"الحلوف والبعاتي"... طرفتان سودانيتان عن خروف العيد
7 يونيو 2025
الطرفة أو القصة الأولى سمعتها وأنا طفل، كانت تحكيها حبوبتي "جدتي" زينب، وربما كان المقصد الرئيسي منها إخافتي إلى حد ما حتى أترك الشغب الليلي، وأتلم على نفسي قبل الذهاب إلى النوم، بعد تطميني بلميون حضن وقبلة.
تقول القصة: مات رجل قبل أيام قلائل من عيد الأضحى المبارك. كان له زوجة وأطفال، وزريبة صغيرة يوجد بداخلها خروف متوسط الحجم، مع عدة أغنام لتوفير الحليب الأطفال. اشترى الرجل الخروف استعدادًا لعيد الأضحى، لكنه مات وترك أطفاله أيتامًا ومساكين.
منذ طفولتي وإلى هذه اللحظة لا يمكن أن يأتي عيد الأضحى دون أن أتذكر قصة "البعاتي" الذي هب لنجدة أطفاله
وتقول القصة: في ليلة يوم العيد، تسلل لص إلى زرية الأطفال الأيتام. كان هدفه واضحًا، اتجه مباشرة إلى "خروف العيد"، فك حباله وحمله على كتفيه، واستدار ليخرج، لكنه فوجئ بالرجل صاحب الخروف يقف أمامه، وقد تحول إلى "بعاتي" بعد أن عاد من الموت، تخرج منه أصوات مخيفة وتشع من عينيه المحمرتين نظرات كالنار.
في هذه المرحلة من الحكاية يبدأ فاصل الرعب الطفولي، إذ تبدأ جدتي بتقليد صوت "البعاتي" وهو يأمر اللص بوضع الخروف على الأرض من ثم حمله مرة أخرى، في تكرار صوتي مفزع إلى أن تشرق الشمس: "شيلو، ختو، شيلو، ختو، شيلو، ختو"، ويعني أرفعه على ظهرك، ضعه الأرض.. وهكذا إلى أن يأتي أهل المنطقة في الصباح ويضبطون الحرامي متلبسا بالجرم، وينقذون خروف الأيتام.
أؤكد الآن، قبل الانتقال للقصة الثانية، أنه ومنذ طفولتي وإلى هذه اللحظة لا يمكن أن يمر عيد الأضحى المبارك دون أن أتذكر قصة "البعاتي" الذي هب لنجدة أطفاله – في حياته السابقة – وأنقذ خروفهم من الضياع والسرقة.
الحكاية الثانية طريفة وذات بعد إنساني لطيف، وتحكي عن رجل فقير، له مجموعة من الأطفال، كانوا يلحون عليه ويطالبونه قبل أيام من مقدم العيد بشراء الخروف أو "حلوف العيد" كما ينطقون، فهم مثل غيرهم من أطفال الجيران يريدون أن يحظوا بخروفهم ويلاعبوه ويداعبوه، ويطلقون عليه اسمًا للتدليل قبل ذبحه، وكان الرجل الذي لا يملك "حق الخروف"، يراوغهم حزينًا بأنه سيلبي طلبهم، ممنيًا النفس بنجاح مساعيه في الاستدانة من أحد معارفه حتى يحقق ذلك.
ذات يوم، خرج الأب في سبيل الرزق، وترك باب البيت الصغير مفتوحًا، وفي اللحظة ذاتها وجد خروف في حي مجاور بوابة البيت الكبير مشرعة، فاندفع بعد أن قطع الحبل – كان قويًا وسمينًا – إلى الخارج وفر في الشوراع، وأصحاب البيت يجرون وراءه للقبض عليه إلى أن فقدوا أثره داخل زقاق صغير، يفصل ما بين الحيين، الغني – منزل الخروف، والفقير – منزل الأطفال والأب الحزين.
وتقول القصة: أثناء هروبه المصحوب بالرعب، وجد الخروف بابًا صغيرًا مفتوحًا، فاندفع إلى الداخل ووقف تحت شجرة ليمون مزهرة وهو يلهث من التعب. ذلك كان بيت الأب الحزين، وأطفاله الذين في انتظار خروف العيد، وهم يرون الآن أمامهم خروفًا سمينًا وسيمًا يقف ساكنًا تحت شجرتهم المزهرة.
حين عاد الأب كسيفًا من مشواره الفاشل، وجد صغاره ملتفين حول الخروف الهارب، جلبوا له الماء وحشائش خضراء، بعضهم يحاول إطعامهم والآخر يمسد صوفه المكتنز. احتار الرجل وزوجته، لكن ذلك لم يمتد طويلًا، إذ بعد وقت وجيز من عودته إلى المنزل، سمعا طرقًا على الباب ثم اندفع مجموعة من الشباب وخلفهم شيخ كبير في السن. كان يشيرون إلى الخروف: أخيرًا وجدناه. في حين كان الشيخ ينظر بحنو إلى الأطفال وهم متحلقون حول خروفه الهارب. فهم كل شيء في لحظات، وهو ينقل بصره بين الأب وأطفاله وأمهم الصامتة. اقترب من الصغار وسألهم: دا خروف منو؟ أجابوا بصوت واحد وهم يتقافزون ويضحكون: "دا حلوفنا حق العيد".
ضحك الشيخ بفرح وهو ينظر إلى مرافقيه قبل أن يقول لهم:
نعم أخيرًا وجدناه، وصل بالضبط إلى مكانه المطلوب.. الخروف هدية العيد لهؤلاء الصغار.
الكلمات المفتاحية

