسلات اليوتيوب تعتمد على شخصيات للحصول على المشاهدات، لكنها لا تحمل مشروعًا.
د. طارق علي: لا نستطيع أن نحكم على عمل ما أو نخضعه لعين النقد والتشريح دون أن نراه كاملًا
فيما دافعت الناقدة خديجة عائد عن بعض الأعمال وقالت إن هناك من يشيد بهذه الأعمال وشجاعة القائمين على أمرها من منتجين ومخرجين وممثلين غامروا لإنتاج دراما ترضي المشاهد.
وقالت: "افتكر أن العافية درجات وهذه الأعمال تعتبر بارقة أمل في طريق الدراما يجب أن نشجعها ولا نسخر منها، وفي كل مرة سيأتي العمل أفضل من الذي قبله لأنه بالتأكيد أخطاء السابق يتم تعديلها من عمل لآخر إلى أن يتم تقديم أعمال درامية كبيرة في المستقبل".
الكلمات المفتاحية

فنتازيا الجوع
هدأت المعارك في وسط المدينة المحترقة وانسحبت الكتائب المتحاربة مفسحة المجال لحالة من الهدوء الحذر المنساب مع خيوط الدخان وروائح الجثث المتعفنة المنتشرة في كل مكان.
الممثلة السودانية إسلام مبارك بين التنميط والإجادة في "أعمال شاقة جدًا"
فتح الدور الذي لعبته النجمة السودانية إسلام مبارك في المسلسل المصري الكوميدي أشغال شقة جدًا؛ الباب واسعاً أمام العديد من الآراء المستحسنة والمستهجنة للدور نفسه وليس أداء النجمة؛ الذي وجد إشادة كبيرة، وعده الكثيرون نجاحًا لها، بينما رأى البعض في الدور تنميطًا للسودانيين، حيث لعبت النجمة دور شغالة نيجيرية نهمة في قالب كوميدي؛ وذهبوا إلى أن الدور يؤكد تنميط الدراما المصرية للسودانيين في مهنتي البواب…

كتاب "حريم الطيب صالح" لميسون عبدالحميد يثير جدلًا في القاهرة
أثار كتاب "حريم الطيب صالح.. دراسة من منظور نسوي ما بعد استعماري"، جدلًا كثيفًا في أولى فعاليات "ليالي سوداني الرمضانية" بمركز التسامح في العاصمة المصرية القاهرة، في الخامس من آذار/مارس 2025.

معارك ضارية وسط الخرطوم والجيش يحرز تقدمًا نحو القصر
أحرزت القوات المسلحة تقدمًا جديدًا وسط الخرطوم صباح اليوم، إثر معارك ضارية بدأت منذ الساعة الرابعة وفق مصادر محلية، فيما اضطرت قوات الدعم السريع تحت الضربات الجوية المكثفة وانتشار المشاة بالتراجع الميداني

القوات المسلحة تعلن التحام المدرعات مع القيادة العامة وسط الخرطوم
أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد ركن نبيل عبدالله، التحام جيشي القيادة العامة وسلاح المدرعات عقب السيطرة على منطقة مستشفى الشعب اليوم الاثنين، وهزيمة قوات الدعم السريع.

السودان.. هل يقود صراع الفصائل العسكرية المساندة للجيش إلى الاقتتال؟
في غمرة تقدم الجيش، اندلع تنافس محموم بين الفصائل على النفوذ ومواقع التأثير السلطوي ومراكمة الثروة والاعتبار، فاشتعل خلاف معلن بين القوة المشتركة لحركات دارفور المسلحة وقوات درع السودان من جهة، وبينهما معًا في مقابل كتائب الإسلاميين من جهة أخرى

أعضاء بمجلس الأمن يدينون اختطاف قوات الدعم السريع لموظفين أمميين
قال أعضاء بمجلس الأمن الدولي، إن قوات الدعم السريع احتجزت 60 من حفظة السلام الأمميين، واختطفت ثمانية موظفين مدنيين، ونهبت قافلة لوجستية تتبغ لقوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا)، مكونة من ثماني مركبات و280 ألف لتر من الوقود.