06-مايو-2020

(راديو تمازج)

استقبل الصحفيون والصحفيات بالسودان اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يوافق 3 أيار/مايو من كل عام، في عهد ما بعد ثورة كانون الأول/ديسمبر، ما أطلقوا عليه اسم "مجازر الفصل الجماعي" عقب حملات من الفصل الجماعي التي تعرضوا لها، كما تصاعدت المطالب في أوساطهم بتهيئة البيئة في المؤسسات خاصة للصحفيات، ما يعزز أهمية وجود نقابة حرة ومستقلة تدافع عنهم/ن وتحمي الحقوق.

مخاطر في الطريق

يعتبر الصحفيات والصحفيون الديمقراطيون غياب النقابة في عهد النظام المخلوع أحد أسباب تردي أحوالهم وساهم في تعريضهم لجملة من المخاطر

ويعتبر الصحفيات والصحفيون الديمقراطيون إن غياب النقابة في عهد النظام المخلوع تسبب في تردي أحوالهم وساهم في تعريضهم لمخاطر الاعتقالات والمنع من الكتابة والاستدعاءات المتكررة من قبل جهاز الأمن، وتدخله لإبعادهم عن العمل، بالإضافة إلى ضعف الرواتب وتردي بيئة العمل، والمصادرات المتكررة للنسخ المطبوعة من الصحف الداعمة للديمقراطية وحجب الإعلانات عنها، بهدف إنهاكها اقتصاديًا وقيادتها نحو الإعسار، حيث لا توجد نقابة منتخبة تعمل على تحقيق أوضاع أفضل لممارسي المهنة داخل تلك المؤسسات، ولوضعية أفضل للصحافة كمهنة.

اقرأ/ي أيضًا: مفرح: حقبة الانتهاكات والتضييق على الأديان ارتبطت بآيديولوجيا واهمة

المواجهة مستمرة

وواجه الصحفيون والصحفيات تلك الانتهاكات وناهضوها بالوسائل الاحتجاجية السلمية، عبر شبكة الصحفيين السودانيين حتى تم إسقاط النظام. لكن شبكة الصحفيين ترى، في بيان أصدرته بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الأحد الماضي، إن الإعلام الذي كان يعمل في عهد النظام المخلوع لا يزال موجودًا، وشددت الشبكة على ضرورة تحرير المؤسسات الإعلامية من قبضته، وصناعة مؤسسات صحفية مشبعة بالقيم الديمقراطية والأهداف الثورية.

وأشارت الشبكة، إلى استغلال صحافة النظام المخلوع لأجواء الحريات التي "مهرها بنات وأبناء شعبنا بالدماء الزكيّة" بحسب البيان، لإطلاق حملات تضر بالوطن والثورة وتهدف لعودة النظام البائد للحكم، وشددت الشبكة على عدم إمكانية حدوث ذلك.

تحديات ماثلة

ومن أبرز التحديات التي تواجه الصحفيات والصحفيين والعاملين في مهن الإنتاج الصحفي عمومًا من مصممين ومدققين لغويين ومصوِّرين" وغيرهم، هي الأمان الوظيفي، حيث يعانون من الفصل الجماعي أو الفردي الذي يتهددهم، خاصة عند بروز المطالب بالحقوق وتحسين بيئة العمل، وهو الأمر الذي استنكره بيان شبكة الصحفيين السودانيين، الذي طالب المؤسسات الصحفية والإعلامية بصون حقوق الصحفيات والصحفيين وكافة العاملين، مثل تهيئة بيئة العمل والمقابل المالي الكافي، وانتقد البيان عدم التزام غالبية المؤسسات الصحفية بالتأمين الصحي، والتحايل على القوانين المنظمة للعمل لهضم حقوق الصحفيين، وتأسفت الشبكة على ما أسمته "مجازر الفصل التعسفي" عقب الثورة والتي طالت أعدادًا كبيرة من الصحفيات والصحفيين والمصممين والمدققين اللغويين ومعدي البرامج في صحيفتي "الجريدة" و"الصيحة" و"قناة النيل الأزرق الفضائية"، وغيرها من الانتهاكات.

أوضاع وبيئة عمل سيئة

وفي السياق رأت القيادية والعضو المؤسس لكيان الصحفيات السودانيات لبنى عبد الله، إن أوضاع الصحفيات عقب الثورة والتغيير أسوأ مما كانت عليه في السابق، وحذرت من إمكانية التخلص من أعداد منهن في ظل الحظر بسبب وباء "كورونا" باعتبار أن الصحفيات هن الأكثر عرضة للفصل.

وأفادت لبنى في حديثها لـ"الترا سودان" بأنه وفقًا لدراسة أعدها الكيان العام 2016، فإن عدد الصحفيات العاملات بالصحف والمواقع الإلكترونية ممن هن دون عمل يتراوح ما بين (289- 300) صحفية، ونوهت إلى أن تحديث الدراسة توقف حاليًا بسبب الحظر نتيجة جائحة "كورونا"، ووصفت أوضاعهن داخل الصحف بالسيئة وإنها تحتاج لمراجعة، خاصة فيما يتعلق بالمرتبات وبيئة العمل.

