أم روابة تستعيد الحياة.. بداية جديدة بعد معاناة طويلة
15 فبراير 2025
بعد أكثر من شهرين من الانقطاع، استعادت مدينة أم روابة التيار الكهربائي، بعد اكتمال عمليات الصيانة في محطة كهرباء أم روابة ودخول محطة أم دباكر الخدمة. يأتي ذلك بعد استعادة الجيش السوداني السيطرة على المدينة في 30 كانون الثاني/يناير الماضي، عقب 18 شهرًا من سيطرة الدعم السريع عليها.
مع عودة التيار الكهربائي، شهدت المدينة احتفالات كبيرة من السكان، حيث عبّر مصعب، وهو أحد مواطني أم روابة، عن فرحته قائلًا: "الآن بعد أن عادت الكهرباء، سنرتاح من أزمة المياه، وسنرى النور، بعد أيام عجاف وشهور صعبة جدًا. لقد صبرنا طويلًا، والآن لا تسعنا الفرحة"، على حد تعبيره.
مع عودة الكهرباء، ستعود الآبار للعمل، حيث تعتمد أم روابة على الطاقة الكهربائية في تشغيل مضخات المياه
الجدير بالذكر أنه مع عودة الكهرباء، ستعود الآبار للعمل، حيث تعتمد أم روابة على الطاقة الكهربائية في تشغيل مضخات المياه، لكن الأعطال الفنية وتأخر الصيانة في بعض الآبار قد يعيق استئناف الإمداد المائي بشكل كامل.
من جانبه، أوضح مصدر في قطاع الكهرباء لـ"الترا سودان" أن عملية إعادة التيار الكهربائي لم تكتمل بعد، مضيفًا: "الوضع متوسط، لكن العمل لم ينتهِ بالكامل في المحولات الداخلية بالمدينة، وستتم إنارة المدينة بشكل جزئي في الوقت الحالي".
وذكر أن بعض المحولات الداخلية ما زالت تواجه مشكلات فنية، حيث قال: "هناك 25 محولًا بلا زيت، بعضها تم تفريغه، والبعض الآخر تعرض للتلف بسبب الطلقات النارية".
وأضاف أن عودة الكهرباء تأخرت يعن الموعد المخطط لها، موضحًا: "كان من المفترض أن يعود التيار الكهربائي منذ أيام، ولكن نظرًا لانقطاع الاتصالات خلال ساعات النهار لأسباب أمنية، لم نتمكن من التواصل مع مركز التحكم في النيل الأبيض، مما أدى إلى تأخير إعادة التيار بالكامل". وستستمر الجهود لاستكمال أعمال الصيانة وإصلاح الأعطال، لضمان استقرار التيار الكهربائي واستعادته بشكل كامل في المدينة.
وفي السياق، وصل عضو مجلس السيادة ونائب القائد العام، الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، إلى مدينة أم روابة يوم الأربعاء 12 شباط/فبراير، حيث استقبله والي شمال كردفان عبدالخالق عبداللطيف، وعدد من المسؤولين والقادة العسكريين.
وتفقد كباشي القوات المرابطة، مشيدًا بروحها المعنوية وجاهزيتها، ومؤكدًا أن "الطريق إلى الرهد والأبيض بات ممهّدًا، وقريبًا ستتحرر كامل الولاية". من جهته، رحّب والي شمال كردفان بالزيارة، معتبرًا إياها "دعمًا كبيرًا للقوات المسلحة وحكومة الولاية في معركة التحرير"، بحسب وكالة سونا للأنباء.
عودة الحياة
في هذا الصدد، شهدت مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان تحولات إيجابية خلال الأيام السابقة، حيث عادت خدمات الاتصالات تدريجيًا، واستأنفت القوات النظامية مهامها، في خطوة نحو استعادة الاستقرار بعد أشهر من المعاناة.
في الأول من شباط/فبراير، عادت خدمة شبكة "سوداني" للاتصالات، متيحةً للمواطنين إجراء المكالمات واستخدام الإنترنت بجودة 4G، تلاها في اليوم التالي عودة شبكة "زين" للهاتف السيار، ما أعاد جزءًا مهمًا من الحياة الطبيعية إلى المدينة.
وفي الثالث من شباط/فبراير، باشرت قوات الشرطة مهامها رسميًا، بينما تجري الترتيبات لعودة النيابة العامة والجهاز القضائي، في خطوة لتعزيز الأمن وإعادة تفعيل المؤسسات العدلية. وفي التاسع من الشهر نفسه، أعلنت شرطة أم روابة عن بدء تلقي البلاغات والشكاوى، كما تمكنت من ضبط عدد من الممتلكات المنهوبة، من سيارات وأثاثات وأجهزة كهربائية، كانت قد تركتها الدعم السريع في منازل المواطنين. ودعت الشرطة الأهالي إلى تقديم المستندات الرسمية لاستعادة ممتلكاتهم، بحسب مصادر شرطية.
شهدت المدينة يوم الخميس 13 شباط/فبراير انطلاق أول رحلة تفويج للنازحين من بورتسودان إلى أم روابة، ضمن مبادرة "كردفان الغرّة" التي أطلقها ناشطون من أبناء أم روابة للعودة الطوعية
وفي تطور آخر يعكس عودة الاستقرار، شهدت المدينة يوم الخميس 13 شباط/فبراير انطلاق أول رحلة تفويج للنازحين من بورتسودان إلى أم روابة، ضمن مبادرة "كردفان الغرّة" التي أطلقها ناشطون من أبناء أم روابة للعودة الطوعية، ما يمثل بداية لعودة الأهالي إلى مناطقهم بعد فترة طويلة من النزوح. كذلك، شهدت المدينة عددًا كبيرًا من قوافل الدعم من مختلف قرى أم روابة ومن الولايات الأخرى أيضًا، كقافلة ولاية النيل الأبيض بقيادة والي الولاية.
إلى جانب ذلك، استقبلت المدينة وفودًا رسمية عدة، على رأسها رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، بعد يوم من سيطرة الجيش على المدينة، ومدير عام ديوان الزكاة الاتحادي، ووزير الداخلية، إلى جانب والي شمال كردفان، الذي أشرف ميدانيًا على جهود إعادة تشغيل محطة الكهرباء.
ورغم هذه التطورات الإيجابية، لا تزال أم روابة تعيش على وقع بعض التهديدات الأمنية، إذ شهدت الأيام الماضية سقوط قذائف على بعض أحياء المدينة جراء تمركز "الدعم السريع" غرب المدينة، حسب شهود عيان.

