مجتمع

أم درمان تستقبل رمضان بين الخوف والأمل

1 مارس 2025
مسجد في أم درمان.jpg
مسجد في أم درمان (أرشيفية)
منصور الصويم
منصور الصويم

استقبل سكان محلية كرري بأم درمان مقدم شهر رمضان بنشاط وحيوية واضحين، وهم يجولون في الأسواق المحلية حتى ساعات متأخرة من ليل الأمس الجمعة 28 شباط/فبراير 2025.

مواطن: بعض السلع الرمضانية زادت أسعارها مع دخول الشهر الفضيل والبعض الآخر انخفض بشكل ملحوظ

تجربة الصيام خلال الحرب المشتعلة في السودان منذ نحو عامين ليست جديدة، فهذا هو موسم الصيام الثالث الذي يأتي والسودانيون لا يزالون يقاسون ويلات المعارك وتدهور الأوضاع المعيشية والصحية.

وبينما يعتمد المواطنون بشكل رئيسي على المطابخ الجماعية في توفير الطعام، تواجه هذه المطابخ بدورها مشاكل كبيرة تهدد بإغلاقها بسبب تقليص التمويل.  

وفي حارات حي الثورة بمحلية كرري بدت الحياة وكأنها تستعيد شيئًا من ماضيها ما قبل الحرب، إذ شهدت بقالات المواد التموينية وجزارات اللحوم ومساحن البهارات على طول شارعي النص والشنقيطي ازدحامًا كبيرًا ليل أمس الجمعة.

إبراهيم الطاهر، صاحب "مسحنة للبهارات" ومحل لبيع البقوليات والكركردي والتبلدي، المشروبان المفضلان في رمضان، قال لـ"الترا سودان" إنه أحس في ليل الأمس بأن الحياة عادت فعلًا إلى طبيعتها بعد فترات ركود طويلة بسبب الحرب وحالة الحذر التي عمت المنطقة طيلة عامين.

وأضاف الطاهر: "في يوم الأمس والأيام التي سبقته، استطعنا أن نبيع كل بضاعتنا، بل اضطررنا، لجلب بضاعة جديدة حتى نكفي كل زبائنا".

ويتابع تاجر البقوليات: "كان الإقبال كبيرًا على طحن "الويكة" الوجبة الرئيسية المصاحبة للعصيدة في إفطار رمضان، وأيضًا فرم الكبكبي لإعداد الطعمية - الفلافل، إضافة إلى حركة شراء نشطة للكركدي والقونقليز- التبلدي، إضافة إلى الفول المسحون – الدكوة، إلى جانب فرم اللحوم الصافية، وبالطبع التركيز الأكبر كان على البهارات بداية من الشطة وليس انتهاء بالفلفل والشمار وغيرها".

بعد التقدم الكبير الذي حققه الجيش خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة في مناطق متفرقة من ولاية الخرطوم، بدأت أعداد كبيرة من المواطنين بالعودة إلى منازلها، لاسيما في مدينة بحري وأحياء محلية كرري ومناطق أخرى في أم درمان، كما شهدت الأسواق نشاطًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، إذ توفرت البضائع وبدأت المحلات الصغيرة داخل الأحياء السكنية تشهد بعض الحيوية والحركة.

ويقول أحمد عثمان، أحد سكان كرري بأم درمان لـ"الترا سودان": نعم هناك مخاطر، فقوات الدعم السريع لا تزال تقصف المنطقة بشكل متعمد وتستهدف في مرات كثيرة تجمعات المواطنين مثل الأسواق، وآخرها قصف سوق صابرين في الثورة ما أدى مقتل عدد كبير من الأبرياء".

ويضيف عثمان: "لكن رغم المخاوف الأمنية والمخاطر، الناس باتت مصرة على استعادة حياتها، وتأمل أن تتوقف كل مظاهر الحرب أخيرًا ، فتجربة النزوح واللجوء أذاقت الجميع ألوانًا من العذاب، وأصبحت العودة إلى الموطن، أو البيوت هي الحل الأسلم لدى الكثيرين".

التاجر إبراهيم الطاهر يقر بارتفاع الأسعار في بعض المواد، ولكنه يبرر ذلك بظروف الحرب والمخاطر التي يخوضها التجار الصغار في سبيل توفير السلع للمواطنين داخل أحيائهم، إضافة إلى مشاكل توفر العملة وندرة بعض المواد الأساسية وصعوبة الحصول عليها، لكنه يشير إلى انخفاض عام في أغلب أسعار السلع، ما يجعلها سهلة الشراء.

المواطن أحمد عثمان يقول إن الأسعار متفاوتة، فبعض المواد الرمضانية زادت أسعارها مع دخول الشهر الفضيل والبعض الآخر انخفضت أسعارها بشكل ملحوظ.

ويفصل أكثر بقوله: "مثلًا جوال السكر ارتفع سعره من 118000 جنيه إلى 130000 جنيه، والزيت 5 لترات انخفض سعره من 300000 إلى 250000 جنيه، والعدس أيضًا انخفض من 75000 إلى 60000 جنيه، وجوال الرز كذلك من 50000 إلى 40000 جنيه، والأمر نفسه ينطبق على بليلة العدسية إذ انخفض سعرها من 40000 إلى 32000 جنيه، أما سعر ملوة البلح – القنديلة الجيد فظل ثابتًا عند 12000 جنيه".

