إغلاق الجامعات بالخارج.. هل يعيد الطلاب إلى السودان أم يفاقم الأزمة؟
13 مارس 2025
يحصد قرار وزارة التعليم العالي في السودان بإغلاق المراكز الجامعية خارج البلاد انتقادات من مجالس الجامعات، سيما الخاصة، إلى جانب أولياء أمور الطلاب.
في الشهر الماضي، أصدر وزير التعليم العالي، محمد حسن دهب، قرارًا يقضي بإغلاق مراكز الجامعات بالخارج والعودة إلى السودان، وبرر ذلك بتوسع القوات المسلحة في المدن والولايات، ورغبة الوزارة في إعمار الجامعات.
القرار، الذي صدر بشكل أقرب إلى الوعيد وفق إفادات أساتذة بالجامعات، قوبل برد من ملاك الجامعات الخاصة التي نقلت مقارها إلى الخارج عقب اندلاع الحرب وفقدان البنية التحتية، خاصة في العاصمة الخرطوم.
تشير إحصائيات غير رسمية إلى أن عدد الطلاب السودانيين في مصر يقترب من 75 ألف طالب يدرسون على النفقة الخاصة في الجامعات المصرية وبعض المراكز السودانية القليلة.
كما تفرق الطلاب السودانيون إلى دول مثل تركيا وقبرص وشرق أفريقيا وآسيا لمواصلة دراستهم الجامعية، لتفادي تراكم الدفعات خلال الحرب التي تُكمل عامها الثالث في منتصف نيسان/أبريل 2025.
أستاذ جامعي لـ"الترا سودان":قرار وزارة التعليم العالي ذو أبعاد سياسية
يشدد أحمد شرف الدين، الأستاذ الجامعي، في حديث لـ"الترا سودان"، على أن قرار وزارة التعليم العالي ذو أبعاد سياسية، إذ تحاول الحكومة تصوير الوضع في السودان وكأنه في طريقه نحو الاستقرار، رغم أن الحرب لا تزال مستمرة في العاصمة الخرطوم، التي تحتضن 80% من الجامعات الخاصة والحكومية.
ويرى شرف الدين أن القرار صدر دون دراسة أو تقييم للوضع، ولن ينجح في إعادة الجامعات إلى البلاد دون تقديم ضمانات حقيقية حول استقرار الوضع بالكامل، لأن النشاط الجامعي مرتبط باستقرار المجتمع نفسه.
يقول أحمد حسين، وهو طالب يدرس في إحدى دول شرق أفريقيا، لـ"الترا سودان"، إنه اضطر إلى مغادرة البلاد العام الماضي، حيث وصل إلى جوبا، واستخرج جواز سفر سوداني بقيمة 250 دولارًا أميركيًا، ثم غادر إلى تنزانيا لمواصلة دراسته الجامعية، متحملًا مصروفات لا تقل عن ثلاثة آلاف دولار، بما في ذلك رسوم الجامعة.
طالب: لا أستطيع الحصول على ضمانات إن كان الوضع في السودان سيكون ملائمًا للدراسة الجامعية
وحول العودة إلى الجامعة التي كان يدرس بها، يرد قائلًا: "لا أنوي ذلك على المدى القريب أو البعيد، لا أستطيع الحصول على ضمانات إن كان الوضع في السودان سيكون ملائمًا للدراسة الجامعية".
خسرت نحو 55 جامعة في العاصمة الخرطوم بنيتها التحتية جراء الحرب التي اندلعت في منتصف نيسان/أبريل 2023، وتشمل الخسائر القاعات والمكتبات والمعامل، حيث تعرضت للنهب.
وقدرت جامعة الجزيرة خسائرها جراء سيطرة قوات الدعم السريع على الولاية الواقعة وسط البلاد بـ 300 مليون دولار، وفقًا لوكيل الجامعة، الذي نشر تقريرًا عن الخسائر في 11 آذار/مارس 2025.
ويقول الأستاذ بجامعة الجزيرة، محمد طه الأمين، لـ"الترا سودان"، إن الجامعات الخاصة تعمدت خلال الحرب نقل مراكزها إلى الخارج لتفادي تراكم الدفعات وسط الطلاب، وتمكنت من تخريج دفعتين على الأقل، وهو نجاح يحسب لها ولوزارة التعليم العالي أيضًا.
وأضاف: "قرار وزير التعليم العالي بإغلاق المراكز الخارجية قوبل بكثير من التساؤلات، لأن أغلب الجامعات تقع في مناطق تشتعل فيها الحرب وتنعدم فيها السلع الضرورية".
ويقول محمد طه الأمين إن الجامعات لم تنجُ من أعمال النهب التي مارستها قوات الدعم السريع، حيث طال النهب مباني صندوق دعم الطلاب والداخليات، كما أن الطلاب الذين غادروا البلاد تمكنوا من توفيق أوضاعهم وهم مضطرون لمواصلة الدراسة.
أستاذ بجامعة الجزيرة: 70% من أساتذة الجامعات لجؤوا إلى خارج السودان أو نزحوا داخليًا، ولا يمكنهم العودة إلى العمل إلا بعد الحصول على الحد الأدنى
وتابع: "70% من أساتذة الجامعات لجؤوا إلى خارج السودان أو نزحوا داخليًا، ولا يمكنهم العودة إلى العمل إلا بعد الحصول على الحد الأدنى الذي يتيح لهم حياة لائقة".
ويرى محمد طه الأمين أن الحل الأمثل هو ترك حرية القرار للجامعات، مع وضع اشتراطات من وزارة التعليم العالي تضمن جودة التعليم، إلى جانب وضع برنامج للإعمار وإعادة توطين الجامعات.
كما يرى أن العمل على استقرار أساتذة الجامعات أمر بالغ الأهمية، وذلك من خلال إتاحة القروض البنكية لبناء المنازل التي تعرضت للنهب والتدمير خلال الحرب.
ويقول إن الجامعات قد تغلق مراكزها بالخارج وتعود إلى البلاد، لكنها ربما تنتظر طويلًا حتى تتهيأ الظروف المناسبة، بدلاً من أن تواصل عملها في مواقعها الحالية إلى حين تحسن الأوضاع وانحسار الحرب.
الكلمات المفتاحية

