الحرب تدمر الزراعة في جنوب كردفان.. مشاريع متوقفة وتمويل متأخر يفاقم الأزمة
17 سبتمبر 2025
أثرت الحرب في جنوب كردفان بشكل كبير على القطاع الزراعي، حيث تراجعت المساحات المزروعة واقتصر أغلب المواطنين على زراعة "الجبراكة" فقط، بينما خرجت مشاريع كبرى مثل هبيلا وفيو ووطا عن الخدمة الزراعية. وهبيلا، التي تُعد من أكبر مشاريع الزراعة الآلية بالولاية، تحولت اليوم إلى ساحة صراع بين القوات المسلحة والجيش الشعبي تارة، وبين الدعم السريع والقوات المسلحة تارة أخرى، وتحول مزارعوها إلى عمال بمناطق الجبال الستة. وفي مدينتي كادوقلي والدلنج لم يبق للمواطنين سوى "الجبراكة"، فيما توقفت المشاريع الزراعية في مناطق كرقل وحجر الجواد تمامًا.
لكن الأجزاء الشرقية للولاية تُعد من أكثر المناطق استقرارًا، ففي محلية التضامن، التي تضم أربع وحدات إدارية على رأسها الترتر وهي أكبرها، بالإضافة إلى بلولة وأم الخيرات ومُرّة، توجد حوالي 600 ألف فدان زراعي تم تخطيطها ويمتلكها مواطنون وتجار كبار، إلى جانب مشروع حكومي واحد، وحوالي 300 ألف فدان خارج التخطيط.
موظف بمؤسسة أقطان جبال النوبة: معظم هذه المشاريع لم تُزرع العام الماضي بسبب إغلاق الطرق الذي منع وصول الوقود
وقال إسماعيل السيد، موظف بمؤسسة أقطان جبال النوبة، إن الأراضي المخططة تندرج ضمن مشاريع "قرضة، وسنينات، وأم حجار"، إضافة إلى مشاريع حدودية تقع بين التضامن وأبو جبيهة تُسمى "السمة". وأشار إلى أن معظم هذه المشاريع لم تُزرع العام الماضي بسبب إغلاق الطرق الذي منع وصول الوقود. فبعد الحرب أصبح الوقود يأتي من مناطق سنار عبر طريق جبل موية، ثم النيل الأبيض بكوستي وحتى التضامن، ما أدى إلى ارتفاع التكلفة، بينما قبل الحرب كان الوقود يأتي من مستودعات الخرطوم.
وأكد أن ذلك تسبب في ارتفاع سعر برميل الوقود إلى ثلاثة ملايين جنيه، الأمر الذي جعل معظم المزارعين عاجزين عن الزراعة. كما أن غياب أو قلة التمويل الزراعي أثّر على عدد كبير منهم، فزرع أغلبهم بجهود ذاتية، مما أدى إلى زراعة محدودة وفي مساحات أقل.
وبحسب إسراء جبر، موظفة بمحلية العباسية، فإن أغلب مزارعي التضامن هذا العام تحصلوا على التمويل من البنك الزراعي فرع العباسية تقلي. لكنها أشارت إلى أن سعر "السلم" ارتفع من 56 ألفًا لجوال الذرة إلى 70 ألفًا (ويقصد بالسلم قيمة يمنحها البنك للمزارعين في بداية الموسم ليرجعها كمحصول نهاية الموسم)، وهو أمر غير مربح بالنسبة للمزارعين لأنه لا يختلف عن سعر السوق. وأضافت أن سعر برميل الوقود من البنك وصل إلى مليون جنيه، بينما كانت تكلفة زراعة "الجدعة" (خمسة فدادين) العام الماضي لا تتجاوز 200 ألف جنيه. وأكدت أن الضمانات المطلوبة للحصول على التمويل تشمل رهن الآلة الزراعية أو أوراق الأراضي، أو الحصول على ضمان من تاجر معروف أو مسؤول حكومي.
موظفة بمحلية العباسية: سعر "السلم" ارتفع من 56 ألفًا لجوال الذرة إلى 70 ألفًا
وفي مقابلة مع "الترا سودان"، شكا المزارع موسى ياسين من منطقة الترتر من صعوبة الحصول على التمويل بمحلية التضامن، وقال إن الفريق شمس الدين كباشي زار المنطقة قبل الحرب ووعد بفتح فرع للبنك الزراعي في التضامن، لكن ذلك لم يحدث، مما أجبر المزارعين على الذهاب إلى العباسية تقلي أو أبو جبيهة للحصول على التمويل. وأشار إلى أنهم يقضون حوالي 20 يومًا وأحيانًا شهرًا كاملًا في الإجراءات، إضافة إلى تعرض بعضهم لعمليات نهب في الطريق.
وأكد أن العام الماضي تعرض مزارعون من منطقة أم بيوض بوحدة الترتر لنهب في الطريق بين العباسية والتضامن، الأمر الذي دفع المواطنين لتنظيم وقفة احتجاجية بمحلية التضامن للمطالبة بتعويض المتضررين.
وأضاف ياسين أن التمويل جاء متأخرًا جدًا، إذ بدأت الإجراءات في أواخر حزيران/يونيو، بينما تم تسليم القروض في منتصف تموز/يوليو، وهو وقت متأخر مقارنة ببداية موسم زراعة الذرة الذي يجب أن يبدأ منذ منتصف حزيران/يونيو، وبالأخص الذرة الحمراء. وأشار إلى أن سقف التمويل محدود، حيث يمنح المزارع الصغير حوالي 3 ملايين، بينما يصل التمويل للمزارع الكبير إلى 8 ملايين فقط، كما أن البنك يستهدف عددًا محدودًا من المستفيدين.
وأكد أن هناك مشكلة أخرى تتعلق بالتغيرات المناخية، حيث لم يستقر هطول الأمطار حتى أواخر تموز/يوليو الماضي، وهو ما أثر على الإنتاج، لأن المحصول عادة ما يكون قد ارتفع حينها إلى شبر أو شبرين فوق الأرض.
وأشار إلى غياب مكاتب الإرشاد الزراعي، وقال إن العام الماضي شهدت المنطقة موجة جراد كبيرة أتلفت المحاصيل، بالإضافة إلى طيور نقرت قناديل الذرة، ما أضر بالمزارعين الصغار بشكل خاص، دون أي تدخل من الدولة. وأوضح أن الطائرات التي كانت تُستخدم قبل الحرب لرش المبيدات لم تعد موجودة بعد اندلاعها، مما فاقم الأضرار.
وأضاف أن هذه الآفات أثرت بشكل كبير على إنتاج السمسم، حيث انخفض إنتاج الجدعة إلى 7 أو 9 جوالات فقط، بينما فشلت بعض المشاريع تمامًا مثل مشاريع المزارعين الكبار مكي عبد البافي سليمان ومحمد الطيب. وأكد أن فشل الموسم الزراعي أدى إلى ارتفاع أسعار الذرة حتى وصلت ملوة الذرة إلى 9 و10 آلاف لأول مرة، الأمر الذي دفع بعض كبار التجار إلى فتح مخازنهم وبيع 100 جوال ذرة أسبوعيًا بأسعار مخفضة، مما أجبر المواطنين على الوقوف في صفوف طويلة للشراء.
مزارع: ظاهرة النهب انتشرت في المشاريع الزراعية، حيث يتعرض العمال لاعتداءات مسلحة بعد قطع وتجميع الذرة
وأشار إلى أن ظاهرة النهب انتشرت في المشاريع الزراعية، حيث يتعرض العمال لاعتداءات مسلحة بعد قطع وتجميع الذرة، إذ يقوم متفلتون بنهب بعض الجوالات، وهو أمر لم يكن يحدث قبل الحرب حين كانت القوات الأمنية تُعيّن قوات خاصة لتأمين الموسم الزراعي، لكن هذا انعدم بعد اندلاع الحرب.
وقال إن معظم مزارعي وحدة أم الخيرات لم يتمكنوا العام الماضي من الحصاد بسبب تعديات مسلحين مجهولين، إضافة إلى اعتداءات الرعاة ببهائمهم على الأراضي الزراعية. وأكد أن أربعة مزارعين بغرب أم الخيرات تعرضوا للضرب من قبل الرعاة.
الكلمات المفتاحية