ويضيف عثمان: في العموم هناك انخفاض كبير في الأسعار، في كافة المواد المهمة خلال شهر رمضان، وهذا أمر جيد بالطبع، إضافة إلى وفرة كبيرة في هذه  السلع".

وعن اللحوم يقول عثمان إن أسعارها ظلت ثابتة لم ترتفع كثيرًا، فسعر كيلو البقري ما بين 12000 و13000 جنيه، أما المفروم ما بين 14000 و15000 جنيه.

التاجر إبراهيم الطاهر، عزا انخفاض الأسعار إلى وصول شحنات من السلع التجارية مع ركود الأسواق، ويضيف: "رمضان موسم مهم بالنسبة للتجار، فإذا لم تغتنم أيام الزحمة فلن تبيع مرة أخرى، والازدحام كان آخر يومين فقط قبل رمضان".

ويتابع الطاهر: "هناك مشاكل سيولة نقدية كبيرة، وأغلب الناس بلا مال، يعتمدون على التحويلات البنكية، ويشترون حاجاتهم بمقدار".

رغم حالة الضيق التي يحسها المرء في أم درمان ومناطق أخرى من العاصمة الخرطوم وبقية ولايات السودان، إلا أن المواطنين يبدون فرحين بمقدم الشهر الكريم، آملين في أن تشهد أيامه المباركة نهايات أزمة الحرب التي طال أمدها.

الكلمات المفتاحية

الأبيض - شمال كردفان.jpg 2.jpg

في انتظار التدوين.. "عروس الرمال" مدينة الأبيض تنزف ببطء

"على قلق، في كل يوم مع مواعيد إفطار رمضان، صرنا ننتظر قذائف قوات الدعم السريع، التي لم تتوقف منذ أحد عشر يومًا، تبث الرعب والخوف بين سكان المدينة. لن تستطيع أن تخمن في أي مكان ستسقط قذيفة اليوم، فكل الأمكنة قيد "التدوين". هكذا تحدثت المواطنة فتحية التوم، من مدينة الأبيض لـ"الترا سودان"، وأضافت: "فقدنا أعزاء كثر منذ بداية الحرب، عانينا كثيرًا جدًا في الأبيض، وحين…


شارع السينما - نيالا (ويكيميديا).jpeg

نيالا.. مدينة تخيم عليها أصوات السلاح والقتل 

تعيش مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، حالة من التدهور الأمني بسبب الاستهداف الذي يتعرض له التجار في الأسواق بغرض نهب الأموال، ما أدى إلى ظهور حركة عكسية لنقل الأنشطة التجارية إلى دول الجوار.


Ramadan Charity Kitchen.png

تكايا رمضان في السودان.. موائد الرحمة في زمن الصراع

من بحري إلى أم روابة، ومن القضارف إلى المدن والقرى التي أنهكها النزاع، تتكاتف الأيدي في تكايا رمضان لتوفير وجبات تُشعر الناس بكرامتهم


مسحراتية في السودان.jpg

بالدفوف والطبول.. المسحراتية في كسلا يعودون إلى الشوارع

بالطرق على الدفوف والطبول، يطوف شبان من حي الميرغنية بمدينة كسلا شوارع الأحياء. ويعتقد مواطنون أن إحياء ظاهرة المسحراتي من الأمور التي تمنح الأمل بوجود حياة مغايرة للمجتمعات.

القصر.jpg
أخبار

معارك ضارية وسط الخرطوم والجيش يحرز تقدمًا نحو القصر 

أحرزت القوات المسلحة تقدمًا جديدًا وسط الخرطوم صباح اليوم، إثر معارك ضارية بدأت منذ الساعة الرابعة وفق مصادر محلية، فيما اضطرت قوات الدعم السريع تحت الضربات الجوية المكثفة وانتشار المشاة بالتراجع الميداني

الجيش 2.jpg
أخبار

القوات المسلحة تعلن التحام المدرعات مع القيادة العامة وسط الخرطوم 

أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد ركن نبيل عبدالله، التحام جيشي القيادة العامة وسلاح المدرعات عقب السيطرة على منطقة مستشفى الشعب اليوم الاثنين، وهزيمة قوات الدعم السريع.


Sudan Army.png
سياسة

السودان.. هل يقود صراع الفصائل العسكرية المساندة للجيش إلى الاقتتال؟

في غمرة تقدم الجيش، اندلع تنافس محموم بين الفصائل على النفوذ ومواقع التأثير السلطوي ومراكمة الثروة والاعتبار، فاشتعل خلاف معلن بين القوة المشتركة لحركات دارفور المسلحة وقوات درع السودان من جهة، وبينهما معًا في مقابل كتائب الإسلاميين من جهة أخرى

أنشئت بعثة القوة المؤقتة في أبيي في 27 حزيرانيونيو 2011 (Getty).jpg
أخبار

أعضاء بمجلس الأمن يدينون اختطاف قوات الدعم السريع لموظفين أمميين

قال أعضاء بمجلس الأمن الدولي، إن قوات الدعم السريع احتجزت 60 من حفظة السلام الأمميين، واختطفت ثمانية موظفين مدنيين، ونهبت قافلة لوجستية تتبغ لقوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا)، مكونة من ثماني مركبات و280 ألف لتر من الوقود.