06-أبريل-2022
علم السودان (Getty)

(Getty)

يستعيد السودانيون ذكرى ثورة نيسان/أبريل المجيدة في العام 1985، استلهامًا للإرث التاريخي الثوري كثاني ثورة شعبية استطاعوا فيها انتزاع السلطة من قبضة الحكم الشمولي، ليمثل تاريخ السادس من نيسان /أبريل علامة فارقة لدى السودانيين، لكونه أسهم في وضع حد لأطول وأسوأ سنوات الحكم الشمولي.

منذ الاستقلال في 1956م لم يخرج الحكم في السودان من الدائرة الشريرة لتتقاذفه بين طرفي الحكم العسكري الذي ينتهي بثورة شعبية ليأتي مرة أخرى ليستلب الإرادة الشعبية بانقلاب عسكري باطش الأمر الذي أدى لتدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية والسياسية لتستفحل معها الأزمات.

في 17 نوفمبر من العام 1958م قام الأميرلاي عبدالله خليل الذي كان يشغل حينها منصب سكرتير عام حزب الأمة، بإجراء اتصالات سرية بقيادات الجيش لحثهم على استلام السلطة، وبالفعل هو ما حدث بتسلم السلطة عبر انقلاب عسكري بواسطة الفريق إبراهيم عبود ليمثل ذلك أول مدخل للحكم العسكري الذي ظل في دوامة مستمرة ما أدى لتعطيل التجربة الديمقراطية في البلاد.

تعد ثورة أكتوبر في السودان في العام 1964 الثورة الأولى في المنطقة

وبعد ست سنوات وفي تشرين الأول/أكتوبر من العام 1964م استطاع السودانيون انتزاع السلطة من الحكم العسكري عبر ثورة شعبية تعد الأولى على المستوى الإفريقي والعربي، ليعلن الفريق إبراهيم عبود تنحيه عن السلطة. عقب انتصار الثورة الشعبية في أكتوبر؛ بدأت تتشكل معالم الحكم المدني التي تأثرت بالتجاذبات والصراعات الحزبية، وبعد نحو خمس سنوات انقض العقيد جعفر محمد نميري على السلطة مرة أخرى في أيار/مايو من العام 1969م، ليبقى على سدة الحكم لـ(16) عامًا حتى تمكن السودانيون مرة أخرى من اقتلاعه في السادس من نيسان/أبريل 1985م عبر ثورة شعبية انطلقت شرارتها في يوم 26 آذار/ مارس على أثر تظاهرة شعبية لاتحاد طلاب جامعة أم درمان الإسلامية، لتتسع معها رقعة التظاهرات رغم العنف الذي قوبلت به من قبل الأجهزة الأمنية، ما دعا النقابات والأجسام المهنية الدخول في إضراب وعصيان مدني شامل.

للمزيد من المواضيع المشابهة على "الترا سودان":

العود الأبدي.. السودان بين ديسمبر ومؤتمر الخريجين

الدولة السودانية وماراثون الدستور

هكذا استمر الوضع لـ(12) يومًا ما اضطر الجيش لإعلان الانحياز للخيار الشعبي، ليذيع المشير عبدالرحمن سوار الذهب بيان القوات المسلحة في السادس من نيسان /أبريل 1985م، لتملأ الجماهير الشوارع فرحًا بانتصارها على أعتى الدكتاتوريات، ليردد المتظاهرين حينها عدة هتافات كان أبرزها (السفاح شرد وينو)، (شعب واحد، جيش واحد)، (رأس نميري مطلب شعبي)، (لن تحكمنا عصابة مايو)، (لن تحكمنا حكومة الجوع)، (لن يحكمنا أمن الدولة)، (لن يحكمنا البنك الدولي)، (عائد عائد يا أكتوبر)، (مليون شهيد لعهد جديد)، (داون داون يو إس أيه)، (يا خرطوم ثوري ثوري ضد الحكم الدكتاتوري)؛ هكذا طويت حقبة (16) عامًا من الحكم العسكري القابض لترسخ في أذهان السودانيين عظمة التاريخ، حتى أصبح من الأيام التي يحتفى بها في ظل فترة الحكم العسكري الثالث الذي قاده العميد عمر البشير في حزيران/ يونيو 1989م ليقطع الطريق على حكومة الديمقراطية الثالثة بالانقلاب عليها والتي كان يرأسها زعيم حزب الأمة الراحل الصادق المهدي.

اقرأ/ي أيضًا: خفايا موكب 6 نيسان/أبريل.. أسرار تقال لأول مرة

استمر البشير على سدة الحكم (30) عامًا، لتفلح الثورة الشعبية القوية التي اندلعت في كانون الثاني/ديسمبر 2018م، لإنهاء حقبة الحكم العسكري الأطول في تاريخ السودان، ففي الحادي عشر من نيسان /أبريل 2019م، أعلن الجيش انحيازه للثورة الشعبية التي ظلت في حراك ثوري مستمرة لنحو أربعة أشهر، وكان السادس من نيسان/أبريل 2019م نقطة تحول فاصلة، حيث دعا تجمع المهنيين الذي كان  يقود الحراك الشعبي حينها، المواطنين للتوجه للقيادة العامة في ذكرى أبريل، وما أن وصلت الجماهير إلى قيادة الجيش؛ حتى أعلن عن عصيان مدني لإسقاط حكم البشير، وهو ما تم بالفعل بعدها بأيام.

6 أبريل 2022 قد يشكل إضافة جديدة لتواريخ السادس من أبريل في تاريخ السودان

هكذا رسخت ذكرى نيسان /أبريل في أذهان الشعب السوداني لتستدعى مرة أخرى عقب انقلاب تشرين الأول/أكتوبر 2021، الذي قاده الفريق أول عبدالفتاح البرهان قائد الجيش على الحكومة المدنية الانتقالية بتقويض الوثيقة الدستورية، إلا أن انقلاب البرهان واجهه المتظاهرون بصمود وجسارة وحراك ثوري مستمر لأكثر من خمسة أشهر، لتدعوا لجان المقاومة قائدة التظاهرات الرافضة للانقلاب  المواطنين للخروج في السادس من نيسان /أبريل 2022 أيضًا، رغم اختلاف الظروف الحالية ومصادفة الذكرى لشهر رمضان وارتفاع درجات الحرارة، في يوم قد يشكل إضافة جديدة لتواريخ السادس من نيسان/أبريل في تاريخ السودان.

اقرأ/ي أيضًا

مع "جبريل".. هل تعلق لافتات داخليات خاصة بالقبائل؟

"وصاية استعمارية".. الوساطة الأممية ومطالب الشارع