مدينة الإنتاج الحيواني بالقضارف.. اختبار أول للوزير المثير للجدل
في الوقت الذي تمر فيه العلاقات السودانية الإماراتية بأحد أكثر مراحلها توترًا، بعد أن وصفت الخرطوم أبوظبي رسميًا بـ"دولة عدوان" تدعم "مليشيا متهمة بارتكاب جرائم إبادة وتهجير قسري" في أيار/مايو 2025، أثار تعيين البروفيسور أحمد التجاني المنصوري وزيرًا للثروة الحيوانية والسمكية جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية.

البنك المركزي يُصدر عملة ورقية جديدة من فئة 2000 جنيه
أعلن بنك السودان المركزي، اليوم الخميس، تشرين الثاني/نوفمبر 2025، إصدار عُملة ورقية جديدة من فئة الألفي جنيه، وطبعة جديدة من الورقة فئة الخمسمائة جنيه.

اقتصادي: بنك السودان تراجع عن احتكار صادرات الذهب بشكل مفاجئ
قال الباحث في قطاع التعدين والمحلل الاقتصادي أحمد بن عمر، إن البنك المركزي توقّف عن شراء الذهب من المنتجين المحليين والشركات بشكلٍ مفاجئ.

نزوح الفاشر إلى الدبة.. حين تضغط الجغرافيا وتنكسر السياسة
الآثار الكارثية لما وقع في الفاشر لن تمحي قريبًا. الآلاف قتلوا وشردوا وانتهكت أعراضهم في واحدة من أسوأ مشاهد الحرب الدائرة في السودان، بل هي مأساة مكتملة،

النقارة السودانية.. طبول تروي حكايات الفرح والحزن
تُعد النقارة السودانية نبضًا حيًا للثقافة الموسيقية في البلاد، فهي تحمل في دقاتها إرثًا فنيًا زاخرًا بالإبداع، وبين طياتها رسائل مختلفة، تعبر أحيانًا عن الفرح وأحيانًا عن الفزع والحزن، عبر إيقاعات متنوعة ومتفردة. تُلهب هذه النقارة الروح وتحتفي بالهوية والذاكرة الشعبية، وتستخدم بشكل خاص لدى قبائل كردفان.

الطيران الحربي للجيش السوداني يشن غارات على مطار نيالا
شنَّ الجيش السوداني، السبت 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، غاراتٍ جوية على مواقع قوات الدعم السريع داخل مطار نيالا في ولاية جنوب دارفور.

صمد لـ 30 شهرًا.. طبيب سوداني يُضيء الظلام بالحصول على جائزة دولية
بعد 30 شهرًا، توّجت منظمة أورورا الدولية الطبيب السوداني جمال الطيب بطلًا للقطاع الطبي والصحي والإنساني، من بين 900 شخصية حول العالم نافسوا على الجائزة التي أُعلن عنها الخميس 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2025.
