25-ديسمبر-2022
""

تشير الإرهاصات المحيطة بالاتفاق الإطاري إلى أن الجيش لن يكون خاضعًا للسلطة المدنية

في الاتفاق الإطاري الذي نشرته "الحرية والتغيير- المجلس المركزي" نهاية الأسبوع الماضي، لم يكشف عن موقع قائد الجيش في هياكل السلطة ورغم أن هذا الإجراء "ظاهريًا" قد يأتي تنفيذًا لمبدأ خروج القوات المسلحة من العملية السياسية كما أعلنت منذ الرابع من تموز/يوليو الماضي لكن ربما يكون قائد الجيش غير خاضع للسلطة المدنية.

تشير الإرهاصات المحيطة بالاتفاق الإطاري إلى أن الجيش لن يكون خاضعًا للسلطة المدنية في الاتفاق النهائي 

لتوضيح هذه الجزئية التي أثارت الجدل بين المدنيين والعسكريين، نذهب إلى تصريح عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير والمفاوض مع العسكريين طه عثمان، والذي قال للصحفيين الثلاثاء الماضي إن "العملية السياسية تستهدف تحقيق المدنية الكاملة".

غير أن هذا التصريح الذي أدلى به طه عثمان المفاوض الأبرز مع العسكريين لم يكن بهذا المعنى المباشر ضمن بنود الاتفاق الإطاري المنشور، إذا ما لاحظنا في النسخة المنشورة بواسطة "قوى الحرية والتغيير" ذكرت أن رأس الدولة هو القائد العام لقوات الدعم السريع ورمز السيادة، بينما قال البند المتعلق بمهام رأس الدولة إن "قوى الثورة ستختار بالتشاور مستوى سيادي مدني محدود بمهام تشريفية يمثل رأس الدولة ورمز السيادة والقائد الأعلى للأجهزة النظامية".

وفي مصطلح "الأجهزة النظامية" يمكن أن يكون "تحايلًا أو مخرجًا" فيما يتعلق  بالقائد العام للجيش لأن المصطلح قد يكون "فضفاضًا".

حتى في الهياكل المقترحة في الاتفاق الإطاري لن يكون قائد الجيش ضمن مقاعد الهيئات الانتقالية التي تضم العسكريين والمدنيين، ومن بين هذه الهياكل "مجلس الأمن والدفاع"، والذي يضم في عضويته وزيري الدفاع والداخلية وممثلي الحركات المسلحة وقوات الدعم السريع، ما يعني ضمنيًا أن قائد الجيش لن يكون في هذا المجلس الذي يترأسه المدنيون.

في ذات الوقت سيكون مجلس السيادة المدني هو القائد العام لقوات الدعم السريع، ولم ينص الاتفاق الإطاري على أن  "السيادي" سيكون قائدًا عامًا للجيش، بل وضع مصطلح "الأجهزة النظامية" بدلًا عن مصطلح "القوات المسلحة" أو الجيش، وربما قد تكون المصطلحات اختيرت بعناية شديدة لترك الباب مواربًا أمام التفسيرات القانونية والدستورية.

في الاتفاق الإطاري أيضًا لم يتم توضيح موقع قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، فإذا كانت الشراكة التي أبرمها المدنيون والعسكريون في آب/أغسطس 2019، أتاحت وجود المدنيين والعسكريين في مجلس السيادة، إلا أن الاتفاق الإطاري أبعد قائد الجيش وقائد قوات الدعم السريع عن أية مواقع سيادية أو دستورية.

سيكون في هذا الاتفاق قائد الجيش مسؤولًا عن القوات المسلحة التي تشمل "الجيش والدعم السريع وقوات الشرطة وجهاز المخابرات" من الناحية الفنية والأمنية والعسكرية، بينما يشرف رئيس الوزراء المدني على قوات الشرطة وجهاز المخابرات لغرض الأمن الداخلي.

كما إن "الإطاري" لم يوضح طبيعة العلاقة بين رئيس الوزراء والقوات المسلحة من ناحية الصلاحيات، وربما هي تفاصيل تركت إلى الاتفاق النهائي نهاية كانون الثاني/يناير القادم حسب التوقعات.

في نهاية المطاف سيكون الجيش والدعم السريع بمثابة قوات عسكرية تتبع فنيًا وعسكريًا إلى القائد العام للقوات المسلحة

في نهاية المطاف سيكون الجيش والدعم السريع بمثابة قوات عسكرية تتبع فنيًا وعسكريًا إلى القائد العام للقوات المسلحة، ومن الواضح أن الاتفاق النهائي الذي قد يوقعه العسكريون مع القوى المدنية ستقود إلى "استقلالية" القوات المسلحة عن السلطة الانتقالية المدنية، وأن تقتصر العلاقة على التنسيق في الأمور الأمنية والدفاع والحرب والحماية، أي أن مجلس السيادة المدني الذي يمثل رأس الدولة ورمز السيادة لا يمكنه إصدار قرارات بالشؤون الخاصة بالجيش أو قوات الدعم السريع والمخابرات والشرطة.