26-يونيو-2019

يضع التحالف السعودي الجنود السودانيين في واجهة الجبهة ضد الحوثيين (Getty)

يستغل تحالف الرياض وأبوظبي، الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعيشها السودان، في الوقت الراهن، من أجل الدفع بالقوات السودانية إلى جبهات القتال في اليمن ضد مسلحي جماعة الحوثيين، مقابل حُزم من المساعدات المالية التي تقدمها الدولتان، بالإضافة إلى الضغط على المعارضين السودانيين للقبول بالمجلس العسكري، الذي سيوفر لهما مزيدًا من الجنود لتغذية حربه على اليمن.

عقب الإطاحة بالبشير أكد حميدتي أن القوات السودانية المشاركة بالحرب "ستبقى حتى يحقق التحالف أهدافه". ونقلت وكالة "سونا" عن حميدتي قوله إننا متمسكون بالتزاماتنا تجاه التحالف

وفي الجانب الآخر يستمر الرفض الشعبي في الشارع السوداني لاستمرار مشاركة القوات السودانية، بعد خروج التحالف السعودي الإماراتي عن أهدافه المزعومة، في إعادة الشرعية، وإطالة مدة الحرب التي دخلت عامها الخامس، ناهيك عن مقتل وإصابة المئات من الجنود السودانيين خلال المواجهات مع مسلحي جماعة الحوثيين.

اقرأ/ي أيضًا: الجنود السودانيون في اليمن.. بيادق الحرب و"ضحاياها"

وكانت السعودية والإمارات ضغطتا على الرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير، للإبقاء على قواته في الحدود السعودية، مقابل رفع العقوبات الدولية عليه من جهة، ومساندته في الأزمة الاقتصادية التي واجهتها السودان قبل إسقاط عرشه من قبل الثوار من جهة ثانية.

وساعدت الرياض السودان على الخروج من العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، إذ ساهمت في إقناع الجانب الأمريكي كما تقول تقارير برفع العقوبات الاقتصادية طويلة الأمد على الخرطوم في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2017، إضافة لوعدها الخرطوم بدفع 2.2 مليار دولار مقابل مشاركتها في الحرب.

إسقاط البشير

لوح مسؤولون في حكومة البشير سابقًا بسحب القوات السودانية، المشاركة في العدوان على اليمن، بالإضافة الى برلمانيين وناشطين وإعلاميين طالبوا بسحب الجنود السودانيين من الأراضي اليمنية. وكان انضمام  البشير للتحالف في إطار تحول رئيسي في السياسة الخارجية شهد تخلي الخرطوم عن علاقاتها المستمرة منذ عقود مع إيران، ولعدم إيفاء الرياض وأبوظبي بالتزاماتهما في المساندة على حل الأزمة الاقتصادية، بحث البشير عن حلول وجهات أخرى، قبل أن ينتهي به المطاف معتقلًا، بعد انقلاب من داخل المؤسسة العسكرية، وتبدأ مرحلة جديدة، تحت رعاية المجلس العسكري السوداني، متساوقة أكثر مع رغبات الرياض وأبوظبي.

لماذا يبقي المجلس العسكري على قوات الدعم السريع في اليمن؟

يطمع المجلس العسكري المقرب إلى السعودية، بالمساعدات المالية الخليجية لمواجهة الأزمة التي تمر بها البلاد والتي أسقطت البشير من منصبه، من خلال الإبقاء على القوات السودانية في اليمن، على الرغم من مطالب المحتجين بعودة قوات الدعم السريع إلى بلادهم.

وتعد القوات السودانية أكبر القوات المشاركة في التحالف العسكري الذي تقوده الرياض، بحسب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، الفريق أول محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي"، حيث بلغت ثلاثين ألف جندي، ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز فإن 40% منهم قاصرون يحاربون على الحدود السعودية مع اليمن، ما يكشف عن حجم ضحايا الحرب من الجنود السودانيين، الذين يتعمد إعلام الرياض وأبوظبي التغطية على عدد القتلى الحقيقي منهم، خلال المواجهات مع الحوثيين.

ودافع حميدتي عن قرار المجلس العسكري ببقاء القوات السودانية، بأن "الأموال المدفوعة من الإمارات والسعودية دخلت البنك المركزي، ولم تدخل في جيب حميدتي أو غيره"، في إشارة إلى دعم من البلدين أعلنت عنه في وقت سابق، ويبلغ 3 مليارات دولار بينها وديعة في البنك المركزي السوداني بـ500 مليون دولار.

وكان المجلس العسكري، قد جدد تأكيده في بيان سابق نشرته وكالة الأنباء "سونا" أن القوات السودانية "ستستمر في مهامها للدفاع عن أرض الحرمين ومواجهة الاعتداءات الإيرانية في اليمن"، عقب زيارة لـ" حميداتي" إلى الرياض، التقى خلالها بولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وعقب الإطاحة بالبشير أكد حميدتي أن القوات السودانية المشاركة بالحرب "ستبقى حتى يحقق التحالف أهدافه". ونقلت وكالة "سونا" عن حميدتي قوله "إننا متمسكون بالتزاماتنا تجاه التحالف، وستبقى قواتنا حتى يحقق التحالف أهدافه".