وأثار القصف مخاوف السكان، خاصة مع التوترات الأمنية في المناطق المحيطة، حيث لا تزال "الدعم السريع" تنشط في بعض القرى غرب أم روابة وعلى مدينة الرهد، مما دفع العديد من الأهالي للنزوح إلى أم روابة بحثًا عن الأمان.
ووفقًا لناشطين، يتوزع النازحون الآن في أكثر من 11 مدرسة داخل أم روابة، حيث يعيشون في ظروف صعبة مع نقص حاد في الغذاء والمياه والخدمات الصحية.
في الوقت ذاته، بدأت الأسواق تستعيد نشاطها تدريجيًا، وبدأ التجار في إعادة فتح محالهم التجارية وسط أجواء من التفاؤل. ورغم هذا التحسن النسبي، لا تزال المدينة تواجه تحديات إنسانية كبيرة، أبرزها أزمة النازحين، وتحديات استعادة الخدمات الأساسية والبنية التحتية التي تضررت بفعل الحرب.
وفي ظل هذه الظروف، تواجه مستشفى أم روابة أزمة حادة بسبب نقص الكوادر الطبية والمعدات، وفقًا لمصدر طبي تحدث إلى "الترا سودان". وتعاني الخدمات الصحية من تدهور واضح، خاصة مع توقف مركز غسيل الكلى عن العمل منذ 12 أيار/مايو 2024، ما أجبر المرضى على السفر إلى مدن أخرى مثل الأبيض وكوستي لتلقي العلاج، وسط تحديات أمنية تعقد عملية التنقل.
تطورات ميدانية
وفي هذا السياق، شهدت المدينة في الأيام السابقة تصاعد العمليات العسكرية للقوات المسلحة ضد الدعم السريع غرب المدينة، حيث نفذ الطيران الحربي التابع للجيش السوداني ضربات جوية على تجمعات "الدعم السريع"، حسب مصدر أمني.
وأفاد المصدر في حديثه لـ"الترا سودان" أنه قد تم افتتاح معسكر للمقاومة الشعبية بمدينة أم روابة، بقيادة اللواء (م) الهادي عبد الله، في "خطوة تهدف إلى دعم الجهود العسكرية والمجتمعية لاستعادة الأمن في المنطقة"، بحسب وصفه.
وفي وقت سابق، يوم 6 شباط/فبراير الجاري، فرضت القوات المسلحة سيطرتها على بلدة شركيلا، الواقعة جنوب شرق أم روابة، والتي كانت تحت سيطرة الدعم السريع منذ أيلول/سبتمبر 2023.
وأضاف المصدر أن القوات المسلحة، مدعومة بمتحركي "الشهيد الصياد" و"المصري"، قد حققت انتصارات ميدانية، حيث "استعادت قرى العوامرة، أبو جراد، أبو حمرة، والدروته غربي أم روابة، بعد معارك عنيفة أسفرت عن خسائر كبيرة في صفوف المليشيا، وأسر عدد من عناصرها".
واختتم حديثه بأن هذه التطورات تأتي في إطار "معركة أوسع لتحرير ولايات كردفان، حيث تسعى القوات النظامية والمقاومة الشعبية إلى استعادة السيطرة الكاملة على المناطق التي شهدت وجودًا للمليشيات خلال الأشهر الماضية"، على حد تعبيره.
مبادرة شبابية
وفي سياق آخر، خلال الفترة الماضية، وأثناء الأزمة التي مرت بها مدينة أم روابة بولاية شمال كردفان، قامت مجموعة من الشباب والمتطوعين بتشكيل غرفة طوارئ لتنسيق جهود الاستجابة السريعة لتلبية احتياجات المواطنين العاجلة.
"الفكرة نشأت نتيجة الحاجة الملحة لاستجابة سريعة وفعالة، خاصة مع انقطاع شبكات الاتصال والكهرباء"، تقول إحدى المتطوعات في الغرفة. وأضافت في حديثها لـ"الترا سودان" أن تشكيل الغرفة بدأ بعد سيطرة الجيش على المدينة، عقب مشاركتها في تغطية إعلامية لزيارة تضمنت تقديم مساعدات إنسانية، حيث رأت المتطوعة أن الجهات الرسمية لن تكون قادرة وحدها على الاستجابة في الوقت الحالي لاحتياجات المواطنين دون مساعدة الشباب، "لذلك جاءتنا فكرة تشكيل الغرفة"، أردفت المتطوعة.
وأضافت: "تم التواصل مع مجموعة من الشباب والمتطوعين داخل وخارج أم روابة لتحديد الآلية التنظيمية لتنسيق الجهود، ورصد الاحتياجات، والتواصل مع الداعمين"، على حد وصفها.
متطوعة: نركز حاليًا على توفير الإغاثة العاجلة، مثل الغذاء، الأدوية، والمياه النظيفة
وأشارت: "نركز حاليًا على توفير الإغاثة العاجلة، مثل الغذاء، الأدوية، والمياه النظيفة"، وأوضحت أن الجهود تشمل أيضًا دعم المراكز الصحية بالإمدادات الطبية وتأمين نقاط إسعافات أولية.
وأضافت: "في المستقبل، نهدف إلى بناء شبكة دعم محلية مستدامة. إلى جانب ذلك، تتضمن خطط الغرفة تدريب المتطوعين، تجهيز نقاط إسعاف دائمة، وضمان وجود مخزون طوارئ من المواد الأساسية، كما تخطط الغرفة لإطلاق مبادرات لإعادة تأهيل مستشفى أم روابة".
وفي المحصلة، تستمر مدينة أم روابة في استعادة عافيتها بعد معركة طويلة مع الظلام والانقطاع، حيث يشهد أهلها بداية مرحلة جديدة من الأمل مع عودة التيار الكهربائي واستئناف الخدمات الأساسية، ويبقى التفاؤل حاضرًا في وجوه السكان الذين عانوا كثيرًا في الفترة السابقة. إلى جانب ذلك، تظهر المبادرات الشبابية والمجتمعية إرادة قوية في إعادة بناء المدينة وتحقيق الاستقرار.
الكلمات المفتاحية