رسائل كافكا إلى ميلينا تثير الجدل بين السودانيين
أثارت أغنية مشتركة بين الفنانة إيمان الشريف والفنان عصام ساتي، بمدخل مستوحى من رسائل الرواية العالمية الشهيرة لفرانز كافكا "رسائل إلى ميلينا" الجدل بين السودانيين على الشبكات الاجتماعية.

حرب السودان … العصافير التي نجت من الرصاص
لم يجد أنور، الطفل الصغير، مفرًا من إطلاق سراح العصافير التي كانت حبيسة قفص معدني في منزله بعد ثلاثة أيام من اندلاع الحرب منتصف نيسان/أبريل 2023 في العاصمة الخرطوم،

جيل جديد يصنع "الشربوت".. وصفات مبتكرة بلمسة عصرية
في مطبخ صغير بأحد أحياء الجيزة، تصنع أم سلمى، سيدة في أواخر الثلاثينات، مشروب "الشربوت"، لكن هذه المرة بنكهة مختلفة، تعيد تقديم هذا المشروب العريق بطريقة عصرية، تجمع فيها بين أصالة المكون وروح الابتكار.

طقس السودان.. أسبوع مطير في معظم أنحاء البلاد
توقعت الهيئة العامة للأرصاد الجوية، في نشرتها الأسبوعية، تفاوتًا في درجات الحرارة وتوزيع الأمطار خلال الفترة من 15 إلى 21 تموز/يوليو 2025

الأمم المتحدة تحذر: تصاعد القتال والأمطار الغزيرة يُفاقمان الأزمة الإنسانية في السودان
حذّر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) من تفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان نتيجة تصاعد العنف والنزوح المستمر، بالتزامن مع هطول أمطار غزيرة

منظمة: الحرب دمّرت مركز المايستوما في السودان
قالت منظمة صحية إن الحرب دمّرت البنية التحتية لمركز علاج الأورام الفطرية "المايستوما" في السودان، والذي كان يقدّم خدمات حيوية لآلاف الأشخاص في البلاد والعالم بأسره.

غرفة طوارئ بري تصدر توضيحًا حول شحنة مساعدات غذائية توزع في المنطقة
أصدرت غرفة طوارئ منطقة بري، شرقي العاصمة السودانية الخرطوم، توضيحًا بشأن شحنة المساعدات الغذائية التي يجري توزيعها حاليًا في منطقة البراري، مؤكدة أن مسؤولية الشحنة تعود إلى منظمة نداء الوطنية، وليست من اختصاص مناديب الأحياء.