عامان من القتال: المجازر الكبرى والصغرى في حرب السودان
مع اختتام العام الثاني للحرب في السودان، ودخول العام الثالث، شهدت مناطق واسعة من ولاية شمال دارفور مجازر عنيفة ارتكبتها قوات الدعم السريع، التي تسعى لفرض سيطرتها على الإقليم المنكوب بالحروب والمجاعات، في ظل فساد الساسة والقادة.

بعد عامين من الحرب... إلى أين يتجه المشهد العسكري في السودان؟
تدخل حرب السودان عامها الثالث، وسط توقعات باشتداد وتيرة العمليات العسكرية في غرب البلاد وجنوبها، مع انخفاضها في الوسط، مما يؤكد استمرارها، لا سيما في ظل عدم وجود حل سلمي يلوح في الأفق لإيقاف القتال الذي خلف آلاف القتلى وشرد ملايين النازحين واللاجئين.

السودان… أزمة إنسانية واقتصادية على أعتاب حرب ثالثة
على أعتاب العام الثالث من حرب السودان تتنامى التحذيرات من موجات نزوح جديدة، وتفشي المجاعة في مناطق أكثر هشاشة بإقليم دارفور وكردفان، مع احتدام الصراع بين الجيش والدعم السريع خلال الشهر الماضي.

عامان من القتال: المجازر الكبرى والصغرى في حرب السودان
مع اختتام العام الثاني للحرب في السودان، ودخول العام الثالث، شهدت مناطق واسعة من ولاية شمال دارفور مجازر عنيفة ارتكبتها قوات الدعم السريع، التي تسعى لفرض سيطرتها على الإقليم المنكوب بالحروب والمجاعات، في ظل فساد الساسة والقادة.

بعد عامين من الحرب... إلى أين يتجه المشهد العسكري في السودان؟
تدخل حرب السودان عامها الثالث، وسط توقعات باشتداد وتيرة العمليات العسكرية في غرب البلاد وجنوبها، مع انخفاضها في الوسط، مما يؤكد استمرارها، لا سيما في ظل عدم وجود حل سلمي يلوح في الأفق لإيقاف القتال الذي خلف آلاف القتلى وشرد ملايين النازحين واللاجئين.

السودان… أزمة إنسانية واقتصادية على أعتاب حرب ثالثة
على أعتاب العام الثالث من حرب السودان تتنامى التحذيرات من موجات نزوح جديدة، وتفشي المجاعة في مناطق أكثر هشاشة بإقليم دارفور وكردفان، مع احتدام الصراع بين الجيش والدعم السريع خلال الشهر الماضي.

لاجئون سودانيون يبدأون رحلات شاقة لمغادرة مصر إلى بلادهم
مع عودة آلاف اللاجئين السودانيين من المدن المصرية تشهد المعابر حركة واسعة للحافلات وفق متابعة متطوعين في غرف الطوارئ بالولاية الشمالية، بينما رجح عاملون في تنسيق هذه الرحلات عودة نصف مليون لاجئ سوداني خلال هذا العام من مصر إلى بلدهم إثر سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم، وعودة الحياة بشكل متدرج.