26-مايو-2022
المناخ

مؤخرًا؛ أطلق قادة دول العالم الإنذار عدة مرات فيما يتعلق بقضايا المناخ. وصارت التغيرات المناخية تأتي في المرتبة الأولى، في دول العالم الأول، نظرًا لارتباطها الوثيق بحياة الإنسان. 

ولاحظ الخبراء في السنوات الأخيرة تطرفًا مناخيًا غير مسبوق، حيث اشتدت درجة الحرارة، واندلعت النيران في عدة مناطق في العالم، نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، مثل الهند. 

خبير في الطقس: لم يشهد السودان تطرفًا في الشتاء منذ 1992 وانخفاض ملحوظ في درجة الحرارة إبان 2013 -2014

وصارت الثلوج تضرب مناطق أخرى، فيما لعبت السيول والفيضانات دورًا في إعادة التوزيع السكاني في عدة مناطق، وعانى السودان، على وجه الخصوص من أزمة الفيضان لعدة سنوات متوالية. 

تطرف مناخي

ظل التغير المناخي في طي النسيان لسنوات في السودان، وانشغل المواطنين بقضايا السياسة، خاصة في ظل المتغيرات السياسية والاقتصادية التي تعيشها البلاد. 

مؤخرًا، عاد الحديث عن أخبار الطقس والمناخ، في الأحاديث اليومية للمواطن السوداني.

تيليغرام

للتعليق حول هذه القضية، يقول خبير الأرصاد الجوية عوض إبراهيم، إن انتشار وسائط التواصل الاجتماعي، ساهم في نشر المعرفة بأخبار الطقس، والتقصي عن الأمور الأساسية مثل موجات الغبار، والأمطار، وارتفاع درجة الحرارة وانخفاضها. في حين -الحديث لعوض إبراهيم- كانت فئة المزارعين والرعاة هم الأكثر اهتمامًا بقضايا التغير المناخي، لارتباطها بحياتهم اليومية بشكل وثيق.

وتؤثر درجة المناخ على مزاج الأفراد والحالة النفسية، كما يشير عوض بالقول، لم يشهد السودان تطرفًا في الشتاء منذ 1992 وانخفاض ملحوظ في درجة الحرارة إبان 2013 -2014 في حين كان أشد تطرف مطري بالبلاد عام 1988.

وفيما يتعلق بموجة الحر التي تشهدها البلاد حاليًا، يقر عوض إنها الأشد حرارة منذ 134 عام، ويكمل: "تمر البلاد بموجة حر، منذ شهر رمضان الكريم"، وعزا أسبابها لتعامد الشمس في نيسان/ أبريل وتبدأ موجات الحرارة في مناطق القضارف وجنوب سنار خلال آذار/مارس ونيسان/أبريل، فيما تتعامد الشمس مع مدار السرطان في ولايتي الشمالية والبحر الأحمر.

وتعود أسباب موجة الحر الحالية، لوجود مرتفع كبير في الجزيرة العربية، يدفع بالرياح الحارة نحو السودان، وتسمى الرياح الشرقية. كما قال عوض إبراهيم.

المناخ والناس

بصورة عامة يتأثر المزارعين والرعاة في الأرياف بالتغيرات المناخية، المرتبطة بصفة وثيقة بالإنتاج الزراعي والحيواني. وامتد التأثير ليشمل سكان المدن، والمناطق الحضرية.

وفي هذا الصدد يقول الخبير البيئي عادل محمد علي، إن المزارعين والرعاة، بالرغم من اهتمامهم بأحوال الطقس، إلا أن القضية تكمن في ماذا يفعلون للتكيف مع المناخ؟ ويواصل قوله: "واجه سكان المدن، خلال السنوات الماضية، مشاكل الفيضانات والسيول، ومدى ارتباطها بالمناخ". 

وفيما يتعلق بفئة متخذي القرار قال: "في كثير من الأحيان، لا يريدون معرفة ما يجري في قضية المناخ، مع الحديث المستمر عن احتمالية فجوة غذائية في محصول القمح، بعد الحرب الأوكرانية الروسية". على حد تعبيره.

واستطرد قائلًا: "إن السودان بدأ الاهتمام بقضايا المناخ منذ 1998 بصورة مهنية، إلا أن السياسات العامة للدولة، لا تستصحب قضية تغير المناخ، في وضع الخطط الاستراتيجية". 

ووجه عادل محمد، رسالة لمتخذي القرار بالاهتمام بقضية التغير المناخي، والايفاء بالالتزامات المتعلقة بالمناخ، ودعا المواطنين لمواكبة التطور في المحاصيل، لوجود أصناف تتحمل الجفاف وقلة الأمطار. ودعا وسائل الإعلام لفرد مساحات واسعة، تناقش قضية المناخ وأثره على حياة الناس.

قضية عالمية

لم تعد قضية المناخ ترفًا، إنما أزمة عالمية، يتباحث حولها قادة العالم، خاصة بعد ملاحظة التطرف المناخي، في السنوات الأخيرة. وصار المناخ، جزء من البرامج الانتخابية للأحزاب في دول العالم الأول، و قضية محورية عند عدد من الأحزاب السياسية، ومرتكز رئيسي في الأفكار والمعتقدات الليبرالية الحديثة.

وفي هذا الاتجاه، قال الخبير في البيئة إسماعيل الجزولي لـ"الترا سودان" لابد من التفرقة بين كلمة تغير والتي تعني تراكم سنوات، حيث نلاحظ إنه خلال (30-50) عامًا تغير متوسط الحرارة في العالم بنسبة (1,1)، أما كلمة التغيير فتحدث عقب الليل والنهار، ومن فصل لآخر، ومن يوم ليوم.

وأبدى الجزولى أسفه لعدم الاهتمام بقضية المناخ، وقطع الأشجار والغابات المسؤولة عن امتصاص غازات الكربون، وثاني أكسيد الكربون، وقال محذرًا: "يمكن للخرطوم أن تتحول لفرن، إذا استمر الحال كما هو عليه".

وجه عادل محمد، رسالة لمتخذي القرار بالاهتمام بقضية التغير المناخي، والايفاء بالالتزامات المتعلقة بالمناخ

ويشير الجزولي، إلى أن قضية المناخ صارت عالمية، يتباحث حولها قادة ورؤساء العالم، لارتباطها بالصحة، والمياه، والمستوطنات البشرية. وضرب مثالًا على تجربة المنطقة الشمالية الكبرى في السودان، حيث كان محصول القمح في حاجة لـ(100) يوم للنمو، ونظرًا للتغير المناخي، تقلصت عدد الأيام لـ(91) يومًا. فيما كان الخريف يُقسّم في الماضي لـ(13) قسمًا، والآن أصبحت المراحل متداخلة. 

ويضيف الجزولي: "إن النزوح نحو المدن، ذات الخدمات المحدودة، يلعب المناخ أحد العوامل المؤثرة فيها، وبالتالي زيادة نسب الجريمة، والضغط على خدمات الماء والكهرباء".