اقرأ/ي أيضًا: مسؤول حكومي يدخل الحجر المنزلي عقب مخالطته مريض بكوفيد 19

ورأت لبنى إن ذلك يكشف استغلال ملاك الصحف للصحفيات، ونبهت إلى تعرض صحفيات لانتهكات كالتحرش في بعض الصحف، بجانب عدم توفر منافع واستراحات خاصة بهن في كثير من المؤسسات، وعدم توفير ترحيل لهن وعدم تخصيص نثريات لإجراء الاتصالات اللازمة للأعمال الصحفية، حيث يقمن بذلك من مرتباتهن الضعيفة أصلًا، بالإضافة إلى معاناتهن في الترقي الوظيفي بسبب ما وصفته بالهيمنة "الذكورية" على المناصب القيادية، وحرمانهن من التدريب، ونبهت إلى وجود أكثر من (50) صحفية في مدخل الخدمة لم يتلقين تدريبًا مع تكليفهن بمهام كبيرة في العمل، بجانب صحفيات عملن لسنوات دون أن يتلقين تدريبًا، بينهن صحفية امتدت أعوام عملهن  نحو (20) عامًا لم يتلقين خلالها أيّ تدريبٍ على الإطلاق.

ونوهت لبنى، -وهي صحفية معروفة بالدفاع عن الحقوق- إلى استغلال الكثير من الصحفيات في العمل بصيغة متعاونات لسنوات، دون التعاقد معهن، بالرغم من عملهن في الوقت ذاته بدوامٍ كاملٍ، لحرمانهم من حقوقهن المادية عقب التخلص منهن بإيقافهن عن العمل -حقوق الفصل التعسفي والتأمين الاجتماعي-، وذكرت لبنى: "عقب فراغنا من تحديث الدراسة سنكشف عن الانتهاكات بالأرقام"، وطالبت بتشكيل لجنة مشتركة من الكيان والجهات المسؤولة للوقوف على أوضاع الصحفيات داخل الصحف.

ضرورة تكوين النقابة

وقطعت شبكة الصحفيين السودانيين بأن أوضاع الصحفيات والصحفيين الذين قالت إنهم يعيشون أوضاعًا وظيفية مزرية، تحتم وجود نقابة حرة ومستقلة تحمي وتدافع عن الحقوق، وأكدت ضرورة وحدة الوسط الصحفي.

وتمسكت لبنى عبد الله، بأهمية الوصول لنقابة قوية تمثل فيها الصحفيات بعدالة لرد الظلم الذي تعرضن له وما زلن، وسن قوانين لحمايتهن وزملائهن الصحفيين من الاستغلال.

تحسن أوضاع الحريات

وعقب سقوط النظام واستلام حكومة الفترة الانتقالية مقاليد الحكم بالبلاد، تحولت الأوضاع إلى الأفضل، حيث تقدم السودان (16) مرتبة في مجال الحريات الصحفية طبقًا لتقرير منظمة مراسلون بلا حدود، حيث حل هذا العام في المرتبة (159) متقدمًا من المرتبة (175) التي كان يحتلها العام الماضي، وتعهد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة بالعمل على تقدم السودان أكثر في مؤشرات حرية الصحافة والتعبير، وقال "التقدم الحالي يمثل نجاحًا، ولكنه ليس مبلغ طموحنا".

اقرأ/ي أيضًا: مدير السلع بالمالية: توصيات للحكومة بإجراء إصلاحات في قطاع التعدين

ووعدت وزارة الثقافة والإعلام بتطبيق شعار الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة هذا العام "ممارسة الصحافة بلا خوف أو محاباة"، على أرض الواقع بالتعاون مع الصحفيين والصحفيات عبر سلسلة من الإجراءات والتشريعات المنظمة التي تؤمن سلامة الصحفيين والصحفيات أثناء أدائهم لمهنتهم، وكذلك تلك التي تدعم استقلالية ومهنية العمل الصحفي بما يحد من التأثيرات السياسية والتجارية وبما يضمن المساواة التامة بين الجنسين في جميع جوانب العمل المتصل بوسائل الإعلام.

رغم التحسن في مجال الحريات بعد الثورة، تظل معاناة الصحفيات والصحفيين داخل المؤسسات مستمرة، وتبقى الآمال معلقة على تشكيل النقابة وسن التشريعات لوقف الانتهاكات

ورغم التحسن في مجال الحريات تبقى معاناة الصحفيات والصحفيين داخل المؤسسات مستمرة، وتظل الآمال معلقة على تشكيل النقابة وسن التشريعات التي تجبر المؤسسات على وقف الانتهاكات وإنهاء حالة هضم الحقوق وتوفير المقابل المادي الذي يوازي الجهد والعرق في مهنة لا تعرف بمهنة المتاعب فحسب، وإنما لمهنيين وممارسين عانوا لسنوات وتعرضوا لمخاطر جعلتهم يلامسون حدود الموت.

اقرأ/ي أيضًا

تجمع كوادر التمريض يطالب بمحاسبة مستشفى آسيا ويهدد بالإضراب الشامل

حريق وانفجارات بمخازن أسلحة وذخائر تتبع للجيش السوداني بمدينة الضعين