منذ عامين.. لأول مرة العيد في الخرطوم دون انتشار لعناصر الدعم السريع
منذ عامين بالضبط تشهد ولاية الخرطوم بمدنها الثلاث ومختلف محلياتها، لأول مرة احتفالات عيد الفطر المبارك دون المشهد المتوتر لانتشار قوات الدعم السريع، خاصة في مدينتي الخرطوم وبحري.

الخرطوم.. المدينة المُستردة في حرب السودان بلا معارك عسكرية
ربما تكون الخرطوم المدينة الأكثر حظًا كونها أُستردت لصالح الجيش بمعزل عن دوي المدافع والرصاص، عقب انهيار قوات الدعم السريع والانسحاب كمجموعات صغيرة جنوبًا نحو خزان جبل أولياء، ومغادرة حدود ولاية الخرطوم بما تيسر من عتاد ووقود وسلاح ومقتنيات.

عودة أسواق "أم دورور" في ولاية الجزيرة تُعجل بحل الأزمة الإنسانية
عادت الأسواق الشعبية الأسبوعية بولاية الجزيرة، وبدأ المواطنون يمارسون تجارة الحبوب الزراعية والخضروات والسلع الاستهلاكية، بعدما غابت هذه الأسواق قسريًا بسبب عمليات نهب قوات الدعم السريع طوال العام الماضي.

غرفة طوارئ أبو شوك لـ"الترا سودان": وفاة 53 مواطنًا بالتدوين والجوع
كشفت غرفة طوارئ معسكر أبو شوك للنازحين بولاية شمال دارفور، عن وفاة (53) مواطنًا من جرّاءِ القصف المدفعي والجوع خلال الثلاثة أشهر الماضية.

محكمة العدل الدولية تعلن موعدًا لجلسات دعوى السودان ضد الإمارات
أعلنت محكمة العدل الدولية في بيان بتاريخ اليوم 28 آذار/مارس 2025، عن الشروع في إجراءات التقاضي في الدعوى المقدمة من حكومة السودان ضد دولة الإمارات.

معركة الخرطوم.. انهيار أم إعادة تموضع؟
في تحول استراتيجي حاسم، بعد قرابة العامين من حرب منتصف أبريل /نيسان 2023، أعلن رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان

مقاومة الفتيحاب: انتهاكات واسعة للدعم السريع جنوب أمدرمان
أفادت تنسيقية لجان مقاومة الفتيحاب، مساء أمس الخميس، الموافق 27 آذار/مارس 2024، بأن قوات الدعم السريع التي فرت من مدينة الخرطوم تمارس انتهاكات واسعة في الريف الجنوبي وقرى الجموعية بأمدرمان