لكن المعتصمين في ساحات الاحتجاج طالبوا بضرورة إعادة القوات من اليمن، والنأي عن التدخل في (شؤون) الدول الأخرى، بسبب جرائم التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ آذار/مارس 2015 في اليمن، وقتل المدنيين.

ومنتصف نيسان/أبريل الماضي، طرحت قوات التدخل السريع السودانية، استفتاء بشأن سحب وحداتها من اليمن، عبر صفحتها الرسمية على تويتر. وتشير تقارير إلى أن الرئيس الجديد للمجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان تولى عملية تنسيق إرسال الجنود السودانيين، وأشرف على القوات التي حاربت في صفوف التحالف السعودي الإماراتي، وهو على صلات وثيقة بكبار القادة العسكريين في الخليج بحكم مسؤوليته عن تنسيق الدور العسكري للسودان بالحرب.

مرتزقة أفارقة

يعتبر الحوثيون قوات الدعم السريع ضمن حملتها الدعائية ضد التحالف، مرتزقة سودانية، استقدمتهم دول الخليج لمحاربتهم، بديلًا عن القوات السعودية والإماراتية، وتعلن الجماعة بين الحين والآخر سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف القوات السودانية. ولا يعرف العدد الحقيقي للقتلى السودانيين في اليمن، غير أن قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حميدتي والذي يشغل حاليًا نائب رئيس المجلس العسكري، أعلن العام الماضي مقتل 412 عسكريًا سودانيًا في اليمن بينهم ضباط، غير أن العدد أعلى من ذلك بكثير بحسب مراقبين.

وتتبع معظم القوات البرية في حرب اليمن الفريق حميدتي. وتتهمه وسائل إعلام سودانية بالتفاهم مع قيادة التحالف، لاستمرار وجود القوات السودانية في اليمن، مقابل دعم الرياض وأبوظبي لحكم المجلس العسكري الانتقالي بالسودان.

 وتتواجد قوات الدعم السريع السودانية في قاعدة العند، بمحافظة (لحج)، وفي محافظة  تعز، وفي جبهات ميدي بحجة (شمال غربي البلاد)، كما تتواجد بالحد الجنوبي للسعودية.

وطالبت جماعة الحوثيين من المتظاهرين السودانيين، بالضغط من أجل انسحاب القوات السودانية التي تقاتل بجانب قوات التحالف في اليمن بقيادة السعودية. وقالت الجماعة في بيان لدائرة الحقوق في حكومة  صنعاء نهاية الشهر الماضي، إنه "من المستهجن أن يغير الجيش السوداني نظامه وينقلب على حكامه وفي الوقت ذاته يقاتل شعبًا مستقلًا، هو اليمن ليمنعه من التغيير ويصادر حقه في تقرير المصير"، وهو خطاب لا تنفك الجماعة المدعومة من إيران، من تبنيه.

وكانت صحيفة لوموند الفرنسية قد ذكرت سابقًا أن هذه القوات تتولى مهمة حراسة القواعد الإماراتية في جنوب اليمن، كما يتخذها التحالف وقودًا لمدافعه في معركة الساحل الغربي.

اقرأ/ي أيضًا: طعن دستوري ضد البشير.. حرب اليمن مرفوضة شعبيًا في السودان

 ووفقا لنيويورك تايمز، فإن 40 بالمئة من الجنود أطفال يدربون في مناطق على الحدود مع السعودية وقد تم تقسيمهم إلى وحدات تتراوح بين 500 و750 مقاتلًا يتسلمون رواتب تعادل 480 دولارا شهريا للمبتدئ البالغ من العمر 14 عامًا، وخمسمائة وثلاثين دولارًا لضابط الجنجويد المتمرس، ويتلقى المقاتل بعد ستة أشهر من العمل عشرة آلاف دولار.

طالب 22 حزبًا سودانيا بعودة القوات من اليمن، وأكد نائب رئيس تحالف الجبهة الوطنية للتغيير في السودان، محمد علي الجزولي أن أولى مطالب الثورة السودانية تتمثل بعودة جيش البلاد من تحالف السعودية والإمارات

وطالب 22 حزبًا سودانيا بعودة القوات من اليمن، وأكد نائب رئيس تحالف الجبهة الوطنية للتغيير في السودان (يضم 22 حزبًا)، محمد علي الجزولي أن أولى مطالب الثورة السودانية تتمثل بعودة جيش البلاد من تحالف السعودية والإمارات الذي يقود حربًا في اليمن. وقال الجزولي إنه "في بداية حرب التحالف السعودي الإماراتي على اليمن وقفنا إلى جانب مشاركة جيش السودان؛ لأن هدفها كان وقف المد الإيراني، لكن على الأرض اتضح أنها لخلط الأوراق السياسية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

ما هي الصفقة وراء رفع العقوبات الأمريكية عن السودان؟

"حب من طرف واحد".. لماذا لا يزور ملوك السعودية السودان؟